رياليست عربي│ أخبار و تحليلات

Русский/English/العربية

  • أخبار
  • خبراؤنا
  • حوارات
  • الآراء التحليلية
لا توجد نتائج
اقرأ كل النتائج
رياليست عربي│ أخبار و تحليلات
  • أخبار
  • خبراؤنا
  • حوارات
  • الآراء التحليلية
لا توجد نتائج
اقرأ كل النتائج
رياليست عربي│ أخبار و تحليلات

د. محمد سيف الدين: نجوم إيرانية تُضِيء سماء مهرجان كان السينمائي

د. محمد عمر سيف الدين: يشهد مهرجان كان هذا العام حضورًا مكثفًا ومميزًا ومتنوعًا من جانب السينما الإيرانية، حيث تشارك خمسة أفلام في أقسام المهرجان المختلفة؛ من بينها فيلمين في المسابقة الرسمية.

     
مايو 17, 2025, 10:00
الآراء التحليلية
الممثلة الإيرانية "زهراء إبراهيمي" من فيلم "لي لي"

الممثلة الإيرانية "زهراء إبراهيمي" من فيلم "لي لي"

القاهرة – (رياليست عربي): في ليلةٍ ساحرةٍ تلألأت سماؤها بمِئات النجوم من مختلف أنحاء العالم، أزاح “مهرجان كان السينمائي الدولي” Le Festival de Cannes الستار عن دورته الـ 78 مساء الثلاثاء 13 مايو 2025.

يمثل “مهرجان كان” الحدث السينمائي الأهم والأكبر في العالم أجمع، باعتباره واحدًا من أقدم ثلاثة مهرجانات دولية بعد قرينيه “فينيسيا وبرلين”، إذ يرجع تاريخ تأسيسه إلى عام 1946، ويُقام في مدينة كان الفرنسية في الفترة من 13 حتى 24 مايو سنويًا.

يحظى هذا المهرجان دون غيره من سائر المهرجانات السينمائية باهتمام إعلامي كبير وحضور فني واسع النطاق من قبل صُنَّاع السينما والنقاد من جميع أرجاء العالم شرقًا وغربًا.

ألقى كلمة الافتتاح في مفاجأة غير متوقعة المخرج الأمريكي الكبير ذو الجذور الإيطالية “كوينتين تارانتينو” Quentin Tarantino، كما ألقت الممثلة الفرنسية الجميلة “جولييت بينوش” Juliette Binoche، رئيس لجنة تحكيم المسابقة الرسمية، كلمة مؤثرة عن دور المصورة والصحفية الفلسطينية “فاطمة حسونة” في توثيق معاناة الشعب الفلسطيني تحت نيران العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة إلى أن لقيت مصرعها مع 10 أشخاص من ذويها عقب قصف بيت العائلة في حي “التفاح” بمدينة غزة في 16 أبريل الماضي.

قدم فِقرات حفل الافتتاح الممثل الفرنسي الوسيم “لوران لافيت” Laurent Lafitte، تخللتها وصلة غنائية، قدمت فيها المطربة الفرنسية الكبيرة صاحبة الصوت الحاني الدافئ “ميلين فارمر” Mylène Farmer غنوةً جديدةً عذبةً الإيقاع على أنغام البيانو بعنوان “الاعتراف” L’intégralité، تكريمًا للمخرج الأمريكي “ديفيد لينش” David Lynch الذي رحل عن عالمنا في 16 من يناير الماضي.

أهدي المهرجان هذه الدورة إلى روح الممثلة البلجيكية “إميلي ديكوين” Emilie Dequenne التي توفيت عن عمر يناهز 43 عامًا بعد صراع مع نوع نادر من السرطان يُصيّب الغدة الكظرية.

كرَّم المهرجان خلال حفل الافتتاح، الممثل الأمريكي المخضرم “روبرت دي نيرو” Robert De Niro البالغ من العمر 81 سنة، وأهداه جائزة “السَّعفة الذهبية الفخرية” عن مشواره الفني الحافل بعلامات خالدة في تاريخ السينما العالمية. سلَّمه الجائزة الممثل الأمريكي المحبوب “ليوناردو دي كابريو” Leonardo DiCaprio، وأسبقها بكلمة مطولة عن موهبة “دي نيرو” الاستثنائية، وعلاقته الحميمة به منذ أول فيلم جمعهما معًا “حياة هذا الفتى” This Boy’s Life عام 1993، وكان وقتها “دي كابريو” يبلغ من العمر 19 عامًا.

