الخرطوم – (رياليست عربي): صوّرت الأحداث الجارية في السودان أنها الأقرب إلى الحرب الأهلية وتنافر القوى الداخلية، لكن مع تصعيد المشهد يبدو أن هناك قوى خارجية ضالعة بشكل مباشر في هذه الأحداث، تحت عناوين مختلفة قد يكون الهدف إحدى دول الجوار، بالإضافة إلى الأطماع الأخرى، فما هي أبرز التطورات الأخيرة في المشهد السوداني؟
تستمر الاشتباكات في السودان عناصر قوات الرد السريع والقوات الحكومية، على الرغم من أن حدة القتال قد هدأت إلى حد ما، لكن لا يزال من الممكن سماع أصوات إطلاق النار في أجزاء من الخرطوم.
وبلغت حصيلة هذا الاقتتال حتى الآن، 420 شخصاً وإصابة أكثر من 3700، وفقاً لآخر تقارير منظمة الصحة العالمية.
بالإضافة إلى ذلك، تكاد المعلومات الدقيقة عن الاشتباكات في المناطق معدومة، لأن أكبر مزودي الخدمة في السودان، إم تي إن وزين، لديهم وصول محدود إلى الإنترنت، حيث تبقى 2٪ فقط من الاتصالات في البلاد، ما يجعل الحصول على المعلومات الدقيقة غاية في الصعوبة خاصة الموثوقة منها.
كما تنجم مشاكل الاتصال عن انقطاع التيار الكهربائي – فقد تضررت بعض المحطات الفرعية نتيجة القتال.
مسار القتال
وفقاً لقوات الرد السريع، استولى عناصر القوات على منشآت صناعية في منطقة المسعودية جنوب شرق الخرطوم، ويقاتلون أيضاً من أجل أحياء في منطقة بحري.
كما ما زالت هناك تقارير متضاربة عن هروب جماعي من سجن كوبر بالخرطوم بعد اقتحام مقاتلي قوات الدفاع السريع في 23 أبريل.
ومع ذلك، لم يتم التأكد بعد المعلومات المتعلقة بالإفراج عن الرئيس السوداني السابق عمر البشير، المحتجز في السجن.
بالإضافة إلى ذلك تمكنت القوات المسلحة من استعادة الجسر الشمالي عبر النيل إلى أم درمان، وكذلك السيطرة على محيط المركز التلفزيوني، ومع ذلك، استأنفت قوات الرد السريع القتال في هذه المناطق.
ويواصل طيران الجيش تنفيذ الضربات الجوية على وحدات قوة الرد السريع. معروف عن الهجمات على منطقتي بحري وكلكلا والتي أدت إلى إصابة مدنيين.
إخلاء الأجانب والوضع مع اللاجئين
بعد الولايات المتحدة الأمريكية، تم تنفيذ عمليات الإخلاء من قبل سفارات إسبانيا وفرنسا وألمانيا وهولندا، كما تستمر محاولات المواطنين والدبلوماسيين الأجانب للإخلاء بأنفسهم على طول الطريق البري المؤدي إلى بورتسودان، حيث تسيطر القوات المسلحة على الوضع.
لكن على الرغم من محاولات موظفي البعثات الدبلوماسية التفاوض على تنظيم ممرات إنسانية مع طرفي النزاع، لا يمكن تحقيق ضمانات أمنية في مواجهة الاشتباكات المستمرة.
وجدير بالذكر أنه تم مقتل مساعد الملحق الإداري بالسفارة المصرية بالخرطوم وهو في طريقه إلى مقر السفارة.
ووفقاً للأمم المتحدة، فقد عبر 10 إلى 20 ألف لاجئ من السودان الحدود مع تشاد، في حين فر حوالي 2000 شخص إلى جنوب السودان.
تصريحات البرهان وحمدتي
أدلى كل من رئيس مجلس سيادة السودان عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الرد السريع محمد حمدان دقلو “حميدتي” بتصريحات، حيث نفى البرهان ما تردد عن هروبه من الخرطوم، واتهم حميدتي بخرق الهدنة الماضية ودعاه إلى الاستسلام، وذكر أن الجيش يسيطر على جميع المنشآت الاستراتيجية في البلاد باستثناء مطاري نيالا والخرطوم.
وأشار البرهان إلى أنه لا يزال جاهزاً للمفاوضات وينوي دمج قوات الرد السريع في القوات المسلحة.
بدوره، قال حميدتي إن الجيش يسيطر عليه إسلاميون متطرفون وقوى خارجية، واتهم قيادة القوات المسلحة بخرق الهدنة، وبحسب حميدتي، فإن الجيش هو أول من هاجم قواعد قوة الرد السريع لأنه رفض تقاسم السلطة مع البرهان وأصر على تشكيل حكومة مدنية.
يبدو أن المشهد السوداني قاتماً بعض الشيء، خاصة وأن أسباب اندلاع الصراع مرتبطة بأحقية كل طرف على آخر في حكم البلاد، لكن واقع الحال إن الهدف والمخطط أكبر بكثير مما يحدث الآن، والذي يمكن قراءته حتى الآن، أن القتال سيستمر حتى يختمر المشهد ككل بالسيطرة على السودان بالنظر لموقعه الاستراتيجي خاصة وأنه يرتبط بحدود دول كبرى على رأسها مصر الشرق الأوسط، وإثيوبيا الإفريقية.