بوينس آيرس – (رياليست عربي). أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، الخميس، عن تدخل مباشر في سوق العملات الأرجنتينية لأول مرة منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً، في خطوة استثنائية تهدف إلى مساندة الرئيس الأرجنتيني خافيير ميلي — الحليف المقرب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب — في جهوده لوقف انهيار عملة البيزو.
وقال وزير الخزانة سكوت بيسنت في بيان إن الولايات المتحدة «اشترت مباشرة البيزو الأرجنتيني» لتعزيز قيمته بعد أن استنفدت بوينس آيرس مليارات الدولارات من احتياطاتها للدفاع عن سعر الصرف. ووفقاً لمصرف الاحتياطي الفدرالي في نيويورك، فإن واشنطن لم تتدخل في أسواق العملات سوى ثلاث مرات منذ عام 1996.
كما أعلن بيسنت الانتهاء من اتفاق مبادلة عملات بقيمة 20 مليار دولار مع البنك المركزي الأرجنتيني، يهدف إلى ضخ سيولة في الاقتصاد المتعثر ودعم برنامج الإصلاح الليبرالي الذي يقوده ميلي. وأضاف: «تواجه الأرجنتين لحظة من شح السيولة الحاد، والولايات المتحدة مستعدة لاتخاذ تدابير استثنائية لضمان استقرار الأسواق. نجاح إصلاحات الرئيس ميلي مسألة ذات أهمية نظامية».
ارتياح في الأسواق وتحسن فوري في العملة
جاء التدخل بعد أسابيع من الاضطراب في الأسواق المالية الأرجنتينية، حيث شكك المستثمرون في استدامة نظام سعر الصرف الذي يفرضه ميلي للحد من التضخم قبيل الانتخابات النصفية المقررة في 26 أكتوبر.
وعقب الإعلان، ارتفعت العملة الأرجنتينية بنسبة 0.6% لتسجل أفضل أداء لها خلال أسبوع، فيما تراجع عائد السندات الحكومية لأجل عشر سنوات إلى 11.47% — أدنى مستوى منذ سبتمبر.
ووجه وزير الاقتصاد لويس كابوتو الشكر لنظيره الأميركي على منصة «إكس»، قائلاً إن دعم واشنطن «ثابت واستثنائي».
تفاصيل الصفقة والمخاطر المستقبلية
ويقدّر محللون محليون أن وزارة الخزانة الأرجنتينية باعت نحو 1.8 مليار دولار خلال الأيام الأخيرة للحفاظ على استقرار سعر الصرف، وسط مخاوف من استنزاف الاحتياطي المتبقي البالغ 13 مليار دولار المرتبط بتمويل صندوق النقد الدولي قبل موعد التصويت.
وقال بيسنت إن نظام سعر الصرف الحالي «ما زال مناسباً للغرض»، مؤكداً أن «السياسات الأرجنتينية قوية عندما تستند إلى الانضباط المالي». لكن الخبراء الاقتصاديين يرون أن البيزو ما يزال مقوّماً بأعلى من قيمته الحقيقية، وأن الأسواق كانت تتوقع خفضاً في قيمته بعد الانتخابات قبل الخطوة الأميركية.
ويُدار التدخل عبر صندوق تثبيت الصرف الأميركي (Exchange Stabilization Fund)، وهو نفس الآلية التي استخدمتها واشنطن لتقديم قرض بقيمة 20 مليار دولار للمكسيك عام 1994 خلال أزمة البيزو، وهو قرض تم سدادُه لاحقاً مع تحقيق أرباح.
وكان آخر تدخل كبير للصندوق في عام 2011 حين باعت الولايات المتحدة ودول مجموعة السبع الين الياباني بعد الزلزال المدمر الذي ضرب اليابان.
تقارب سياسي واقتصادي مع واشنطن
وعقد كابوتو أربعة أيام من المباحثات المكثفة مع مسؤولي الخزانة الأميركية هذا الأسبوع، فيما من المتوقع أن يلتقي ميلي بالرئيس ترامب في البيت الأبيض في 14 أكتوبر، في دليل على تعمق التحالف بين واشنطن وبوينس آيرس في مواجهة الضغوط المالية المتصاعدة التي تهدد استقرار الاقتصاد الأرجنتيني.