خلال كلمته عقب استلام الجائزة، وجه “دي نيرو” نقدًا حادًا إلى الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” Donald Trump، بسبب فرض رسوم جمركية بنسبة 100% على الأفلام المنتجة خارج الولايات المتحدة، واصفًا إياه بـ “الرئيس الجاهل، وعدو الديمقراطية والفنون والتنوع الثقافي”.

يحتفي المهرجان هذا العام بأسطورة السينما العالمية الفنان البريطاني الراحل “شارلي شابلن” Charles Chaplin، حيث يعرض له، ضمن فعليات برنامج (كلاسيكيات كان) Cannes Classics، نسخةً مرممةً من الفيلم الكوميدي الصامت “التكالب على الذهب” The Gold Rush بمناسبة مرور 100سنة على إنتاجه عام 1925.

وتتضمن عروض برنامج الكلاسيكيات أيضًا، عرض نسخة مرممة من فيلم “الغليان الشديد” Hard Boiled للمخرج الصيني “جون وو” John Woo من إنتاج عام 1992، وعرض نسخة مُحدَّثة بدقة (4k) من فيلم “باري ليندون” Barry Lyndon للمخرج الأمريكي الراحل “ستانلي كوبريك” Stanley Kubrick من إنتاج عام 1975.

كما يُعرض فيلم “أحدهم طار فوق عش الوقواق” One Flew Over the Cuckoo’s Nest للمخرج الأمريكي التشيكي الأصل “ميلوش فورمان” Miloš Forman بمناسبة مرور 50 سنة على إنتاجه عام 1975، وكذلك فيلم “حب الكلاب” Amores Perros للمخرج المكسيكي “أليخاندرو إيناريتو”Alejandro G. Iñárritu بمناسبة مرور 25 سنة على إنتاجه عام 2000. ‏

على هامش برنامج الكلاسيكيات، يُكرَّم الكاتب والمخرج الفرنسي “مارسيل بانيول” Marcel Pagnol بمناسبة الذكرى الـخمسين لوفاته، وفي إطار تكريم المخرج الراحل “ديفيد لينش” يُعرض فيلمٌ وثائقيٌ بعنوان “ديفيد لينش: أهلًا بك في هوليوود” David Lynch: Welcome to Hollywood بحضور ابنه “رايلي لينش”، يتناول “الرمزية” في أعمال لينش، وتفنيد “الحلم الأمريكي” من منظوره السينمائي الميلودرامي.

تُقام كذلك ندوةٌ نقاشيةٌ حول أعمال المخرج الأمريكي “جورج شيرمان” George Sherman، يُدِيرها المخرج الأمريكي “كوينتين تارانتينو”، ويُعرض خلالها فيلما “الوادي الأحمر” Red Canyon من إنتاج عام 1949، و”إقليم الكومانشي” Comanche Territory من إنتاج عام 1950 لشيرمان.

حمل مهرجان كان هذا العام طابعًا رومنسيًا عميق الأثر، تجسد في الفيديو الدعائي الخاص بالمهرجان، حيث شمل أشهر مشاهد المعانقة على الشاشة الفضية بين العشاق، والأصدقاء، والآباء والأبناء، والأشقاء والشقيقات، والبشر والحيوانات الأليفة، وخُتم بواحدٍ من أجمل مشاهد المعانقة في السينما الفرنسية وأخلدها، وهو مشهد عناق الممثلين “أنوك أيمي” Anouk Aimée، و”جان لوي ترينتينيان” Jean-Louis Trintignant من فيلم “رجل وامرأة” Un homme et une femme، تأليف “بيير أويترهوفن” Pierre Uytterhoeven، وإخراج “كلود ليلوش” Claude Lelouch، وإنتاج عام 1966.

هذا المشهد أصبح بوستر المهرجان الرسمي، وظهر بوجهين؛ الوجه الأول يظهر فيه وجه الممثلة “أنوك أيمي”، وهي تحتضن الممثل “جان لوي”، والوجه الثاني يظهر فيه وجه “جاي لوي” وهو يحتضن “أنوك أيمي”. هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها المهرجان بوسترًا مزدوجًا.

