واشنطن – (رياليست عربي): توقع الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب (جمهوري) انهيار الولايات المتحدة الأمريكية خلال ثلاث سنوات من الآن، واعتمد الرئيس المثير للجدل في رؤيته على ما اعتبره السياسات الخاطئة للإدارة الحالية للبلاد بقيادة جوزيف بايدن (ديمقراطي).
حديث ترامب المثير للجدل حول سقوط أمريكا وانهيارها، جاء في سياق تصريحات نقلتها الصحافة الأمريكية من محتوى رده على نيته الترشح مرة أخرى للانتخابات الرئاسية عام 2024، بعد انتهاء الولاية الأولى للرئيس الديمقراطي الحالي للبلاد، وأكد دونالد أنه لا يفكر في هذا الأمر مرجّعاً السبب لعدم وجود الولايات المتحدة وقتها.
وبالرغم من سخرية البعض من تصريحات الرئيس الأسبق للولايات المتحدة، لكنه ربما يكون أصاب كبد الحقيقة مع الاختلاف في توقيت الانهيار سواء سنوات أو عقود، فالمتابع للسياسة الأمريكية حالياً داخلياً وخارجياً يرى لحد كبير مدى التخبط والارتجال في القرارات، وفقدان واشنطن للثقل الإستراتيجي لدرجة تدفع دول نامية بعدم الانصياع لمطالبه كما كان يحدث في العقود السابقة.
وبالنظر إلى ما يحدث في السودان وإثيوبيا وغيرها من مناطق الصراع في الشرق الأوسط، تظهر بقوة ملامح غياب التأثير الأمريكي لدرجة دفعت واشنطن للطلب من تل أبيب التدخل لدى رئيس مجلس السيادة السوداني، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، لإنهاء ما تراه انقلاباً عسكرياً، والأمر ذاته يحدث في إثيوبيا التي رفض رئيس وزرائها آبي أحمد، استقبال مبعوث بايدن للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، خلال أكثر من زيارة، في رسالة واضحة على غياب فاعلية البيت الأبيض التي كان عليها سابقاً.
خارجياً أيضاً على صعيد الصراع الدولي الذي تخوضه واشنطن مع بكين وموسكو، تبدو الصورة الأمريكية باهتة الفاعلية، بطريقة ليست أقل ضعفاً من طريقة إخلاء قواتها من أفغانستان وترك الدولة فريسة لعناصر طالبان التي تمارس جميع أشكال العنف الأيديولوجي ضد السكان.
داخلياً، باتت أمريكا أشبه بالدول الشرق أوسطية، يمَارس فيها ديكتاتورية الحكم والقمع، وتستعين الإدارة بعناصر الشرطة في التصدي للتظاهرات المنددة بالقرارات، والتي وصلت لحد قتل مواطن أسود أمام مرأى ومسمع المجتمع الدولي والحقوقي، الذي يتلزم الصمت أمام الممارسات القمعية في الولايات المتحدة خشية تعرض هذه المؤسسات لتجميد التمويلات وفقدان الدعم السخي الذي تقدمه واشنطن لها مقابل استخدام هذه المنظمات في جلد خصومها من جهة، والخرس على ما يحدث داخلها من جهة أخرى.
مؤشرات الشروخ في الهيبة الأمريكية داخلياً وخارجياً، ظهرت للعلن لأول مرة خلال محاولة أنصار ترامب، خلال اقتحام مبنى الكابيتول وسط شكوك يبديها الجمهوريون من تزوير الانتخابات الرئاسية، لصالح الديمقراطيين بهدف تحقيق مصالح فردية للمؤسسات التي اعتادت التكسب من تجارة الأسلحة والتحكم في أسعار النفط عالمياً، وفتحت أسواق بلاده لغزو سلعي خارجي بهدف الحصول على امتيازات من عملية الفساد التي تعتري عمليات الاستيراد والتصدير.
الصورة القاتمة التي باتت عليها أمريكا، والممتدة لفشلها وتخبطها حتى في التصدي لجائحة فيروس كورونا، لدرجة دفعت شركة فايزر لتأخير إنتاج اللقاحات لحين رحيل ترامب، بهدف تقديم بايدن في صورة منقذ الأرواح.. هذه الأسباب مجتمعة تحقق رؤية المؤرخ البريطاني، ارنولد توينبى (1889-1975) التي قال فيها: إن “الدولة تصل إلى مرحلة السقوط والانهيار، عندما لا يمكنها التصدي، أو الاستجابة للتحديات التي تواجهها، وهنا ما يحدث هو ما يسمى قتل لروح الدولة وقدراتها الإبداعية”.
خاص وكالة رياليست.