موسكو – (رياليست عربي): فيما يتركز النقاش ويحتدم في سياق فرض حزم العقوبات الغربية على روسيا على قطاعات الطاقة كالغاز والنفط، وحول مدى قدرة الدول الغربية وخاصة الأوروبية منها على تحمل تبعات حظر واردات الطاقة الروسية.
يشير خبراء الاقتصاد إلى قطاع إنتاجي روسي آخر لا يقل أهمية وحيوية، وهو اليورانيوم المخصب الذي تعتمد عليه الدول الغربية بشكل كبير لتشغيل محطاتها ومفاعلاتها النووية لتوليد الطاقة الكهربائية، حيث تستحوذ روسيا على أكثر من ثلث الإنتاج العالمي من اليورانيوم المخصب.
ويحذر الخبراء من أن إغلاق حنفية اليورانيوم الروسية، عن دول الغرب سيهدد بتقويض إمدادات الطاقة الكهربائية في دول غربية عديدة ولا سيما في القارة الأوروبية وكذلك في أميركا، وهو ما يفسر إحجام واشنطن حتى الآن عن حظر واردات الطاقة النووية من روسيا، رغم دخول الحرب الروسية الأوكرانية شهرها الرابع، لا سيما وأن ثمة كما يقولون دعوات في روسيا وفي مجلس النواب (الدوما) كي يتم اشتراط بيع اليورانيوم بالروبل كما حدث مع الغاز الروسي.
فمنذ بداية فرض العقوبات الغربية على روسيا، كان واضحاً أنها لن تشمل خاصة قطاع صادرات اليورانيوم والعناصر المشعة الروسية، حيث ثمة تحذيرات متواصلة من أنه في حال شمولها بالعقوبات، فإن هذا سينعكس بشكل خطير جدا على تشغيل مفاعلات الطاقة النووية وخاصة في أوروبا وأمريكا.
وذلك أن شركة روس أتوم هي أكبر شركة في العالم مختصة ببناء المفاعلات النووية وتخصيب اليورانيوم، وتنتج تقريبا 35 بالمئة من اليورانيوم المخصب بالعالم، ما يجعلها عملاق هذه الصناعة، حيث تبلغ نسبة صادراتها إلى الولايات المتحدة نحو 20 بالمئة وإلى أوروبا 40 بالمئة من حاجاتهما من اليورانيوم المخصب، هذا علاوة على أن الشركة تملك قرابة 18 مفاعلا نووياً في بلدان الاتحاد الأوروبي، وهي بصدد بناء مفاعلات أخرى هناك حيث تم التعاقد مثلا مع هنغاريا على بناء مفاعلين جديدين، كما ولديها مفاعلات في عدد من الدول العربية التي تتعاون معها كما في السعودية وفي مصر خاصة في بناء مفاعل الضبعة، وهكذا فهي تفرض حضورها حول العالم كشركة عملاقة ومتطورة وبفعل أسعارها الرخيصة قياساً بجودة صناعاتها ووقودها.
وأن إيرادات شركة روس أتوم تبلغ سنوياً نحو 7 مليارات دولار سنوياً، ومن المتوقع حسب خططها التوسعية أن تتضاعف الإيرادات في غضون العام 2024 لتصل إلى قرابة 16 مليار دولار.
ولهذا لا يتم شمول قطاع الوقود النووي الروسي بالعقوبات الغربية “كي لا يتضافر ذلك مع أزمة النقص في امدادات الغاز والنفط الروسيين للغرب، وهو ما سيقود للمزيد من التأزم بأسواق الطاقة العالمية، وزعزعة امكانيات توليد الطاقة الكهربائية خاصة في أوروبا، عبر المفاعلات الكهرونووية التي تعتمد على وقودها من اليورانيوم المخصب، والغرب بغنى عن خلق هكذا أزمة خانقة”.
أخيراً يقول البعض بأن الولايات المتحدة لن تستطيع أن تكون جادة تماماً في فرض عقوبات جديدة على موسكو لاعتمادها على الأخيرة وحليفتيها كازاخستان وأوزبكستان بحوالي نصف وارداتها من اليورانيوم، والتي تستخدمها لتشغيل مفاعلاتها النووية حيث لن تستطيع الاستمرار في تشغيل محطاتها النووية أكثر من سنة إن تم إيقاف صادرات اليورانيوم الروسي إليها.