الكويت – (رياليست عربي): في خطوة مهمة لتعزيز قواتها البحرية، وقعت الكويت عقداً بقيمة 245 مليون دولار لبناء سفن حربية من نوع كورفيت، وذلك ضمن استراتيجيتها الطموحة لتحديث أسطولها العسكري، يأتي هذا الاتفاق في وقت تشهد فيه منطقة الخليج العربي تحولات أمنية متسارعة وتزايداً في التحديات البحرية، مما يستدعي تعزيز القدرات الدفاعية للدول الساحلية.
تشير التفاصيل الفنية للعقد إلى أن السفن الجديدة ستتميز بتقنيات متطورة في مجال المراقبة والرصد، مع أنظمة تسليح متكاملة قادرة على تنفيذ مهام متعددة تتراوح بين الدفاع الساحلي ومكافحة القرصنة وحماية الممرات المائية الحيوية، ومن المتوقع أن تسهم هذه الوحدات البحرية في تعزيز الوجود العسكري الكويتي في مياه الخليج، خاصة في المناطق القريبة من الحدود البحرية والحقول النفطية البحرية.
على الصعيد الإقليمي، يأتي هذا التعاقد ضمن سياق سباق تسلح بحري ملحوظ تشهده دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تسعى كل دولة لتعزيز أسطولها البحري بما يتناسب مع التهديدات الأمنية المتزايدة في المنطقة، وتظهر البيانات أن الإنفاق العسكري البحري لدول الخليج شهد ارتفاعاً ملحوظاً خلال السنوات الخمس الأخيرة، مع تركيز خاص على سفن السطح المتوسطة والصغيرة مثل الكورفيتات والفرقاطات.
المصادر العسكرية تشير إلى أن الكويت اختارت شريكاً أوروبياً لتنفيذ هذا المشروع، في استمرار لسياسة التنويع في مصادر التسلح التي تتبعها الدولة الخليجية، ومن المرجح أن يشمل العقد بنوداً لنقل التكنولوجيا والتدريب، مما سيمكن الكويت من تطوير كفاءاتها المحلية في مجال الصناعات البحرية العسكرية.
من الناحية الاقتصادية، يمثل هذا العقد استثماراً مهماً في القطاع الأمني الكويتي، حيث يأتي ضمن حزمة تحديثات تشمل مختلف فروع القوات المسلحة. وتحصل الكويت على هذه السفن في وقت تشتد فيه المنافسة التجارية والعسكرية في مياه الخليج، خاصة مع تزايد النشاط البحري التجاري وحركة ناقلات النفط العملاقة.
على المستوى الاستراتيجي، تكتسب الكورفيتات أهمية خاصة نظراً لملاءمتها لطبيعة المياه الإقليمية الكويتية الضحلة نسبياً، وقدرتها على المناورة في المساحات المحدودة، كما أن هذه السفن ستلعب دوراً محورياً في حماية المنشآت النفطية البحرية التي تمثل عصب الاقتصاد الكويتي، خاصة في ظل التهديدات المتكررة التي شهدتها المنطقة في السنوات الأخيرة.
في السياق الدولي الأوسع، يعكس هذا التعاقد التوجه العالمي نحو تصنيع سفن حربية متوسطة الحجم متعددة المهام، بدلاً من الاعتماد الكبير على الوحدات البحرية الكبيرة، وتظهر الدراسات أن الكورفيتات أصبحت الخيار الأمثل للعديد من الدول الساحلية نظراً لتكلفتها المعقولة نسبياً وقدراتها التشغيلية المتنوعة.
من المتوقع أن يتم تسليم السفن الجديدة على مراحل خلال السنوات الثلاث إلى الأربع القادمة، مع إجراء تدريبات مكثفة للطواقم الكويتية على تشغيل هذه المنظومات المتطورة، وسيكون لهذه الإضافة العسكرية تأثير ملموس على موازين القوى البحرية في المنطقة، خاصة في مجال المراقبة الساحلية وحماية الحدود المائية.
يمثل توقيع الكويت لهذا العقد خطوة استباقية مهمة في تعزيز أمنها البحري، في وقت تشهد فيه المنطقة تحولات جيوسياسية وأمنية عميقة، هذه الصفقة العسكرية الكبيرة لن تعزز فقط من قدرات الدفاع الساحلي الكويتي، ولكنها ستسهم أيضاً في تحقيق التوازن الاستراتيجي في مياه الخليج العربي الحيوية، مع ما يرافق ذلك من تداعيات إيجابية على الاستقرار الأمني والاقتصادي في المنطقة.