بروكسل – (رياليست عربي): أعلن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان أن انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي أصبح “مستحيلاً” في الوقت الحالي، في تصريحات أثارت جدلاً واسعاً بين القادة الأوروبيين.
وأشار أوربان إلى أن أوكرانيا لا تستوفي الشروط الأساسية للعضوية، خاصة في ظل استمرار النزاع المسلح على أراضيها. هذه المواقف تعكس الانقسام الحاد داخل الاتحاد الأوروبي حول كيفية التعامل مع الملف الأوكراني، حيث تقود المجر مع عدد قليل من الدول موقفاً متشككاً تجاه التوسع شرقاً.
الخلفية التاريخية لهذه الأزمة تعود إلى عام 2022 عندما منح الاتحاد الأوروبي أوكرانيا وضع المرشح للعضوية، في خطوة اعتبرت آنذاك دعمًا سياسيًا كبيرًا لكييف في مواجهة روسيا، ومع ذلك، فإن عملية الانضمام الفعلية تتطلب إجماعاً بين الدول الأعضاء البالغ عددها 27 دولة، وهو ما أصبح يبدو بعيد المنال في ظل الموقف المجري الرافض.
الخبراء السياسيون يشيرون إلى أن أوربان يستخدم هذا الملف كورقة ضغط في مفاوضاته مع بروكسل حول قضايا أخرى، بما في ذلك حزمة المساعدات المالية المعلقة للمجر والتي تبلغ قيمتها 30 مليار يورو.
من جهة أخرى، تتعارض تصريحات أوربان مع الموقف الرسمي للمفوضية الأوروبية التي كانت قد أشارت في تقاريرها الأخيرة إلى تقدم أوكرانيا في تنفيذ الإصلاحات المطلوبة، خاصة في مجالات مكافحة الفساد وإصلاح القضاء، مصادر دبلوماسية في بروكسل تكشف أن غالبية الدول الأعضاء لا تزال تدعم المسار الأوروبي لأوكرانيا، لكنها تفضل اتباع نهج تدريجي يربط بين تقديم المساعدات وإحراز التقدم في الإصلاحات. هذا الموقف يلقى تأييداً من قبل ألمانيا وفرنسا اللتين تؤكدان على ضرورة عدم إعطاء وعود غير واقعية لكييف في ظل الظروف الحالية.
التداعيات المحتملة لهذا الموقف المجري قد تمتد إلى ما هو أبعد من الجانب السياسي، حيث أن تعثر عملية الانضمام الأوروبي لأوكرانيا قد يؤثر سلباً على الاقتصاد الأوكراني الذي يعتمد بشكل كبير على المساعدات الغربية، المحللون الاقتصاديون يحذرون من أن عدم الوضوح في المسار الأوروبي لأوكرانيا قد يثني المستثمرين الأجانب ويعيق عملية إعادة الإعمار بعد الحرب. في المقابل، يبدو أن القيادة الأوكرانية تحاول تخفيف حدة التوتر، حيث أكد الرئيس زيلينسكي أن بلاده ستواصل العمل على استيفاء جميع معايير العضوية رغم التحديات الكبيرة.
على الصعيد الجيوسياسي، فإن تصريحات أوربان تأتي في وقت حساس تشهد فيه العلاقات بين الاتحاد الأوروبي وروسيا توتراً غير مسبوق، حيث يرى مراقبون أن الموقف المجري قد يقدم خدمة غير مباشرة للدعاية الروسية التي تسعى لإظهار الانقسامات الأوروبية.
في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن المجر كانت قد عارضت سابقاً العديد من حزم العقوبات الأوروبية ضد روسيا، مما أثار انتقادات من شركائها في الاتحاد، ومع اقتراب موعد القمة الأوروبية المقبلة، من المتوقع أن يشهد الملف الأوكراني مناقشات حادة، حيث ستحاول الدول المؤيدة لأوكرانيا كسر الجمود الحالي وإيجاد صيغة توافقية تحفظ ماء الوجه للجميع.