وقال رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، ورئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، في بيان مشترك :”كانت فرق التفاوض لدينا تعمل ليلاً ونهاراً خلال الأيام الأخيرة، وعلى الرغم من الإرهاق، بعد ما يقرب من عام من المفاوضات، وعلى الرغم من عدم الالتزام بالمواعيد النهائية مراراً وتكراراً، نعتقد أنه من المسؤول في هذه المرحلة بذل جهد إضافي”، وأضاف البيان: “بناءً على ذلك، أعلمنا مفاوضينا بمواصلة المفاوضات، ومعرفة ما إذا كان يمكن التوصل إلى اتفاق، حتى وإن كان في هذه المرحلة المتأخرة”، طبقاً لذات المصدر.
ما الذي يعيق إمكانية التوصل لإتفاق بين الطرفين؟
تتركز الأسباب على ثلاثة عوامل رئيسية:
أولاً، كيفية وصول الأوروبيين إلى المياه البريطانية، أو ما يتعلق “بحقوق الصيد” وهي أهم القضايا الرئيسية في المفاوضات بين الجانبين، حيث يحاول الإتحاد الأوروبي الضغط للحفاظ علي حقوقه في مياه الصيد البريطانية. حيث أنه بموجب سياسة مصايد الأسماك المشاعة، يتم منح جميع الدول الأعضاء حق الوصول إلى مياه الإتحاد الأوروبي من خلال الحصص، وبسبب إمتلاك المملكة المتحدة لمنطقة ساحلية كبيرة، فقد انتقد كثير من الأوروبيين ذلك وكانت على رأسهم فرنسا، واعتبرته غير عادل. في المقابل أكدت بريطانيا من خلال وزارة دفاعها، أنها ستضع 14ألف عسكري إضافي في تهديد صريح من أجل منع صيادي الإتحاد الأوروبي من دخول مياه الصيد البريطانية، تحسباً لخروجها المحتمل من الإتحاد الأوروبي دون إتفاق.
ثانياً، تباين الآراء حول الطريقة التي من خلالها يمكن أن يتم تسوية الخلافات بين الجانبين، من خلال التوصل لإتفاق مستقبلي.
ثالثاً، صعوبة تحقيق الضمانات التي تطالب بها بروكسل نظيرتها لندن، فيما يتعلق بمجال التنافسية في مقابل الوصول الحر لأسواق الإتحاد الأوروبي، حيث يرغب الأوروبيون في ضمان عملية التوفيق بين معاييرهم الإجتماعية والبيئية والضريبية مع بريطانيا، وذلك من أجل تجنب المنافسة العشوائية.
بريطانيا أكثر المتضررين بالخروج من الإتحاد دون إتفاق
من المتوقع أن يؤدي خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي دون إتفاق إلى تراجع ملحوظ للإقتصاد البريطاني، الذي يعاني آيضاً في الفترة الحالية من تداعيات فيروس “كورونا”، ومن المحتمل أن يستغرق تعافي الإقتصاد البريطاني من آثار الخروج “دون إتفاق” وقتاً طويلاً. وهو ما قد ورد في مستندات رسمية كشفت عنها الحكومة المحافظة السابقة برئاسة “تيريزا ماي” في أواخر عام 2018، فبحسب التقديرات آنذاك، سيتسبب الخروج من الإتحاد الأوروبي “بدون اتفاق” إلى تراجع في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 7,6% على مدى 15 عاماً.
كما أنه من المتوقع أن تشهد شركات كثيرة ارتفاع تكاليفها في ليلة وضحاها، ومن المنتظر أن تزيد أسعار السلع والمنتجات بالنسبة للمستهلكين أيضاً خصوصا في مجال الأغذية والمنتجات الطازجة، التي يتم استيراد قسم كبير منها من الاتحاد الأوروبي، فمع تزايد السلع المستوردة، من الممكن أن يؤدي ذلك لإنهيار محتمل لقيمة الجنيه الإسترليني.
هل لا زالت آمال التوصل لإتفاق موجودة؟
في الواقع، الأمور أصبحت أكثر تعقيداً، مما يعني أن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي “بلا إتفاق” في 31 ديسمبر/ كانون الأول، هو الأكثر ترجيحاً، وهو ما يعني أن المبادلات التجارية بين الطرفين ستخضع لقواعد منظمة التجارة العالمية. فرغم وجود تقدم محرز بشأن المسائل الخلافية بين الطرفين، إلا أن ذلك لا يزال غير كافٍ للتوصل لإتفاق في الوقت القصير المتبقي للطرفين.
ومن المقرر أن تخرج بريطانيا من الإتحاد الأوروبي في مطلع يناير/ كانون الثاني المقبل، لكنها ستظل عضواً غير رسمي حتي 31 ديسمبر/ كانون الأول من العام القادم، ستبقى فيها لندن ضمن السوق الموحدة للإتحاد الأوروبي والإتحاد الجمركي.
فريق عمل “رياليست”.