موسكو – (رياليست عربي): في تطور قد يمثل نقطة تحول في العلاقات المتوترة بين الهند وباكستان، أعلنت مصادر إعلامية عن بدء عملية انسحاب متبادلة للقوات العسكرية من مناطق الحدود المتنازع عليها، مع توقع اكتمال العملية بنهاية مايو 2025.
يأتي هذا القرار بعد أشهر من التصعيد العسكري الذي أثار مخاوف دولية من مواجهة شاملة بين البلدين اللذين يمتلكان أسلحة نووية. يعكس هذا الانسحاب رغبة الطرفين في تخفيف حدة التوتر، وإن كان الأمر لا يزال بحاجة إلى مراقبة عن كثب لضمان عدم حدوث انتكاسة تعيد المنطقة إلى مربع المواجهات العسكرية.
ترجع جذور النزاع بين الهند وباكستان إلى تقسيم شبه القارة الهندية عام 1947، حيث أدت الخلافات حول إقليم كشمير إلى حروب متعددة ومواجهات مستمرة على مدار العقود الماضية. وقد شهدت السنوات الأخيرة تصاعداً في الاشتباكات العسكرية، خاصة بعد الهجمات التي اتهمت بها جماعات مسلحة تعمل من الأراضي الباكستانية، مما دفع الهند إلى تنفيذ ضربات جوية داخل الأراضي الباكستانية رداً على ما وصفته بتهديدات أمنية.
تشير التقارير إلى أن عملية انسحاب القوات الهندية والباكستانية بدأت بالفعل في بعض القطاعات الحدودية، مع توقعات بأن يتم سحب معظم القوات بحلول نهاية الشهر الجاري، ويعزو محللون هذا القرار إلى عدة عوامل، منها الضغوط الاقتصادية التي تواجهها الدولتان بسبب التكاليف الباهظة للحشد العسكري المستمر، بالإضافة إلى جهود الوساطة الدولية التي قادتها دول مثل الولايات المتحدة والإمارات، فضلاً عن تزايد المطالبات الشعبية في كلا البلدين بضرورة إعطاء الأولوية للتنمية بدلاً من الإنفاق العسكري.
إذا نجحت هذه الخطوة، فقد يكون لها آثار إيجابية كبيرة على استقرار المنطقة، حيث سيقلل انسحاب القوات من احتمالات الاشتباكات العرضية التي قد تؤدي إلى تصعيد غير محسوب. كما قد يمهد الطريق أمام حوار دبلوماسي أوسع بين نيودلهي وإسلام أباد، ربما يؤدي إلى تحسين العلاقات الثنائية في مجالات التجارة والتبادل الثقافي. علاوة على ذلك، فإن تخفيف الإنفاق العسكري سيمكن كلا البلدين من توجيه الموارد نحو مشاريع التنمية المحلية، مما سيعود بالنفع على المواطنين الذين عانوا لسنوات من تبعات الصراع.
ومع ذلك، تظل هناك تحديات كبيرة قد تعيق مسار السلام، أبرزها وجود جماعات مسلحة في كشمير قد تحاول عرقلة أي تقدم نحو الهدوء، بالإضافة إلى عمق عدم الثقة بين الجانبين الذي يجعل أي اتفاق دائم مهمة صعبة. كما أن التعقيدات السياسية الداخلية في كلا البلدين، حيث توجد قوى ترفض أي تنازلات، قد تحد من قدرة القيادات على اتخاذ خطوات جريئة نحو المصالحة.
في النهاية، يمثل انسحاب القوات خطوة إيجابية تحتاج إلى دعم دولي ومتابعة حثيثة لضمان استمراريتها. فإذا تم تنفيذها بنجاح، فقد تكون بداية لمرحلة جديدة من الاستقرار في واحدة من أكثر المناطق توتراً في العالم. لكن الطريق إلى السلام لا يزال طويلاً، ويتطلب صبراً والتزاماً من جميع الأطراف لتحقيق نتائج دائمة تضع حداً لعقود من الصراع.