“رجل وامرأة” واحدةٌ من أجمل الأفلام الرومانسية في تاريخ السينما الفرنسية، وأكثرها نجاحًا على الصعيد العالمي، استطاع اقتناص العديد من الجوائز كان أبرزها؛ جائزتا “أوسكار” أفضل فيلم أجنبي، وأفضل سيناريو، وجائزة “السَّعفة الذهبية” كأفضل فيلم.

في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ مهرجان كان على وجه الخصوص والمهرجانات الدولية على وجه العموم، اختارت إدارة المهرجان فيلم “رحل يومًا” Partir un jour ليعرض في حفل الافتتاح خارج المسابقة الرسمية، وهو أول فيلم للمخرجة الفرنسية الشابة “أميلي بونان” Amélie Bonnin. جاء انتقاؤه من بين أفلام عديدة من توقيع عمالقة الإخراج في السينما العالمية في مغامرة جديدة يخوضها المهرجان هذا العام.

من الأمور الملفتة للنظر في دورة هذا العام، أن إدارة مهرجان قررت منع ارتداء الملابس العارية على السجادة الحمراء خلال حفلتي الافتتاح والختام وطوال فعاليات المهرجان، بعدما تصدرت مشاهد الفساتين شبه العارية مراسم الافتتاح والختام خلال السنوات الأخيرة، كما شدد المنظمون على حظر الفساتين الضخمة، خاصة ذات الذيول الطويلة لأنها تعيق حركة الضيوف.

يأتي هذا القرار ضمن ميثاق جديد أقره المهرجان دعا إلى العودة للإطلالات الكلاسيكية الأنيقة المتمثلة في الحُلل الرسمية، والفساتين الطويلة.

يتنافس هذا العام 22 فيلمًا في “المسابقة الرسمية” من أجل اقتناص “السَّعفة الذهبية”، بينما يتنافس 20 فيلمًا في مسابقة “نظرة ما” من أجل الحصول على “الكاميرا الذهبية”. كما يُعرض العديد من الأفلام الأخرى في فعاليات سوق المهرجان، والعرض الأول، والعروض الخاصة.

السينما الإيرانية في مهرجان كان

يشهد مهرجان كان هذا العام حضورًا مكثفًا ومميزًا ومتنوعًا من جانب السينما الإيرانية، حيث تشارك خمسة أفلام في أقسام المهرجان المختلفة؛ من بينها فيلمين في المسابقة الرسمية صُوِّرا بالكامل في إيران.

جعفر بناهي: حادثة بسيطة

الفيلم الأول “حادثة بسيطة: یک تصادف ساده” من تألیف وإخراج “جعفر بناهي”، وإنتاجه بالاشتراك مع المنتج الفرنسي “فیلیب مارتن” Philippe Martin، صاحب شركة “أفلام بيلياس” Les Films Pelléas، وبطولة كل من: إبراهيم عزيزي، مجيد بناهي، وحيد مباشري، مريم أفشاري.

تدور أحداث الفيلم حول حادث سير يجمع عددًا من الأشخاص الغرباء، تتشابك مصائرهم من خلال سلسلة من الأحداث المتتابعة الناجمة عن الحادث.

الفيلم صُوِّر في إيران دون الحصول على تصريح من الرقابة، أو مراعاة قواعد الحجاب الإجباري الصارمة، لذا أضفى بناهي سريةً تامةً على مراحل إنتاج الفيلم وتصويره، حيث صرحت رئيسة مهرجان كان “إيريس نوبلوك” Iris Knobloch أثناء المؤتمر الصحفي الخاص بالإعلان عن أسماء الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية بأن السيد بناهي  طلب عدم الإفصاح عن أية معلومات عن الفيلم أو مضمونه أو أبطاله، والاكتفاء بذكر نُبذة وجيزة عنه فحسب.

هذه هي المشاركة الخامسة لبناهي في مهرجان كان بعد أفلام: المنطاط الأبيض “بادکُنک سفيد” عام 1995، الذهب الأحمر “طلاى سُرخ ” عام 2003، هذا ليس فيلمًا “اين فيلم نيست” عام 2011،  ثلاثة وجوه “سه رُخ” عام 2018.

