واشنطن – (رياليست عربي): أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن خطة طموحة لتعزيز القدرات العسكرية الأمريكية عبر الإنتاج الضخم للصواريخ الهيبرسونيك، في خطوة من شأنها إعادة تشكيل موازين القوى العسكرية العالمية.
وجاء هذا الإعلان خلال مؤتمر صحفي عقده ترامب يوم 24 مايو 2025، حيث أكد أن الولايات المتحدة ستطلق برنامجاً غير مسبوق لإنتاج هذه الصواريخ المتطورة التي تتجاوز سرعتها خمسة أضعاف سرعة الصوت (Mach 5+).
الصواريخ الهيبرسونيك، التي تمثل الجيل الجديد من التسلح الاستراتيجي، تتميز بقدرتها على المناورة أثناء الطيران وعبور أنظمة الدفاع الجوي التقليدية. وفقاً لتصريحات ترامب، فإن البرنامج الجديد سيركز على تطوير ثلاثة أنواع رئيسية من هذه الصواريخ: صواريخ باليستية متوسطة المدى، وصواريخ كروز، وأسلحة انزلاقية متفوقة سرعياً. الخطة تهدف إلى إنتاج ما لا يقل عن 500 صاروخ هيبرسونيك سنوياً بحلول عام 2027، مع تخصيص ميزانية أولية تقدر بـ15 مليار دولار لهذا المشروع.
هذا التوجه الأمريكي يأتي رداً على التقدم الكبير الذي أحرزته كل من روسيا والصين في مجال الأسلحة الهيبرسونيك. روسيا أعلنت سابقاً عن تطويرها لصواريخ “أفانجارد” و”كينجال” الهيبرسونيكية، بينما كشفت الصين عن صاروخ “دي إف-17” القادر على حمل رؤوس نووية. الخبراء العسكريون يحذرون من أن الولايات المتحدة قد تأخرت في هذا السباق التكنولوجي الحاسم، حيث تمتلك روسيا حالياً ما لا يقل عن خمسة أنواع تشغيلية من هذه الصواريخ، بينما تمتلك الصين ثلاثة أنواع على الأقل.
من الناحية التقنية، تشكل الأسلحة الهيبرسونيك تحدياً كبيراً لأنظمة الدفاع الجوي الحالية. سرعتها التي تتراوح بين Mach 5 وMach 10 (6,174-12,348 كم/ساعة)، وقدرتها على تغيير مسارها أثناء الطيران، تجعل اعتراضها مهمة شبه مستحيلة للأنظمة الدفاعية التقليدية. هذا التطور التكنولوجي يهدد بإلغاء مفهوم “الردع النووي” القائم منذ الحرب الباردة، ويجعل العالم أمام مرحلة جديدة أكثر خطورة من سباق التسلح.
على الصعيد الاستراتيجي، فإن تعزيز القدرات الهيبرسونيكية الأمريكية سيؤثر بشكل مباشر على التوازنات العسكرية في عدة نقاط ساخنة حول العالم. في آسيا، قد يغير هذا التطور من حسابات المواجهة المحتملة حول تايوان وبحر الصين الجنوبي. أما في أوروبا، فإنه سيعيد تشكيل المعادلة الأمنية مع روسيا، خاصة في ظل الأزمة الأوكرانية المستمرة.
ردود الفعل الدولية على هذا الإعلان جاءت متباينة. حلفاء الولايات المتحدة في الناتو رحبوا بالخطوة باعتبارها تعزيزاً للأمن الجماعي، بينما استنكرت روسيا والصين ما وصفته “باستفزاز جديد يهدد الاستقرار العالمي”، منظمة الأمم المتحدة عبرت عن قلقها من أن هذا التطور قد يؤدي إلى سباق تسلح جديد يزيد من حدة التوترات الدولية.
من الناحية الاقتصادية، فإن برنامج التسلح الهيبرسونيك سيعود بفوائد كبيرة على المجمع الصناعي العسكري الأمريكي. شركات مثل لوكهيد مارتن، ورايثيون، ونورثروب غرومان ستكون المستفيد الرئيسي من هذه العقود الضخمة، مما سينعش قطاع الصناعات الدفاعية ويزيد من فرص العمل في هذا المجال.
على الجانب القانوني، تثير هذه التطورات تساؤلات حول مستقبل معاهدات الحد من الأسلحة الاستراتيجية. معظم الاتفاقيات الحالية مثل “ستارت الجديد” لا تغطي الأسلحة الهيبرسونيكية، مما يخلق فراغاً قانونياً قد يؤدي إلى تفاقم سباق التسلح دون ضوابط كافية.
في الختام، يبدو أن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة من التنافس العسكري العالمي، حيث تتحول الأسلحة الهيبرسونيكية إلى محور الاستراتيجيات الدفاعية للقوى الكبرى. السؤال الأكبر الذي يطرح نفسه هو: هل ستكون هذه التكنولوجيا العسكرية الجديدة عاملاً لتحقيق التوازن والردع، أم ستكون شرارة لمرحلة أكثر خطورة من عدم الاستقرار العالمي؟ في ظل غياب أطر قانونية دولية فاعلة لتنظيم هذا المجال، يبقى المستقبل الأمني العالمي معلقاً على مفترق طرق خطير.