تتواتر معلومات تشير الى نية القيادة العسكرية الأمريكية الى نقل مقر قيادة أفريكوم من قاعدة شتوتغارت بألمانيا الى بلد إفريقي، وهناك خيارات متعددة بين الدول الإفريقية، حيث رشحت تقارير تؤكد أن دولة الكونغو الديمقراطية تعد إحدى الخيارات المطروحة، ولكن مع سلسلة الزيارات المتكررة من طرف قيادة أفريكوم للخرطوم ذهب البعض الى أن السودان ربما يكون من ضمن الخيارات الامريكية، ولكن السؤال المطروح ما هو الخيار الامثل والاستراتيجي بنظر القيادة الامريكية؟.
وإذا قمنا بعملية تفاضل جيوبولوتيكي بين كل من السودان وجمهورية الكونغو الديمقراطية من حيث الموقع الاستراتيجي وقربه من ساحة التفاعلات الإقليمية والدولية وأهداف الولايات المتحدة الامريكية من نقل القاعدة، والحالة الداخلية لهاتين الدولتين، يمكن أن نقرا ذلك في الاتي:
– من حيث الموقع الاستراتيجي: السودان يحتل رقعة جغرافية مهمة مطلة على البحر الاحمر إحدى الممرات المائية التجارية المهمة، ويشغل موقع جغرافي مؤثر في أمن واستقرار منطقتي القرن الإفريقي والشرق الاوسط على حد سواء، مما منحه فرصة لعب دور فاعل في رسم تفاعلات هذه المناطق الحيوية والمهمة في المدرك الاستراتيجي الامريكي على مر الزمان.
فضلاً عن أن حالة الصراع الدولي والإقليمي القائمة في منطقة القرن الإفريقي، بين الصين والولايات المتحدة الامريكية من جهة وبين الأخيرة وروسيا من جهة أخرى، يحمل واشنطن الى التواجد في السودان من اجل تقوية نفوذها فيه بحيث تتمكن في مجابهة النفوذ الصيني المتزايد في القارة ومنطقة القرن الإفريقي بشكل خاص.
وأما ما يميز موقع دولة الكونغو الديمقراطية الجغرافي هو قربه من دول الساحل الإفريقي والتي تزايد فيها نشاط المجموعات الإرهابية بصورة ملاحظة حتى بدأت تهدد مصالح الولايات المتحدة الامريكية وحلفائه في المنطقة، ولكن إذا ما نظرنا الى موقع السودان كذلك يمكن أن نقول ان السوادن يشارك دولة الكونغو في هذه الخاصية الاستراتيجية بحكم مجاورته لدول تشاد المركزية في مجابهة المجاميع المسلحة الإرهابية في منطقة الساحل الافريقي.
– من حيث الاهداف والأسباب: ثمة أسباب عديدة تكمن وراء إنشاء القيادة الأمريكية في أفريقيا، وهي:
1. تنامي ظاهرة الإرهاب الدولي في دول الصحراء الأفريقية.
2. تزايد الاعتماد الأمريكي على مصادر الطاقة من دولا القارة الأفريقية.
3. زيادة الضغوط على قوات كينتكوم وإيوكوم) نتيجة للحرب في العراق وأفغانستان)
4. نمو العلاقات بين الصين والدول الافريقية.
وبالنظر الى الأهداف والأسباب المرجوة من تأسيس قوات أفريكوم يمكن القول أن السودان بحكم قربه من دول الساحل الإفريقي وإفريقيا جنوب الصحراء ووفرة الموارد الطبيعية فيه يمكن أن يسهم في تحقيق هذه الاهداف بصورة كاملة، فضلاً عن دوره المخابراتي في مجابهة المنظمات الارهابية المهم والذي أشادت به الأجهزة الامنية والمخابراتية الأمريكية. ولكن فيما يلي خاصية الموارد الطبيعية يمكن القول بأن الكونغو تتمتع بموارد طاقة وطبيعية تلبي احتياجات الولايات المتحدة الامريكية بأكمل وجه.
– من حيث الاوضاع الداخلية: إن الاوضاع الداخلية في كل من السودان والكونغو متشابه الى حد ما، وحالة الهشاشة الأمنية في البلدين متفاوتة، ولكن بالنظر الى قدرة القوات الامنية والعسكرية في كلا البلدين يلاحظ أن هناك حالة تماسك بين القوات المسلحة السودانية أفضل وأن حالة الانشقاق بين صفوفها منعدمة بالنظر الى الجيش الكونغولي الذي يعاني من حالة الانشطارات المتكررة. وبالتالي السودان بقواته الأمنية المتماسكة وحالة التماسك الوطني المتوقعة بين أطرافه السياسية بعثت روح التفاؤل في نائب قائد القيادة العسكرية الامريكية في افريقيا “افريكوم” السفير أندرو يانغ الذي زار الخرطوم مؤخراً.
وبالمحصلة، يمكن القول أن المقارنة بين السودان والكونغو من حيث الموقع الجيوستراتيجي والميز السياسية والاقتصادية والتماسك بين القوات الامنية والعسكرية يجعل السودان الخيار الانسب بالنسبة الى خطوة نقل مقر القيادة العسكرية الامريكية في افريقيا “أفريكوم” ما لم تضع القيادة الامريكية اعتبارت أخرى تمنع هذه الخطوة، بحكم أن الانتقال في السودان يواجه عثرات كبيرة وأن الأوضاع الداخلية فيه قد تكون آليه للتبدل والتحول في أي لحظة.
إبراهيم ناصر- باحث في الشأن الافريقي، خاص “رياليست”.