إسلام آباد – (رياليست عربي). أصدرت محكمة عسكرية في باكستان حكماً بالسجن 14 عاماً مع الأشغال الشاقة بحق الفريق أول فيّض حميد، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الباكستانية (ISI)، في سابقة هي الأولى من نوعها التي يُدان فيها مسؤول استخباراتي بهذا المستوى ويُزج به في السجن.
ووفق بيان صدر الخميس عن إدارة العلاقات العامة للجيش الباكستاني (ISPR)، أُدين حميد بأربع تهم رئيسية، تشمل ممارسة أنشطة سياسية أثناء الخدمة، وانتهاك قانون أسرار الدولة، وإساءة استخدام موارد حكومية، والتسبب بخسائر مالية للدولة. وأكد البيان أن الحكم صدر وفق نظام القضاء العسكري ويشمل العمل القسري.
محامي حميد، علي أشفق، أعلن عزمه الطعن في الحكم، واصفاً المحاكمة بأنها «صورية». وقال لوكالة فرانس برس إن موكله لم يكن ممثلاً قانونياً أثناء المحاكمة، وإن فريق الدفاع والعائلة لم يُبلَّغوا مسبقاً بجلسة 11 ديسمبر. وأضاف أنه علم بالإدانة عبر بيان الجيش فقط، ولم يتسلّم حتى الآن نسخة مكتوبة من الحكم.
وقال أشفق: «موكلي يرفض بشكل قاطع هذه الاتهامات منذ البداية»، مؤكداً أن الاستئناف سيُقدَّم «خلال الأيام القليلة المقبلة». وأوضح لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) أن أول مسار للاستئناف سيكون لدى قائد الجيش، كما ينص القانون العسكري.
وكانت إجراءات المحكمة العسكرية بحق حميد قد بدأت في 12 أغسطس 2024 بموجب قانون الجيش الباكستاني. وأشار بيان ISPR إلى أن للمدان حق الاستئناف.
سقوط مدوٍّ لشخصية نافذة
يمثل الحكم سقوطاً حاداً لشخصية كانت تُعد من الأكثر نفوذاً داخل المؤسسة الأمنية في باكستان. فقد عيّن رئيس الوزراء السابق عمران خان حميد رئيساً للاستخبارات في 2019، وكان يُنظر إليه على نطاق واسع كحليف رئيسي لخان داخل الدولة العميقة.
دلالات سياسية واضحة
تُفسَّر القضية على نطاق واسع كرسالة مباشرة إلى عمران خان وأنصاره. وقالت المحللة السياسية عارفة نور لوكالة فرانس برس: «كل شيء هذه الأيام يُقرأ كرسالة إلى عمران خان، بما في ذلك هذا الحكم».
وكان خان قد انتُخب رئيساً للوزراء في 2018، قبل أن يُطاح به عبر تصويت بحجب الثقة في 2022، وهو محتجز منذ أغسطس 2023. ويؤكد خان أن الجيش دبّر إقصاءه واستهدف لاحقاً حزبه «حركة إنصاف باكستان» (PTI) ودائرته المقربة.
وتجري أيضاً تحقيقات منفصلة بشأن مزاعم تورط حميد في الاحتجاجات التي اندلعت عقب اعتقال خان في 9 مايو 2023.
ويواجه خان عدة قضايا قانونية منذ خروجه من السلطة. ورغم إسقاط بعض الأحكام، لا يزال رهن الاحتجاز على ذمة قضايا واستئنافات أخرى. وفي رسائل وتصريحات صدرت عنه من السجن، اتهم القيادة العسكرية — ولا سيما قائد الجيش المشير عاصم منير — بممارسة اضطهاد سياسي وانتهاك الدستور وحقوق الإنسان.
منعطف في العلاقة بين الجيش والسياسة
تعكس إدانة فيّض حميد تعمّق الشرخ بين المؤسسة العسكرية ومعسكر عمران خان، كما تشير إلى استعداد نادر لدى الجيش لمعاقبة أحد كبار ضباطه علناً. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة قد تُعيد رسم ملامح العلاقة بين المدنيين والعسكر في باكستان في المرحلة المقبلة.






