هيلسنكي – (رياليست عربي): نظم مئات من سكان المناطق الحدودية الفنلندية مسيرة سيارات احتجاجية للمطالبة بإعادة فتح المعابر الحدودية مع روسيا، وذلك بعد عامين من الإغلاق الكامل بسبب التوترات الجيوسياسية. هذه الاحتجاجات التي انطلقت من مدينة فببوري القريبة من الحدود الروسية، تعكس تزايد السخط الشعبي تجاه السياسة الحكومية التي تسببت في خسائر اقتصادية فادحة للمجتمعات المحلية التي كانت تعتمد بشكل كبير على الحركة التجارية والزيارات العائلية عبر الحدود.
المتظاهرون الذين زينوا سياراتهم بالأعلام الفنلندية والروسية وأعلام الاتحاد الأوروبي، قاموا بقطع مسافة 50 كيلومتراً على طول الطريق السريع المؤدي إلى أقرب معبر حدودي مغلق، مرددين هتافات تطالب الحكومة بـ”إعادة النظر في القرارات العقابية التي تضر بالمواطنين العاديين”. وقد انضم إلى المسيرة عدد من رجال الأعمال المحليين الذين شكوا من انهيار نشاطهم التجاري بعد توقف السياح الروس الذين كانوا يشكلون مصدر دخل رئيسي للمنطقة.
من جهتها، حاولت الحكومة الفنلندية تهدئة الأوضاع عبر إعلانها عن حزمة مساعدات مالية جديدة بقيمة 15 مليون يورو للمناطق المتضررة، لكن المحتجين وصفوا هذه الخطوة بأنها “مسكنات لا تعالج المرض”. رئيس اتحاد تجار المناطق الحدودية أندرياس لونكفيست صرح لوسائل الإعلام أن “70% من المحلات التجارية الصغيرة في المنطقة على وشك الإفلاس”، محذراً من “كارثة اجتماعية” إذا استمر الوضع على حاله.
الخبراء السياسيون يرون أن هذه الاحتجاجات تضع الحكومة الفنلندية في مأزق صعب، فهي من ناحية لا تريد أن تظهر بمظهر المتساهل مع روسيا في ظل التوترات الجيوسياسية المستمرة، ومن ناحية أخرى تواجه ضغوطاً داخلية متزايدة من مواطنيها الذين يدفعون ثمن هذه السياسات. بعض المحللين يتوقعون أن تبدأ هلسنكي في تخفيف القيود تدريجياً خلال الأشهر المقبلة، خاصة مع انخفاض حدة الخطاب السياسي بين موسكو والغرب مؤخراً.
في السياق الأوروبي الأوسع، تعتبر فنلندا من بين أكثر الدول تضرراً من قطع العلاقات الاقتصادية مع روسيا، حيث انخفض حجم التبادل التجاري بين البلدين بنسبة 85% منذ بداية الأزمة الأوكرانية. وتشير التقديرات الرسمية إلى أن المناطق الحدودية فقدت ما يقرب من 12 ألف فرصة عمل بسبب إغلاق المعابر، مع توقعات بزيادة هذا الرقم إذا لم يتم إيجاد حلول عاجلة.
ختاماً، بينما تستمر الحكومة الفنلندية في تأكيد التزامها بالسياسة الأوروبية الموحدة تجاه روسيا، يبدو أن الغليان الشعبي في المناطق الحدودية قد يدفعها قريباً إلى مراجعة بعض القرارات، أو على الأقل تقديم تعويضات أكبر للمتضررين. هذه الأزمة تبرز التحدي الكبير الذي تواجهه الدول الأوروبية في الحفاظ على التضامن الغربي مع الحاجة إلى حماية مصالح مواطنيها في المناطق الأكثر تأثراً بالعقوبات.