تونس – (رياليست عربي): لم تنعم تونس بفترة هدوء حقيقي منذ اندلاع الأحداث فيها قبل سنوات، وسط مخاوف من أن يقوم التيار الديني في هذا البلد بإعادة سيناريو إشعال الشارع، لا سيما بعد دعوة حزب النهضة التونسي أنصاره إلى المشاركة في مظاهرات مزمعة في 14 الشهر الجاري للاحتجاج على قرارات للرئيس قيس سعيد تمنحه سلطات شبه مطلقة وفق تعبير الحزب.
كان سعيد أعلن في سبتمبر/ أيلول الماضي (2021) أنه سيحكم بالمراسيم ولن يعمل بأجزاء من الدستور في إطار مساع لتغيير النظام السياسي. والنهضة حزب إسلامي معتدل وهو الأكبر في البرلمان التونسي الذي علقه سعيد في يوليو/ تموز الماضي (2021).
ولقد تم اختيار 14 يناير/ كانون الثاني لرمزيته، لأنه تاريخ الثورة التي أطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، لكن سعيد غير تاريخ الاحتفال إلى 17 ديسمبر/ كانون الأول، وهو اليوم الذي أحرق فيه بائع الفاكهة محمد البوعزيزي نفسه بعد عراك مع شرطية، وهي الواقعة التي أوقدت شرارة الانتفاضة.
وفي رمزية تلك التواريخ، واختلافها، يتبين الخلاف الشاسع بين أصحاب نظرية مدنية الدولة، وبين أعضاء التيار الديني في تونس، كما أن رمزية التاريخ الذي اختاره الرئيس سعيد يشير إلى دعمه للشارع البسيط البعيد عن الأدلجة الدينية، حيث يريد القول بأن الثورة خرجت بسبب معاناة الناس، وليس بهدف سياسي يمثله بن علي، فيما التيار الإخواني المتمثل بالنهضة أراد التشبيه ما بين الرئيس سعيد والرئيس بن علي، ولذلك اختار النهضة تاريخ إزاحة بن علي وهو 14 يناير/ كانون الثاني، وهي في ذات الوقت إشارة خطيرة، على نية النهضة إشعال ثورة ثانية، تستهدف الرئيس سعيد كما استهدفت الثورة الأولى بن علي.
في الفترة القادمة سيلجأ التيار الديني ممثلاً بالنهضة والتيارات السلفية للتكتل ضمن مظاهرات شعبية حاشدة، قد يتخللها أعمال شغب وتخريب، قد تجر البلد إلى مواجهات بين الأمن وهؤلاء من جهة، وكذلك بين أنصار التيار المدني والحداثي وبين أنصار الإخوان المسلمين من جهة أخرى، مما يعني بأن هناك احتمالاً لأن يعمد النهضة إلى قلب الطاولة في الداخل التونسي على الرئاسة والحكومة، ويعيد الحراك إلى الشارع.
خاص وكالة رياليست.