كان آخر أعمال بناهي فيلم “لا توجد دببة (خِرس نیست)” عام 2022 الذي شارك في الدورة الـ  79 من “مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي عام 2022، وحصل على جائزة “لجنة التحكيم الخاصة”.

جعفر بناهي واحدٌ من كبار المخرجين الإيرانيين المعروفين على النطاق العالمي، نال عن أفلامه العديد من الجوائز العالمية؛ كان من أبرزها جائزة “الكاميرا الذهبية” من مهرجان كان السينمائي الدولي عن فيلم “المنطاط الأبيض” عام ١٩٩٥.. جائزة “الأسد الذهبي” من مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي عن فيلم “الدائرة” عام ٢٠٠٠.. جائزة “الدب الذهبي” من مهرجان برلين السينمائي الدولي عن فيلم “تاكسي” عام ٢٠١٥.. جائزة “أفضل سيناريو”  من مهرجان كان عن فيلم “ثلاثة وجوه” عام ٢٠١٨.

تولى بناهي رئاسة لجنة تحكيم العديد من المهرجانات الدولية؛ من بينها مهرجان روتردام السينمائي الدولي بهولندا عام ٢٠٠٨، ومهرجان مونتريال السينمائي الدولي بكندا عام ٢٠٠٩، هذا بالإضافة إلى عضويته في لجان تحكيم عدد من المهرجانات الأخرى.

ولد بناهي في مدينة “ميانة” بمحافظة “أذربيجان الشرقية” عام ١٩٦٠، وبدأ عمله في الحقل السينمائي كمساعد للمخرج الإيراني الراحل “عباس كيارُسَتمي”.

تنتمي أفلام جعفر بناهي إلى مدرسة “الواقعية الجديدة” في السينما، حيث يسلط الضوء من خلالها على قضايا المجتمع الإيراني ومشكلاته كالفقر، والبطالة، والظلم والجور، والاضطهاد، والقيود الفردية والجماعية، والفساد الحكومي، مما جعله ينضم إلى قائمة الفنانين المعارضين للنظام الحاكم، ووضع أعماله فوق سِّنان الرقابة الإيرانية تشجّ في جسدها وتحول دون تصويرها أو عرضها داخل البلاد.

على خلفية أعماله التي تنتقد النظام الإيراني، أُلقي القبض على بناهي أكثر من مرة، ومُنع من الظهور الإعلامي والعمل والسفر خارج البلاد لمدة ٢٠ سنة.

في 11يوليو 2022، قُبض على بناهي وحُبس في سجن “إيفين (اِوین)” بتهمة “الاتصال بالقوى المناهضة للثورة الإسلامية والإخلال بالأمن النفسي للمجتمع”، وذلك بعد أن أصدر ما يقرب من 100 سينمائي إيراني يتزعمهم المخرج الإيراني “محمد رسولوف” –الهارب خارج البلاد حاليًا– في 29 مايو بيانًا بعنوان “ألقِ سلاحك: تفنگت را زمین بگذار” في أعقاب انهيار جزء كبير من برجي “متروبول التوءم” قيد الإنشاء بمدينة عبادان الواقعة بمحافظة خوزستان في 23 مايو، مما أسفر عن وفاة 43 شخصًا وإصابة 37 آخرين واندلاع مظاهرات حاشدة في مدن خوزستان المختلفة وسائر المدن الإيرانية، تطالب بمحاسبة المسؤولين عن انهيار المبنى، وهي مظاهرات قمعتها وحدة “القوات الخاصة” بعنفٍ شديدٍ.

بعد قضاء 7 أشهر في السجن، انتهت بالإضراب عن الطعام، أفرجت السلطات الإيرانية عن بناهي إفراجًا مؤقتًا بعد دفع كفالة مالية.

رغم كل ما واجهه جعفر بناهي من عقبات وصعوبات كادت تُنهِي مسيرته الفنية إلى الأبد، لم يتوقف عن صناعة الأفلام، واستطاع تقديم مجموعة من الأعمال تجسد واقع المجتمع الإيراني، حجزت مكانةً راسخةً بين نظائرها على مستوى العالم، وجعلت بناهي واحدًا من أبرز المخرجين الإيرانيين المُشار إليهم بالبنان في الداخل والخارج.

