واشنطن – (رياليست عربي). حذرت شركة Comspoc المتخصصة في مراقبة الفضاء من أن قمراً صناعياً عسكرياً روسياً أطلق في صيف هذا العام أظهر سلوكاً غير اعتيادي قد يكون مهدداً، بعد أن اقترب من أقمار صناعية أجنبية وأطلق جسماً مجهولاً لا يزال يتبع مساره.
الرئيس التنفيذي للشركة بول غرازياني قال: «لم نشهد شيئاً كهذا من قبل»، موضحاً أن القمر الروسي خرج عن مداره المستقر وبدأ بالتحرك صعوداً وهبوطاً بطريقة «أرجوحية». وأثار هذا السلوك المخاوف من إمكانية تحويل المنصات المدارية إلى أسلحة.
حوادث مشابهة سُجلت أيضاً مع أقمار صينية، ما زاد من قلق الأوساط الدفاعية الغربية، خصوصاً مع توسع استثمارات حلف الناتو ودول أخرى في مجالي الدفاع والتكنولوجيا الفضائية. فقد ارتفع مؤشر S&P Kensho Final Frontiers، الذي يتابع شركات الابتكار في الفضاء العميق، بنسبة 35% منذ أبريل.
تزايد الاعتماد على شركات خاصة لتوفير قدرات فضائية أسرع وأرخص، إذ أعلن الناتو ووزارة الدفاع الأمريكية والقوة الفضائية الأمريكية خططاً لدمج مزودين تجاريين. كما خصصت ألمانيا جزءاً من خطتها الدفاعية البالغة 650 مليار يورو لدعم شركات جديدة، بينما وجه البيت الأبيض دعوة لمتعاقدين غير تقليديين للمشاركة في مشروع الدرع الصاروخي Golden Dome بقيمة 175 مليار دولار.
القطاع التجاري يشهد تحولاً واضحاً، حيث باتت شركات مراقبة الأرض التي ركزت سابقاً على التغير المناخي تقدم خدمات استخباراتية. ففي يوليو، وقعت Planet Labs عقداً بقيمة 240 مليون يورو مع الحكومة الألمانية لتوفير صور أقمار صناعية عالية الدقة، فيما أصبحت الدفاعات تمثل نصف إيراداتها. أما شركة Iceye الفنلندية، المعروفة بتزويد أوكرانيا ببيانات الرادار، فأكدت أن دولاً أخرى تبدي اهتماماً متزايداً بخدماتها.
في المقابل، لا تزال شركات الصناعات الدفاعية الكبرى مثل لوكهيد مارتن ونورثروب غرومان تحتفظ بصلات قوية مع وكالات المشتريات العسكرية، ما يخلق عقبات أمام دخول الوافدين الجدد. غرازياني وصف هذه الشركات التجارية بأنها «كائنات دخيلة» في نظر الهيئات الحكومية شديدة التحفظ.
كما دخلت صناديق الاستثمار الخاصة إلى هذا المجال، إذ استحوذت شركة Advent International على Maxar، إحدى أكبر شركات تشغيل الأقمار الصناعية في العالم، بعد الغزو الروسي الشامل لأوكرانيا الذي أبرز أهمية الصور الفضائية السريعة.
ورغم هذا الزخم، يحذر محللون من أن القيود على الميزانيات قد تحد من النمو. ويقدّر معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام أن دول الناتو قد تضيف 2.7 تريليون دولار سنوياً للإنفاق الأمني بحلول 2035 إذا أوفت بالتزاماتها، لكن حصة الفضاء قد لا تتجاوز 1% من إجمالي النفقات الدفاعية.
توقع بيار ليونيه، مدير الأبحاث في ASD Eurospace، أن تنمو ميزانيات الفضاء العسكرية الأوروبية بنسبة 10–15% سنوياً، لكنه أكد أن هذا «لن يكون تحوّلياً»، إذ تبقى الحكومات حذرة بشأن الوظائف التي يمكن خصخصتها.
مع ذلك، يرى قادة الصناعة أن الحروب الحديثة ستعتمد بشكل متزايد على القدرات الرقمية والمدارية. وقال مارك بوغيت، الرئيس التنفيذي لشركة Seraphim Space: «الماضي ليس دليلاً على أين يجب أن تُوجّه هذه الأموال. الصراعات المقبلة ستكون أقل ارتباطاً بالدبابات والمروحيات وأكثر بالقدرات الرقمية».