بيروت – (رياليست عربي): ترك وزير الإعلام اللبناني، جورج قرداحي، منصبه معلناً على الهواء مباشرة تقديم استقالته من حكومة رئيس الوزراء نجيب ميقاتي، على أمل إنهاء الأزمة المندلعة بين بيروت والعاصمة السعودية الرياض والتي تضامنت معها عواصم خليجية أخرى، منذ انتشار لقاء مصور مع قرداحي انتقد فيه الحرب على اليمن، واعتبر أن جماعة أنصار الله الحوثي في وضعية دفاع عن النفس ضد معتدٍ.
تصريحات جورج قرداحي، التي تم تسجيلها قبيل تكليفه بمهام منصبه وزيراً للإعلام في الحكومة اللبنانية الجديدة، جاءت كـ “القشة التي قصمت ظهر البعير”، واندلعت على إثرها أزمة سياسية طاحنة بين لبنان الرسمية، والدول الخليجية خاصة السعودية التي تقود عمليات التحالف العربي في اليمن.
في البداية انهالت المطالبات باستقالة قرداحي على أمل تخفيف وطأة الخلافات، خصوصاً أن لبنان الرسمية تمر بوضع اقتصادي مأساوي يعجز عن تحمل العقوبات الخليجية التي تطال عصب الحياة الاقتصادية مباشرة، سواء الدعم أو الاستيراد والتأشيرات، ومع تمسك وزير الإعلام بالبقاء في منصبه شهدت الأمور تعقيدات أظهرت أن ما تخفيه النفوس من جراح غائرة بين الرياض وبيروت، لن تعالجها استقالة وزير أو حتى رئيس حكومة.
ولتأكيد تلك النظرية، قال المستشار السابق بالخارجية السعودية، سالم اليامي: إن تصريحات الوزير المستقيل غير كافية، وأن المطلوب هو اتخاذ السلطة اللبنانية مواقف تتناسب مع المطالب السعودية المعلنة، ليبرهن على أن الخلافات المكتومة باتت أعقد من حلها باستقالة أو حتى إقالة.
السعودية بدأت تنظر إلى لبنان على أنها دولة موالية لإيران، وتعلم جيداً مدى نفوذ حزب الله هناك، وما تريده الرياض المتمثل في الخلاص من الحزب ربما يكون تخطاه الزمن بكثير، فالحزب بات قوة فاعلة سياسياً وعسكرياً في الداخل اللبناني ودخول الدوائر الرسمية في عداء صريح مع رجال نصر الله، دوامة عنف لن يستطيع تحملها السراي الكبير، أو قصر بعبدا ولا حتى المؤسسات الأمنية والجيش والشرطة.
طبيعة التركيبة السياسية والعسكرية التي باتت عليها لبنان، لم تعد تحتمل تنفيذ شروط خارجية لإنهاء نفوذ قوة فاعلة على الأرض، وعلى المملكة العربية السعودية تفهم ذلك، والعودة لفتح بوابات التفاهم مع بيروت، والخروج من هناك أو ترقب الدخول مرة أخرى مقابل تنفيذ الشرط الصعب، مع مرور الوقت سوف يجعل المملكة تعجز عن إعادة تموضعها مرة أخرى بالداخل اللبناني، وربما تفقد تأثيرها التاريخي لصالح تمدد إيران الجاهزة لتعويض الغياب العربي شيكات على بياض.
خاص وكالة رياليست.