سعيد روستايي: امرأة وطفل

الفيلم الثاني هو “امرأة وطفل: زن و بچه” من تأليف وإخراج “سعيد روستايي”، وبطولة النجمين اللامعين بریناز إیزدیار، وبيمان معادي، وإنتاج سيد جمال ساداتيان.

تدور أحداث الفيلم حول “مَهناز” أرملة أربعينية تعمل ممرضة، وأم ولد وبنت صغيرين، تتولى تربيتهما وحدها. تعاني من تصرفات ابنها “علي يار” الطائشة. بينما تستعد للزواج من “حميد”، يُطرد ابنها من المدرسة، ويتسبب حادث مأسوي في قلب حياتها رأسًا على عقب، مما يجعلها تسعى إلى تحقيق العدالة وأخذ الثأر.

“امرأة وطفل” هو رابع فيلم روائي طويل يقوم بإخراجه “سعيد روستايي”.

ولد روستايي في مدينة “سافيه (ساوه)” بمحافظة “مركزي” عام 1989، وتخرج من جامعة “سورة” للفنون. على الرغم من مسيرته الفنية القصيرة، استطاع أن يحصد العديد من الجوائز المحلية والعالمية، ويقف جنبًا إلى جنب مخرجي إيران الكبار؛ ممن قدموا أعمالًا استحوذت على قلوب الجماهير والنقاد حول العالم أمثال أصغر فرهادي، وجعفر بناهي، وإبراهيم حاتمي كيا، وغيرهم.

روستايي مخرج له تكنيك خاص في طرح الموضوعات وسردها على الشاشة، يتسم بالمباشرة والتناغم والسلاسة وتصاعد الحبكة الدرامية المنطقي في قالب مُشوِّق وجذاب. يناقش في أغلب أفلامه قضايا اجتماعية وإنسانية كعادة معظم المخرجين الإيرانيين، لكن هذه الأعمال لا تخلو من تلميحاتٍ سياسيةٍ تندد بسياسات النظام الداخلية والخارجية وانعكاسها السلبي على الشعب الايراني.

استطاع روستايي أن يلفت إليه الأنظار مع أول أفلامه على شاشة السينما “ابد و یک روز: مدى الحياة” عام 2016، حيث لقي الفيلم استحسانًا كبيرًا من قبل الجمهور والنقاد ووسائل الإعلام الإيرانية، فضلًا عن حصوله على عدد من الجوائز المحلية والعالمية.

كان آخر أعمال روستايي “براداران ليلا: إخوة ليلى” عام ٢٠٢٢ الذي أحدث ضجةً كبيرةً داخل إيران، ومُنع من العرض بسبب انتقد النظام بشكلٍ صريحٍ. بسبب هذا الفيلم حوكم روستايي بتهمة مناهضة النظام، ومنع من العمل فترة من الوقت.

عُرض “إخوة ليلى” لأول مرة في الدورة الـ 75 من مهرجان كان، وحصل على إشادات واسعة من النقاد، ورُشح للحصول على “السَّعفة الذهبية”، لكنه حصل في النهاية على جائزة الاتحاد الدولي للنقاد السينمائيين “فيبريشي” FIPRESCI.

ضم الفيلم نخبةً كبيرةً من نجوم الصف الأول بإيران، تتقدمهم الجميلة “ترانة علي دوستي” إلى جانب كل من: نافيد (نويد) محمد زاده، بيمان معادي، فرهاد أصلاني.

يعتبر “إخوة ليلى” واحدًا من أجرأ الأفلام الإيرانية بعد الثورة، وأفضلها على الإطلاق من حيث اختيار الكاست، وصياغة الحبكة الدرامية، واستخدام التقنيات الفنية.  

الأفلام الغامرة: لي لي

استحدث مهرجان كان خلال الدورة السابقة قسمًا جديدًا يُعرف باسم “المسابقة الغامرة” the Immersive Competition، تتنافس فيه أفلام تروي قصصها بتقنيات حديثة ومبتكرة مثل الواقع الافتراضي، والواقع المعزز، وخرائط التشيط الذهني الرقمية، أو ما يمكن أن نطلق عليه إجمالًا (تقنية الميتافيرس)، من أجل دمج الجمهور في بيئة تفاعلية جذابة تُهيّج حُسوسهم وحواسهم.

