وارسو – (رياليست عربي): في خطوة مفاجئة، أعلنت بولندا عن نيتها إعادة فرض الرقابة الحدودية مع ألمانيا، وذلك على خلفية تزايد تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر الحدود المشتركة، يأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه أوروبا موجة جديدة من الهجرة غير النظامية، مما يهدد مبدأ حرية الحركة داخل منطقة شنغن.
وفقاً لمصادر حكومية بولندية، شهدت الأشهر الثلاثة الماضية زيادة بنسبة 40% في عدد محاولات العبور غير القانوني مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وتعتبر بولندا أن هذه الزيادة تمثل ضغطاً غير مسبوق على بنيتها التحتية الأمنية والاجتماعية، خاصة في ظل محدودية الموارد المتاحة لمواجهة هذه التحديات.
من جهتها، عبرت برلين عن قلقها إزاء هذا القرار، معتبرة أنه قد يشكل سابقة خطيرة في العلاقات بين دول الاتحاد الأوروبي. وتشير تقارير إعلامية ألمانية إلى أن الحكومة الألمانية تدرس خيارات للرد، بما في ذلك احتمال تقديم شكوى رسمية لمؤسسات الاتحاد الأوروبي.
على الأرض، بدأت السلطات البولندية بالفعل في تعزيز وجودها الأمني على طول الحدود مع ألمانيا، حيث تم نشر وحدات إضافية من حرس الحدود مدعومة بأجهزة مراقبة متطورة. كما أعلنت عن خطط لبناء حواجز مؤقتة في النقاط الساخنة المعروفة بتسلل المهاجرين عبرها.
في السياق الأوسع، يعكس هذا التصعيد أزمة ثقة متنامية بين دول الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بسياسة الهجرة المشتركة، وتشير تحليلات سياسية إلى أن القرار البولندي قد يحذو حذوه دول أخرى في المنطقة، خاصة في ظل تصاعد الخطاب السياسي المناهض للهجرة في العديد من العواصم الأوروبية.
من الناحية القانونية، يسمح اتفاق شنغن بإعادة فرض الرقابة الحدودية مؤقتاً في حالات “التهديد الأمني الجدي”، لكن الخبراء يحذرون من أن الاستخدام المتكرر لهذا الإجراء قد يقوض المبدأ الأساسي لمنطقة الحركة الحرة، الذي يعتبر أحد أهم إنجازات التكامل الأوروبي.
على الصعيد الإنساني، تعرب منظمات حقوقية عن قلقها إزاء تأثير هذه الإجراءات على طالبي اللجوء الفعليين، محذرة من أن تشديد الرقابة الحدودية قد يدفع المهاجرين إلى اتخاذ طرق أكثر خطورة، مع ما يرافق ذلك من مخاطر على حياتهم.
في الختام، بينما تبدو بولندا مصممة على المضي قدماً في قرارها، يبقى السؤال حول مدى تأثير هذه الخطوة على مستقبل التعاون الأوروبي في مجال إدارة الهجرة. مع التركيز على الكلمة المفتاحية “الرقابة الحدودية بين بولندا وألمانيا”، تبرز هذه الأزمة كاختبار حقيقي لتماسك الاتحاد الأوروبي في مواجهة التحديات المشتركة.