فيلنيوس – (رياليست عربي): قدمت حكومة ليتوانيا برئاسة رئيس الوزراء استقالتها الجماعية بعد خسارة تصويت بالثقة في البرلمان، في تطور سياسي مفاجئ يزيد من عدم الاستقرار في الدولة البلطيقية التي تواجه تحديات أمنية واقتصادية متزايدة.
وجاءت هذه الخطوة بعد أسابيع من التوترات السياسية الحادة داخل الائتلاف الحاكم، حيث فشلت الحكومة في الحصول على دعم كافٍ لخطة إصلاح الضرائب المثيرة للجدل والتي كانت تهدف إلى معالجة العجز المتنامي في الميزانية.
الخلفية تكشف أن الأزمة تفاقمت بسبب الانقسامات داخل الائتلاف الحاكم نفسه، حيث انسحب حزب “الليبراليون من أجل الديمقراطية” من التحالف الحكومي احتجاجاً على سياسات التقشف المالي، مما أفقد الحكومة أغلبيتها البرلمانية، المحللون السياسيون يشيرون إلى أن هذه الأزمة تعكس التحديات التي تواجهها العديد من الحكومات الأوروبية في التوفيق بين متطلبات الانضباط المالي والضغوط الاجتماعية المتزايدة بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة.
من الناحية الدستورية، سيتولى الرئيس الآن مهمة تكليف مرشح جديد لتشكيل الحكومة خلال الأسابيع المقبلة، مع توقع إجراء مشاورات مكثفة بين الأحزاب الرئيسية. المشهد السياسي يبدو معقداً في ظل عدم وجود تحالف واضح قادر على تشكيل أغلبية مستقرة، مما يزيد من احتمالية الدعوة إلى انتخابات مبكرة إذا فشلت المحاولات لتشكيل حكومة جديدة.
على الصعيد الدولي، تأتي هذه التطورات في وقت حساس بالنسبة ليتوانيا، التي تقع في الخط الأمامي للمواجهة بين الناتو وروسيا. المصادر الدبلوماسية تؤكد أن الحلفاء الأوروبيين يتابعون الموقف بقلق، خشية أن تؤثر الأزمة السياسية الداخلية على التزام البلاد بسياسات الدفاع المشتركة، خاصة في ظل التوترات المتصاعدة حول منطقة كالينينغراد.
الاقتصاديون يحذرون من أن فترة عدم اليقين السياسي قد تؤثر سلباً على الاقتصاد الليتواني الذي بدأ يعاني بالفعل من تباطؤ في النمو وارتفاع في معدلات التضخم. صناديق الاستثمار الدولية بدأت تبدي حذراً متزايداً، مع ارتفاع تكاليف الاقتراض الحكومي في الأسواق العالمية منذ بداية الأزمة السياسية.
في الشارع الليتواني، تظهر استطلاعات الرأي انقساماً حاداً في الرأي العام، حيث يؤيد جزء من السكان استقالة الحكومة ويعتبرونها مسؤولة عن تدهور الأوضاع المعيشية، بينما يرى آخرون أن التغيير الحكومي في هذا التوقيت الحساس قد يزيد من عدم الاستقرار. منظمات المجتمع المدني دعت إلى ضبط النفس والحوار الوطني لتجاوز الأزمة دون تأثير على الخدمات العامة الأساسية.
ختاماً، بينما تدخل ليتوانيا مرحلة انتقالية صعبة، يبقى التحدي الأكبر هو تشكيل حكومة جديدة قادرة على معالجة الملفات العالقة، خاصة فيما يتعلق بسياسات الطاقة والأمن والعلاقات مع الجوار الروسي، في وقت أصبحت فيه المنطقة بأكملها ساحة للتنافس الجيوسياسي بين القوى الكبرى.