القاهرة – (رياليست عربي): بات سعي تركيا عبر نظام الرئيس رجب طيب أردوغان، لإقامة علاقات طبيعية مع مصر ، واضحا و حثيثا من جانب أنقرة في ظل تنامى قوة مصر في عدة ملفات منها ما هو سياسي واستراتيجي وعسكري وما يتعلق بالطاقة في منطقة شرق المتوسط، وهذه العلاقات هي التي وصلت في أحيان طويلة إلى عداء بين مصر وتركيا، نظرا لقيام الأخيرة بدعم جماعة “الإخوان المسلمين” ووضع ثقل “أنقرة” تحت أمرة جماعة “الإخوان” ورفض الاعتراف من جانب تركيا بثورة 30 يونيو المصرية في عام 2013 ووصف لإسقاط نظام “الإخوان” عبر الرئيس الأسبق محمد مرسي على أنه انقلاب عسكري من جانب قائد الجيش وقتئذ الذي أصبح رئيسا لمصر منذ عام 2014 حتى الآن.
وفي ظل رغبة نظام “أردوغان” لتطبيع العلاقات مع مصر، هناك عدة شروط من جانب القاهرة لإقامة علاقات طبيعية مع تركيا.
وفي هذا الصدد، توقع أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، د. طارق فهمي، 5 شروط تضعها مصر للتطبيع مع تركيا من وجهة نظره، وفي صدارة ذلك، قيام “أنقرة” بحسم الملفات المعلقة مع مصر بجدية، وهي ملف جماعة “الإخوان” المصنفة بـ”الإرهابية” في مصر والتي تحتويها تركيا إداريا وتنظيميا وتعتبر ملاذا آمنا قيادتها وعناصرها والتعامل مع المنصات الإعلامية والسياسية الإخوانية المعادية لمصر والتي تبث من اسطنبول التركية.
أما الشرط الثاني، بحسب “فهمي”، قيام تركيا بالاعتراف بـ”قبرص” اليونانية والقبول بتوحيد قبرص التركية واليونانية كشرط لدخول منتدى غاز المتوسط الذي ترغب تركيا في دخوله وتعتبر مصر العنصر الأساسي فيه وهي التي قامت بتأسيسه، وذلك في الوقت الذي يجمع مصر مع اليونان وقبرص علاقات على أعلى مستوى بمثابة الحلفاء بشكل كامل.
ويعتبر الشرط الثالث، هو قيام تركيا بسحب عناصرها وقواتها من ليبيا ووقف تمويل العناصر الإرهابية هناك الأمر الذي يهدد الأمن القومي المصري من ناحية الغرب، والشرط الرابع يذهب إلى ضرورة قيام تركيا، بإعادة النظر في تدخلاتها في شؤون دول عربية على رأسها العراق وسوريا، بجانب الشرط الخامس، وهو وصول تركيا إلى مقاربة مختلفة وجديدة في صراعاتها مع اليونان ودول الإقليم.
وتسعى تركيا لإقامة علاقات طبيعية مع مصر لعدة أسباب، من بينها تخطيطها لدخول المنظمة الاقليمية للغاز وبناء استراتيجية مشتركة قوامها المصالح الكبرى للدولة التركية.
وبجانب ذلك، تحفز تلك المساعي، وجود تقييم تركي شامل صادر من أجهزة معلوماتها المختلفة، بتنامي قوة مصر العسكرية ليس في ليبيا وإنما في الإقليم بأكمله، في ظل نجاح مصر في محاصرة تركيا في شرق المتوسط ، الأمر الذي حاولت أنقرة ضربه عندما عملت على تهدين الأمن القومي المصري في مسرح عمليات ليبيا، ليحدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي حينئذ “سرت – الجفرا” على أنه “خط أحمر” في يونيو 2020، عندما قال الرئيس المصري وقت ذلك، إن أي تدخل مصري مباشر في ليبيا بات شرعيا، وأن جاهزية القوات المصرية للقتال صارت أمرا ضروريا، مشددا على أن مصر حريصة على التوصل إلى تسوية شاملة في ليبيا، كما أنها حريصة على سيادة ووحدة الأراضي الليبية، مشيرا إلى أن “سرت والجفرة خط أحمر”.
وتستكمل مساعي أنقرة في تطبيع العلاقات مع مصر، وصول الجيش المصري في مناوراته وتدريباته إلي البحر الأسود في ظهر تركيا، في ظل وجود عقدة تاريخية لتركيا من الجيش المصري في عهد والي مصر محمد علي في القرن التاسع عشر، عندما وصل الجيش المصري إلى البحر الأسود وبات على أعتاب العاصمة وقتئذ “إسطنبول” في عهد الدولة العثمانية “تركيا حاليا” وكان إزاحة الحكم العثماني قائما لولا تدخل الدول الأوروبية التي تم الاستنجاد بها من جانب تركيا.
وعادت بقوة مسار الحديث عن عودة العلاقات بين مصر وتركيا، عندما التقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتمت مصافحتهم بحضور أمير قطر تميم بن حمد في حفل افتتاح كأس العالم.
ومؤخرا، علق الرئيس التركي عن التطبيع مع مصر، بالحديث عن أن عملية بناء العلاقات مع مصر ستبدأ باجتماع وزراء من البلدين، وإن المحادثات ستتطور انطلاقا من ذلك، موضحا أنه تحدث مع “السيسي” لنحو 30 إلى 45 دقيقة في ذلك اللقاء، وتم التركيز في المحادثات على إتمام زيارات الوزراء على مستوى منخفض، لتكون بعد ذلك المحادثات على نطاق واسع.