طهران – (رياليست عربي): تعود الملفات النووية الإيرانية إلى الواجهة مجدداً، في وقت تستأنف فيه طهران وواشنطن جولات جديدة من المفاوضات الشائكة حول برنامج إيران النووي. هذه المحادثات التي تجري في ظل مناخ دولي متوتر وصراعات إقليمية متصاعدة، تطرح أسئلة مصيرية حول إمكانية التوصل إلى اتفاق جديد، أو انفجار الأزمة من جديد.
المفاوضات الحالية تأتي بعد أشهر من الجمود، حيث حاولت إيران والولايات المتحدة كسر الحلقة المفرغة من التصعيد والتهديدات المتبادلة. وفقاً لتصريحات وزارة الخارجية الإيرانية، فإن المحادثات “مستمرة لكنها تواجه عقبات جوهرية”، في إشارة واضحة إلى أن الخلافات التاريخية حول مستوى التخصيب والرقابة الدولية لم تحسم بعد. الجانب الأمريكي من جهته يبدي حذراً واضحاً، حيث تؤكد واشنطن أن أي اتفاق يجب أن يشمل ضمانات كافية لمنع طهران من تطوير سلاح نووي، بينما تصر إيران على حقها في تطوير برنامج نووي سلمي دون قيود مفرطة.
ما يعقد المشهد هو السياق الإقليمي والدولي المضطرب. فمن ناحية، تشهد المنطقة موجة غير مسبوقة من التوترات، مع استمرار الأزمات في لبنان وسوريا واليمن، حيث تلعب إيران أدواراً مؤثرة. ومن ناحية أخرى، فإن التوتر بين واشنطن وموسكو وبكين يضيف طبقة إضافية من التعقيد، خاصة مع تقارب إيران من روسيا والصين في السنوات الأخيرة.
المحللون ينقسمون حول احتمالات نجاح هذه الجولة المفاوضات. فريق يرى أن الطرفين وصلوا إلى طريق مسدود، وأن الفرص ضئيلة لتجاوز الهوة الكبيرة في المواقف. بينما يعتقد آخرون أن الضغوط الاقتصادية على إيران، والرغبة الأمريكية في تجنب أزمة جديدة في الشرق الأوسط، قد تدفعان الطرفين إلى تقديم تنازلات محدودة.
التحدي الأكبر يتمثل في إيجاد صيغة توازن بين مطالب المجتمع الدولي بضمانات نووية كافية، وإصرار إيران على رفع العقوبات الاقتصادية التي خنقت اقتصادها وأي اتفاق سيتطلب جرأة سياسية من الطرفين، وقدرة على تجاوز سنوات من العداء وعدم الثقة.
في النهاية، تبقى المفاوضات النووية الإيرانية اختباراً حقيقياً للإرادة السياسية الدولية، وقدرة الدبلوماسية على تحقيق ما فشلت فيه السنوات الماضية سواء انتهت هذه الجولة باتفاق أو بانهيار، فإن تداعياتها ستشكل مستقبل الاستقرار في منطقة تعاني بالفعل من الكثير من الأزمات والصراعات.