طرابلس (رياليست- عربي): زيارة خاطفة قام بها وفد تركي رفيع المستوى مكون من وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو؛ وزير الدفاع خلوصي آكار؛ ووزير التجارة محمد موش؛ وزير الطاقة فاتح دونماز؛ والمتحدث باسم الرئاسة التركية ابراهيم قالن.
حجم الوفد التركى الذي أعلنت عنها أنقرة قبل وصوله إلى العاصمة الليبية «طرابلس» عكس مدى أهمية الزيارة ما سيرافقها من تفاهمات، وهو ما كان حيث أعلن فيما بعد عن توقيع مذكرة تفاهم مع الحكومة المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة، شملت مجالات الموارد الهيدروكربونية، والغاز، والتعاون العسكري على مستوى التدريبات.
ولم تكشف تركيا أو حكومة “الوحدة الوطنية” المنتهية ولايتها، عن تفاصيل مذكرات التفاهم، وخاصة المتعلقة بالغاز والطاقة، وعما إذا كانتا ستتطوران إلى اتفاقيات رسمية أم لا، فيما أثارتا الكثير من الجدل والمواقف الرافضة من جانب بقية الأطراف الليبية من جهة، ومن مصر واليونان والاتحاد الأوروبي وأخيرا الولايات المتحدة الأمريكية.
ووفق تسريبات من الداخل الليبي، مذكرة التفاهم المتعلقة بالغاز تحمل بنود تؤكد على التزام طرابلس بحصول أنقرة على الغاز الليبي لمدة 5 عقود قادمة، أما فيما يتعلق بمذكرة التفاهم المتعلقة بالمواد الهيدروكربونية فلها تأثير كبير، وعلى الرغم من عدم الإعلان عن التفاصيل، إلا أن الشركات التركية والليبية ستتمكن من العمل معا في المناطق الغنية، باحتياطيات النفط والغاز الطبيعي بالمناطق البحرية الواقعة فى البحر المتوسط.
وبعيدا عن المكاسب المالية، مذكرات التفاهم ستعزز الموقف الجيوسياسي لتركيا في صراع الطاقة مع اليونان والقبارصة الجنوبيين، إضافة إلى فرض نفوذها بالداخل الليبي بعدما أعلنت انحيازها الصريح لدعم حكومة الدبيبية، أمام رئيس الوزراء المكلف من مجلس نواب طبرق، فتحى باشاغا.
مصر لا تبدو متضررة مثل اليونان من مذكرات التفاهم التركية الليبية، فإن قلقها الأساسي من تصاعد النفوذ التركي في الجارة الغربية، وهو ملف لا يزال يشكل محددا رئيسيا في مدي إمكانية تقاربها مع نظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، فى ظل الحديث عن فتح قنوات اتصال دبلوماسية وأمنية على أمل رفع مستوى هذه اللقاءات وصولا إلى تطبيع العلاقات.
بطبيعة الحال لا يوجد رفض لمبدأ التفاهمات والاتفاقات لكونها تصب فى خانة الاستثمارات ولمصر نفسها شركات عاملة فى طرابلس كما إعادة سفيرها إلى طرابس، وليبيا أيضا مدركة أن اليونان لم تكن جادة فى ترسيم الحدود البحرية، لكن الإشكالية تصب حول هوية من وقع خاصة أنها حكومة منتهية ولايتها وبذلك تكون اغتصبت حق لا تملكه أهدتها لدولة أخري لا تستحقه من أجل حمايتها عسكريا أمام غريمها فى بنغازي.
لكن التحول الحاصل يطرح الكثير من التساؤلات حول مستقبل التهدئة السارية في شرق المتوسط منذ نحو عامين، ونرى الأن التوترات التركية اليونانية بسبب الخلاف على جزر بحر إيجة، والدوران الروسي والأميركي في شرق المتوسط يُحولان أيضا المنطقة إلى ساحة جديدة للمنافسة الجيوسياسية تبشر بعدم جدوى أي مشروعات مستقبلية فى مياه خضراء تحولت إلى كرة لهب بفعل الصراعات.