تونس – (رياليست عربي): قال المحلل السياسي التونسي، بدر السلام الطرابلسي، إن الانتخابات النيابية التي أجريت في البلاد مؤخراً مع نسبة المشاركة الشعبية الضعيفة والمقاطعة السياسية الواسعة، ستزيد من توتر الأجواء ولن يكون لها على الأقل مشروعية أو تأثير على الواقع السياسي، وستساهم ربما في تراجع شعبية رئيس الجمهورية قيس سعيد، مما يؤثر بالسلب على مشروعه الرئاسي في ظل جمع كل السلطات في يديه، وهي مؤشر مبكر على عدم النجاح وفشله في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2024، وبالتالي سيكون طي للحقبة التي قاد فيها البلاد.
وأجري السبت الماضي، انتخابات مبكرة لمجلس نواب الشعب في تونس، حيث تقدم أكثر من ألف مرشح لشغل 161 نائبا لمدة 5 سنوات، وسط مقاطعة الانتخابات من جهة تحالف جبهة الإنقاذ الوطني المعارض للرئيس التونسي قيس سعيد، ويضم حزب النهضة الإسلامي وحزب قلب تونس الاشتراكي وعدد من القوى السياسية الأخرى التي استحوذت على ما مجموعه 111 من 217 مقعداً في مجلس النواب الذي قام “سعيد” بإعلان حل البرلمان في مارس الماضي، فضلاً عن مشاركة شعبية من جانب من لهم حق التصويت، لم تتجاوز نسبتهم 9 % بحسب أفضل تقدير للمشاركة.
وأوضح “الطرابلسي” في حوار خاص مع “رياليست” أن هناك مخاوف حقيقية بأن يكون إتمام تلك الانتخابات عبارة عن دعم التوجه لحكم الفرد الواحد، مشيرا إلى أن نسبة المشاركة الضعيفة ستضرب مشروعية تلك الانتخابات وستؤدي إلى نتائج عكسية لا تتحملها تونس في ظل أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية.
في البداية.. ما الهدف من إجراء انتخابات نيابية مبكرة في تونس؟
الطرابلسي: الانتخابات التي أجريت هدفها سد الفراغ التشريعي الذي حصل في البلاد بعد أن قام رئيس الدولة قيس سعيد بحل البرلمان في 30 مارس 2022، وبالتالي أصبحت البلاد تشهد فراغ تشريعي ونفس الحال للمؤسسات الديمقراطية وكان من الضروري إجراء هذه الانتخابات لعودة البرلمان للعمل وكذلك لغايات أخرى أبرزها الرد على المواقف الدولية التي تطالب بالعودة لعمل المؤسسات الديمقراطية من بينهم الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الاوروبي، وكذلك من أجل ترسيخ “سعيد” لرؤيته ونظامه السياسي الجديد الذي جاء به من خلال الدستور الذي تم الاستفتاء عليه مؤخرا ، والذي يعطي لرئيس الدولة صلاحيات واسعة من بينها صلاحيات كان يتمتع بها البرلمان والحكومة، سواء التي تتعلق بتعيين رئيس الحكومة من قبل الحزب الفائز في الانتخابات أو صلاحيات تشريعية أخرى أصبح رئيس الدولة قادر على استغلالها.
من وجهة نظرك.. كيف ترى تأثير الانتخابات على المدى القريب وأيضا المستقبلي من حيث المستوى السياسي في تونس خلال السنوات القادمة؟
الطرابلسي: اعتقد أن هذه الانتخابات سيكون لها تأثير سلبي في المستقبل على المدى القريب لاسيما أنها لم تشهد نسبة مشاركة كبيرة أو متوسطة بل هي في الحد الأدنى، حيث لم تتجاوز 9 % من حيث المشاركة الشعبية ، إضافة إلى أنها عرفت مقاطعة واسعة من قبل أحزاب وعزوف سياسي وبالتالي لن يكون لها على الأقل مشروعية سياسية أو تأثير على الواقع السياسي أو حتى الغايات التي عقد رئيس لجمهورية الانتخابات لدعم نظامه السياسي ، لن تساهم في دعم الاستقرار بالبلاد في ظل عيش الدولة أزمة اقتصادية واجتماعية حادة لارتفاع الأسعار وغياب السلع الأساسية من الأسواق ، لذلك على المدى القريب ستزيد توتير الأجواء في ظل المشاركة الضعيفة ، أما على المدى البعيد، ستساهم ربما في تراجع شعبية رئيس الجمهورية مما يؤثر بالسلب على مشروعه الرئاسي في ظل جمع جميع السلطات في يديه، و مؤشر مبكر على عدم النجاح والفشل في الانتخابات الرئاسية القادمة عام 2024 ، وبالتالي سيكون طي للحقبة التي قادها الرئيس قيس سعيد.
كيف ترى مقاطعة ما يسمى تحالف جبهة الإنقاذ للانتخابات وهل من ذلك تأثير على التمثيل السياسي الحقيقي للشارع التونسي؟
الطرابلسي: المقاطعة لم تقتصر على جبهة الإنقاذ ولكن أغلبية الأحزاب السياسية حتى المختلفة مع جبهة الإنقاذ من بينهم حزب العمال، التيار، الحزب الجمهوري، وأحزاب أخرى تقاطع الانتخابات التي لم يشارك فيها سوى أحزاب قليلة قريبة من رئيس الجمهورية، وليس لهم تمثيل سياسي كبير في الساحة، ولكن الأهم هو المقاطعة للانتخابات من جانب المستقلين وغير المنتمين للأحزاب، فهي التي ستحدث الفارق من خلال نسبة مشاركة ضعيفة.
إلى أي مدى تجد مخاوف البعض من أن ينتج عن هذه الانتخابات صوت واحد حاكم؟
الطرابلسي: المخاوف التي تتملك البعض في أن تنتج هذه الانتخابات عن صوت واحد حاكم أي أنها انتخابات توسع من صلاحيات الرئيس وترسيخ أركان نظامه الجديد القائم على حكم الفرد الواحد وجمع كل السلطات من خلال أخذ صلاحيات السلطات القضائية والتشريعية وضمها للسلطة التنفيذية التي يترأسها الرئيس هي مخاوف مشروعة لأن تمت ملاحظة العديد من المؤشرات في اتجاه توسيع صلاحيات الرئيس والحكم بشكل فردي بمعنى عدم السماح بمشاركة الأحزاب والمجتمع المدني والمنظمات في حوار من أجل نقاش حول الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد عبر قرارات يتخذها منفردا دون الرجوع للحكومة أو الفعاليات السياسية بالبلاد، وبالتالي هناك مخاوف حقيقية بأن يكون إتمام الانتخابات دعم لهذا التوجه الفردي للسلطة الحاكمة ولكن نسبة المشاركة الضعيفة ستضرب مشروعية تلك الانتخابات وستؤدي لنتائج عكسية.