موسكو – (رياليست عربي): أكد دميتري بيسكوڤ الناطق الرسمي باسم الكرملين استحالة دفع روسيا نحو طاولة المفاوضات عبر الضغط أو القوة، جاءت هذه التصريحات في وقت تشهد فيه الأوضاع الدولية توترات متصاعدة حول الأزمة الأوكرانية، حيث أشار بيسكوڤ إلى أن موسكو لن تقبل أبداً أسلوب المفاوضات تحت التهديد.
هذا الموقف الروسي الثابت يأتي في إطار سياسة الكرملين المعلنة منذ بداية العملية العسكرية الخاصة، والتي تؤكد أن الحلول السياسية يجب أن تأتي عبر قنوات الحوار المباشر دون شروط مسبقة أو ضغوط خارجية. وأوضح المتحدث الرئاسي أن أي محاولات للضغط على روسيا عبر العقوبات أو التهديدات العسكرية لن تؤدي إلا إلى تعقيد الأوضاع أكثر.
ومن جهة أخرى، يشير مراقبون إلى أن هذه التصريحات تزامنت مع تصاعد الدعوات الغربية لاستئناف المفاوضات بين موسكو وكييف، لكن مع فرض شروط مسبقة على الجانب الروسي. وفي هذا السياق، أكد بيسكوڤ أن بلاده مستعدة للحوار، لكن ليس تحت تهديد السلاح أو مع وجود أجندات خارجية تحاول فرض رؤيتها على الطرفين.
الخبراء السياسيون يرون في هذه المواقف تعبيراً عن الثقة الروسية بالمكاسب العسكرية التي حققتها على الأرض، حيث تمكنت القوات الروسية خلال الأشهر الأخيرة من تعزيز مواقعها في عدة جبهات. كما أن الاقتصاد الروسي أظهر مرونة كبيرة في مواجهة الحزمة العقابية الغربية، مما أعطى موسكو هامشاً أكبر في التفاوض.
في الجانب الأوكراني، تبدو المواقف أكثر تشدداً مع إصرار كييف على ضرورة انسحاب القوات الروسية إلى حدود ما قبل 2014 كشرط مسبق لأي مفاوضات. هذا الموقف الذي تدعمه واشنطن والاتحاد الأوروبي يصطدم بالرؤية الروسية التي تعتبر أن الحقائق الجديدة على الأرض يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار في أي تسوية سياسية محتملة.
المشهد الدولي الحالي يشهد تناقضات واضحة، فبينما تتصاعد الأصوات الداعية لوقف إطلاق النار، نجد أن تدفق الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا لم يتوقف، بل إن بعض الدول بدأت تزود كييف بأنظمة أسلحة أكثر تطوراً هذا التناقض يطرح تساؤلات حول جدية الأطراف الدولية في الوصول إلى حل سلمي، أو أن الصراع قد يدخل مرحلة جديدة من التصعيد.
في خضم هذه التطورات، تبرز الحاجة إلى آليات دبلوماسية أكثر فعالية، بعيداً عن لغة التهديد والضغوط التي أثبتت فشلها في إيجاد حلول دائمة. التجربة التاريخية تظهر أن الحلول المستدامة للصراعات الكبرى تأتي عادة عبر مفاوضات متوازنة تأخذ بعين الاعتبار مصالح جميع الأطراف، وليس عبر محاولات فرض الرأي بالقوة.