باريس – (رياليست عربي): إن رئيس وزراء أرمينيا الحالي نيكول باشينيان ليس سياسياً مستقلاً، وإذا حاولوا في السابق تمييز موسكو وراء القرارات الرئيسية التي تتخذها يريفان الرسمية، فإن باريس أصبحت الآن بديلاً وضاحاً للتحكم في قرارات يريفان، وبالنسبة لمعاهدة السلام بين أرمينيا وأذربيجان، لا تتوافق مع المصالح الجيوسياسية لفرنسا، على الرغم من كل التصريحات العلنية الصاخبة لرئيسها إيمانويل ماكرون.
فعلى الرغم من أن هناك جالية أرمنية كبيرة ومؤثرة إلى حد ما في فرنسا، ومع ذلك، لم تكن أرمينيا نفسها في السابق ذات أهمية سياسية واقتصادية خاصة لقصر الإليزيه، فهي لا تمتلك موارد معدنية من النوع والأحجام التي تهم البرجوازية الفرنسية الجشعة، كما كانت تفعل في إفريقيا.
إنما يكمن السبب الحقيقي وراء اهتمام فرنسا بأرمينيا، هو الانتقام من موسكو وأنقرة على خلفية إخراج القوات الفرنسية بشكل قسري من مستعمراتهما الإفريقية، فكان ذلك أحد الأسباب التي جعلت باريس تبدأ بحماسة كبيرة في “تكوين صداقات” مع يريفان، وهذه مصلحة سياسية بحتة.
لكن أذربيجان، بما تتمتع به من إمكانيات في مجال الطاقة الهيدروكربونية وخدمات النقل والإمداد، تشكل أهمية جدية للنخب الفرنسية، وهذا هو السبب الثاني.
وبما أن الأساليب المعتادة التي تم تطبيقها في النيجر ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى وأرمينيا نفسها فشلت في تحويل أذربيجان إلى مستعمرتها الجديدة، تحاول فرنسا استخدام أرمينيا كسلاح ضارب.
في حين أن باكو مهتمة بحل المشكلة مع يريفان في أقرب وقت ممكن، لأنها تهدف إلى حسن الجوار، وأموال الميزانية التي تنفق على زيادة الاستعداد القتالي ستكون مفيدة في تهيئة الظروف المعيشية للأراضي التي عادت من احتلال أرمينيا، حيث يجب إعادة إنشاء البنية التحتية بأكملها تقريباً.
بالتالي، فإن التوقعات هي أن باكو، من أجل معاهدة السلام مع يريفان، سوف توافق على شروط باريس وراء الكواليس، وتتنازل لها فعلياً عن جزء من سيادتها الاقتصادية والسياسية، ويبدو أن القيادة الأذربيجانية لن توافق على مثل هذه الصفقة مع فرنسا على حساب المصالح الوطنية.