طهران – (رياليست عربي): في تطور يزيد من حدة التوترات النووية الدولية، أقرّ البرلمان الإيراني مشروع قانون لتعليق التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، وذلك في خطوة تعكس تصاعد الخلاف بين طهران والمجتمع الدولي حول الملف النووي، يأتي هذا القرار في وقت تشتد فيه العقوبات الغربية على إيران، بينما تواصل الأخيرة تطوير برنامجها النووي وسط تحذيرات دولية متكررة.
يشمل القرار الإيراني تعليقاً للتعاون مع مفتشي الوكالة الدولية، بما في ذلك تقييد وصولهم إلى المنشآت النووية، وهو ما يمثل انتكاسة كبيرة لجهود الرقابة الدولية على الأنشطة النووية الإيرانية. وقد بررت طهران قرارها بأنه رد على “الضغوط غير المبررة” و”السياسات المتحيزة” من قبل الوكالة والدول الغربية، في إشارة إلى سلسلة التقارير التي انتقدت فيها الوكالة عدم شفافية البرنامج النووي الإيراني.
ردود الفعل الدولية جاءت سريعة وحادة، حيث أدانت الدول الأوروبية والولايات المتحدة القرار الإيراني، معتبرة إياه تهديداً خطيراً للنظام العالمي لمنع الانتشار النووي. من جهة أخرى، أبدت روسيا والصين موقفاً أكثر تحفظاً، داعيتين إلى حل الخلافات عبر الحوار الدبلوماسي بدلاً من التصعيد.
على الصعيد الإقليمي، يثير القرار الإيراني مخاوف جادة لدى الدول المجاورة، وخاصة إسرائيل التي تعتبر البرنامج النووي الإيراني تهديداً وجودياً لها. وقد حذر خبراء أمنيون من أن تعليق التعاون مع الوكالة الدولية قد يدفع المنطقة إلى دوامة جديدة من التصعيد، خاصة في ظل عدم وجود آليات رقابة دولية مستقلة على المنشآت النووية الإيرانية.
من الناحية الفنية، يحمل هذا القرار مخاطر جسيمة على نظام الرقابة النووية العالمية، حيث سيحرم المفتشين الدوليين من القدرة على التحقق من التزام إيران ببنود الاتفاق النووي. كما قد يؤدي إلى خلق “مناطق عمياء” في المعرفة الدولية حول التطورات الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني، مما يزيد من احتمالات سوء التقدير والتصرف.
في الخلفية الاقتصادية، يأتي القرار الإيراني في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية حادة بسبب العقوبات الدولية، مما يدفع بالبعض إلى تفسير هذه الخطوة على أنها محاولة لخلق ورقة ضغط جديدة في المفاوضات مع الغرب. إلا أن المحللين يحذرون من أن هذه الاستراتيجية قد تأتي بنتائج عكسية، حيث قد تدفع المجتمع الدولي إلى تشديد العقوبات بدلاً من تخفيفها.
المستقبل يبدو غامضاً بالنسبة للملف النووي الإيراني، فمن ناحية تزداد عزلة طهران الدولية، ومن ناحية أخرى يبدو أنها عازمة على المضي قدماً في سياسة الردع النووي. وفي حين تؤكد القيادة الإيرانية أن قرار التعليق مؤقت وقابل للتراجع، إلا أن استمرار هذا المسار قد يدفع بالأزمة إلى نقطة اللاعودة، مع ما يحمله ذلك من تهديدات للاستقرار الإقليمي والعالمي.