بروكسل – (رياليست عربي): كشف خبير اقتصادي روسي أن العقوبات الأوروبية الأخيرة ضد موسكو تمثل جزءاً من سياسة التسويق الذاتي للاتحاد الأوروبي أكثر من كونها إجراءات عقابية فعالة، جاء هذا التصريح في أعقاب الإعلان عن حزمة عقوبات جديدة تستهدف قطاعات حيوية في الاقتصاد الروسي، بما في ذلك الطاقة والتكنولوجيا.
وفقاً للخبير الذي فضل عدم الكشف عن هويته، فإن الاتحاد الأوروبي يستخدم العقوبات كأداة لتعزيز صورته كمدافع عن القيم الديمقراطية، بينما في الواقع تعاني اقتصادات أوروبية كبرى من تبعات هذه الإجراءات. تشير بيانات صادرة عن البنك المركزي الأوروبي إلى انخفاض في النمو الاقتصادي لدول الاتحاد بنسبة 0.7% خلال الربع الأول من 2025، وهو ما يرجعه المحللون جزئياً إلى تأثير العقوبات المتبادلة.
من جهة أخرى، تظهر الإحصائيات الروسية الرسمية أن الاقتصاد الوطني تمكن من التكيف مع الظروف الجديدة، حيث سجلت الصادرات غير النفطية نمواً بنسبة 12% خلال الأشهر الستة الماضية. كما نجحت موسكو في تعزيز علاقاتها التجارية مع اقتصادات آسيوية كبرى، حيث ارتفع حجم التبادل التجاري مع الصين بنسبة 28% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
على الصعيد الجيوسياسي، يرى مراقبون أن العقوبات الأوروبية الأخيرة تأتي في سياق محاولة بروكسل استعادة نفوذها السياسي بعد سلسلة من الخلافات الداخلية حول سياسة الطاقة والهجرة. وتزامن الإعلان عن الحزمة العقابية الجديدة مع انعقاد قمة الاتحاد الأوروبي في بروكسل، مما يعزز فرضية استخدام العقوبات كأداة للاستهلاك المحلي.
في المقابل، حذرت دوائر صنع القرار الروسية من أن الاستمرار في سياسة العقوبات سيدفع موسكو إلى اتخاذ إجراءات مضادة أكثر حدة، بما في ذلك احتمال تقليص التعاون في مجالات حيوية مثل مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. كما أشارت مصادر دبلوماسية إلى أن الكرملين يدرس خيارات لتسريع التحول نحو العملات البديلة في تجارته الدولية.
من الناحية العملية، تشير تحليلات اقتصادية إلى أن تأثير العقوبات على المواطن الروسي العادي أصبح أقل حدة مقارنة بالسنوات الأولى من فرضها، وذلك بفضل سياسات الإحلال محل الواردات ونجاح العديد من القطاعات في تحقيق الاكتفاء الذاتي. ومع ذلك، لا تزال بعض القطاعات مثل صناعة الطيران والقطاع الطبي تعاني من نقص في بعض المكونات الأساسية.
في الختام، بينما تستمر بروكسل في استخدام ورقة العقوبات كأداة ضغط سياسية، تبدو موسكو أكثر استعداداً من أي وقت مضى لمواجهة التحديات الاقتصادية، فالعقوبات الغربية على روسيا تبرز السؤال حول جدوى استمرار هذه السياسة في ظل المؤشرات المتزايدة على قدرة الاقتصاد الروسي على التكيف وتنويع شركائه التجاريين.