أنقرة – (رياليست عربي): في تطور دبلوماسي جديد، أكدت تركيا عزمها على مواصلة دورها كوسيط رئيسي في الأزمة الأوكرانية، يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه الأزمة الأوكرانية تعقيدات متزايدة، مع استمرار العمليات العسكرية وتباين المواقف الدولية حول سبل إنهاء الصراع.
الموقف التركي يكتسب أهمية خاصة نظراً للعلاقات الفريدة التي تربط أنقرة بكلا الطرفين المتحاربين. فمن جهة، تحتفظ تركيا بعلاقات استراتيجية مع أوكرانيا، بما في ذلك اتفاقيات تعاون عسكري واقتصادي. ومن جهة أخرى، تتمتع بعلاقات متوازنة مع روسيا، خاصة في مجالات الطاقة والسياحة. هذا التوازن الدقيق يمكن أن يكون مفتاحاً لتحقيق اختراق دبلوماسي في الأزمة المستعصية.
تشير التحليلات إلى أن تركيا تعتمد في وساطتها على عدة محاور رئيسية. أولاً، الجهود المتعلقة بتجديد اتفاق تصدير الحبوب عبر البحر الأسود، والذي كان قد انهار سابقاً. ثانياً، المساعي لترتيب تبادل أسرى بين الجانبين. ثالثاً، المحاولات لإيجاد صيغة للسلام تحفظ المصالح الأساسية للطرفين. وتجدر الإشارة إلى أن أنقرة نجحت سابقاً في استضافة مفاوضات بين ممثلي موسكو وكييف في الأشهر الأولى من الحرب.
الدور التركي يأتي في سياق جهود دولية متعددة لحل الأزمة الأوكرانية، لكنه يتميز بخصوصية معينة. فتركيا، كعضو في حلف الناتو، تتمتع بقدرة فريدة على الحوار مع روسيا، في وقت توترت فيه علاقات موسكو مع معظم الدول الغربية. كما أن لديها مصالح اقتصادية كبيرة في المنطقة، خاصة في مجال الطاقة والنقل.
المتابعون للشأن التركي يلاحظون أن أنقرة تحرص على توظيف دبلوماسيتها النشطة لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية. فبالإضافة إلى الملف الأوكراني، تلعب تركيا أدواراً وساطية في عدة أزمات إقليمية، مثل النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، والأزمة الليبية. هذا النهج الدبلوماسي المتعدد الجبهات يعكس رؤية الرئيس أردوغان لتركيا كقوة إقليمية فاعلة.
في السياق الأوكراني، تواجه الوساطة التركية عدة تحديات. أبرزها التصعيد العسكري المستمر، والمواقف المتصلبة لكلا الجانبين، والانقسام الدولي حول سبل إنهاء الأزمة. كما أن أي تقدم في المسار الدبلوماسي يحتاج إلى تنسيق مع الجهود الدولية الأخرى، خاصة تلك التي تقودها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.