لندن – (رياليست عربي). حذرت رئيسة جهاز الاستخبارات الخارجية البريطانية (MI6) بليز متريويلي من أن العالم دخل مرحلة خطيرة «بين السلم والحرب»، حيث تؤدي التقنيات الجديدة وحملات التضليل وعدوان الدول إلى تآكل الثقة وإعادة كتابة قواعد الصراع.
وفي أول خطاب علني كبير لها منذ توليها المنصب، قالت متريويلي إن المملكة المتحدة تواجه شبكة مترابطة من التهديدات العسكرية والتكنولوجية والمجتمعية، تتسارع بفعل التقدم في مجالات الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والحوسبة الكمية. واعتبرت أن هذه التحولات لا تعيد تشكيل الاقتصادات فحسب، بل «تعيد صياغة واقع الصراع والثقة وتوازنات القوة العالمية».
ووصفَت روسيا في عهد الرئيس فلاديمير بوتين بأنها التهديد الأكثر إلحاحا لأمن بريطانيا وأوروبا، متهمة موسكو بخوض حرب استنزاف في أوكرانيا إلى جانب عمليات «المنطقة الرمادية» دون عتبة الحرب المفتوحة، بما يشمل هجمات سيبرانية على بنى تحتية حيوية، وأعمال تخريب، ونشاطا عدائيا في البحر والجو، ودعاية مدعومة من الدولة تهدف إلى تفكيك المجتمعات. وأكدت أن دعم لندن لأوكرانيا سيظل «مستمرا»، معتبرة إياه ركنا أساسيا للاستقرار الأوروبي والعالمي.
ومن دون تقديم تقييم شامل للتهديدات العالمية، شددت متريويلي على أن أجهزة الاستخبارات مطالبة بالتكيف مع عالم تتوزع فيه القوة على نحو متزايد، منتقلة من الدول إلى الشركات وحتى الأفراد. وحذرت من «تسليح المعلومات»، حيث تنتشر الأكاذيب أسرع من الحقائق، ما يقوض الواقع المشترك.
وأكدت أن MI6 لم تعد تكتفي بتحليل التهديدات، بل تعمل على «تشكيل النتائج» عبر تعاون أوثق مع MI5 وGCHQ والقوات المسلحة والدبلوماسيين، ومع شركاء دوليين من بينهم حلف الناتو وتحالف «العيون الخمس» وشركاء في منطقتي المحيطين الهندي والهادئ والشرق الأوسط. وأضافت أن صعود الصين سيكون محوريا في التحول العالمي خلال هذا القرن، وسيظل في صلب تقييمات الاستخبارات البريطانية.
كما أشارت إلى دمج أعمق للتكنولوجيا في العمل الاستخباراتي، قائلة إن ضباط MI6 سيحتاجون إلى إتقان البرمجة والبيانات بقدر إتقانهم مصادر الاستخبارات البشرية التقليدية. وأوضحت أن الذكاء الاصطناعي سيُستخدم لتعزيز — لا لاستبدال — الحكم البشري، مع بقاء «العنصر الإنساني» حاسما.
ورغم التركيز على التكنولوجيا، شددت متريويلي على «الفاعلية الإنسانية»، معتبرة أن الاستخبارات تقوم في جوهرها على الإصغاء والفهم الثقافي واستعداد الأفراد — بمن فيهم العملاء الأجانب — لتحمل المخاطر بناء على الثقة في القيم البريطانية. ورأت أن المساءلة والنزاهة والاحترام ليست قيودا على عمل MI6، بل أساس شرعيته.
وختمت بالقول إن اختيارات البشر، لا الآلات، هي التي ستحدد شكل العالم في المستقبل: «في النهاية، ليس ما نستطيع فعله هو ما يعرّفنا، بل ما نختار أن نفعله».






