موسكو – (رياليست عربي): المتابع لكل من السياسة الأمريكية والروسية، يعلم بأنهما يشتركان في شيء واحد فقط، وهو القدرة على الفصل بين الملفات الشائكة، فهما يختلفان ويتصارعان في كثير من القضايا، لكنهما قد يلتقيان في ملفات آخرى، وهنا يتم الفصل بين الصراع التاريخي والمصالح التكتيكية الحالية.
ملفات عديدة شائكة توضع على مائدة الكباش السياسي بين موسكو وواشنطن، كالملف الأوكراني، وأحداث كازاخستان الأخيرة، مروراً بالملف السوري، والوضع في ليبيا، ومسألة الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى وتوسع حلف الناتو مقابل تمدد الروس على المياه الدافئة وفي الشرق الأوسط.
لكن ما سبق لا يعني بأن جولان الكباش تسير على وتيرة منخفضة، إذ تعيش العلاقات الأمريكية – الروسية توتراً جديداً تمثل بتبادل تصريحات عدائية بين الجانبين قبل وبعد انتهاء المحادثات الأمريكية – الروسية في جنيف.
آخر تلك التصريحات كانت للسفير الروسي لدى واشنطن أناتولي أنتونوف والذي أكد رفض بلاده للتصريحات الأمريكية الاستفزازية الأخيرة، مؤكداً أن هدفها نسف عملية التفاوض بين موسكو وواشنطن، مُبدياً استعداد روسيا لمناقشة موضوعية للوثائق الروسية التي يجب اعتمادها في أقرب وقت ممكن لاستقرار الوضع في أوروبا، وختم السفير الروسي قائلاً بأن الجانب الأمريكي يعتمد المعلومات المضللة بشأن روسيا ويتهمها بارتكاب جميع الأخطاء والذنوب وفق تعبيره.
وكانت واشنطن قد اتهمت موسكو عبر نائب وزير الخارجية الأمريكي، فيكتوريا نولاند، بأنها المسؤولة عن افتعال التوتر في أوكرانيا، وتزامن ذلك الاتهام مع تصريحات لمندوبة واشنطن الدائمة لدى الناتو، جوليان سميث، بأن الولايات المتحدة لا ترى فرصاً كبيرة للتوصل إلى حل توافقي مع روسيا حول موضوع توسع الحلف إلى الشرق.
فيما يُعقد حالياً اجتماع لمجلس روسيا – الناتو في بروكسل ببلجيكا على أن تُقام جلسات مفاوضات قادمة من أجل الضمانات الأمنية بين الجانبين، وقد أعلنت الخارجية الروسية بأن وفدها يعول على حوار بناء وجوهري مع الناتو.
وبالتالي، فإن ملف أوكرانيا ووضع خطوط حمراء من كل جانب للآخر لا يجب عليه تخطيها، هو المتوقع من نتائج الاجتماعات بين الجانبين، إذ أن إنزلاق الملف الأوكراني لمزيد من التوتر سيعني أزمة عالمية ستتشظى آثارها لتصل إلى دول كثيرة، من بينها دول في الشرق الأوسط، فهل تستغل روسيا ذلك وتطلب مقابل إبداء مرونتها أثماناً في ملفات شرق أوسطية؟ ماذا يمكن للناتو ومن ورائها واشنطن أن يطلبوا من موسكو في المقابل؟ مما لا شك فيه أن ملف أوكرانيا حالياً سيجعل الروس متأهبين أكثر في ملفات أخرة كالملف السوري مثلاً.
خاص وكالة رياليست.