عادةً ما تقوم الحبكة الدرامية في النوع من الأفلام على لعبة فيديو ثلاثية الأبعاد مدمجة على الوسائط الإلكترونية أو التطبيقات الرقمية أو الشبكة العنكبوتية، يلجها المتسابقون (أبطال الفيلم) في البداية بمحض إدارتهم من أجل التسلية والمتعة، لكن سرعان ما يتحولون إلى عناصر وأدوات داخل اللعبة تهدد واقعهم المادي.

يبلغ عدد الأفلام المشاركة في هذه القسم 16 فيلمًا، بينما تتنافس 9 أعمال من أجل حصد جائزة أفضل “فيلم غامر”، من بينها فيلم  “لي لي” للمخرج “نافيد خانساري (نويد خوانساري)”.

على الرغم من أن هذا الفيلم صناعة إيرانية، لكنه ناطق باللغة الإنجليزية، وممول من جهات إنتاج أمريكية وبريطانية وفرنسية. تلعب بطولته الفنانة الإيرانية “زهراء (زر) أمير إبراهيمي”، الحاصلة على جائزة “السَّعفة الذهبية” أفضل ممثلة دور أول من مهرجان كان خلال دورته الـ 75 عام 2022 عن دورها في فيلم “العنكبوت المقدس”، والممثل الأمريكي إيراني الأصل “نافيد نِجاه بان (نويد نِگهبان)”.

تدور أحداث الفيلم في إحدى المدن الإيرانية حول السيدة “لي لي”، زوجة قائد عسكري، تحيك جريمة قتل بهدف صعود زوجها في المؤسسة العسكرية، لكن هذه الجريمة تُوقِعها ضحية موقع قرصنة إلكترونية يُعرف باسم “هيكاتي – الساحرات المعاصرات”.

في إطار لعبة مليئة بالغموض والتحدي مستوحاة من مسرحية “ماكبث” Macbeth للكاتب الإنجليزي “وليم شكسبير” William Shakespeare، يرصد “خانساري” عالم الشبكة المظلمة Dark web، والقرصنة الإلكترونية، ويطرح تساؤلات عِدَّة حول هيمنة التكنولوجيا المتنامية حولنا بشكل متسارع على حياتنا، ومدى تأثيرها على سلوكيات الأشخاص وتصرفاتهم.

ينتمي صناع فيلم “لي لي” إلى فناني المهجر الإيرانيين المقيمين خارج البلاد بسبب آرائهم ومعتقدات وتوجهات التي تتعارض مع أيديولوجيات النظام الإيراني.

“نافيد خانساري”منتج ومصمم ألعاب فيديو إيراني كندي، ولد في مدينة مونتريال بمقاطعة كُبيك شرقي كندا عام 1970. عاش السنوات العشر الأولى من عمره في إيران، وبعد اندلاع الثورة الإيرانية عام 1979، هاجر بصحبة أسرته إلى كندا. تخرج من “معهد فانكوفر للسينما” Vancouver Film School بجامعة كولومبيا البريطانية في كندا، لكن بدأ اهتمامه بتصميم ألعاب الفيديو عقب مشاركته في لعبة “كرة الطلاء” Paintball.

في عام 2006 أسس خانساري بالتعاون مع زوجته مخرجة الأفلام الوثائقية وخبيرة الأنثروبولوجيا البصرية “فاسيليكي خانساري” Vassiliki Khonsari ستوديو “أي. إن. كيه ستوريز” iNK Stories بنيويورك لإنتاج ألعاب فيديو وأفلام وثائقية وأعمال غامرة بتقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز.

من أبرز الألعاب التي قام بتصميمها خانساري ولاقت رواجًا واسعًا دوليًا: جهاز الإنذار التلقائي الكبير Grand Theft Auto في ثلاثة أجزاء، آلان ويك Alan Wake، صائد البشر Manhunt، ماكس باين Max Payne، ثورة 1979: الجمعة السوداء   Revolution 1979: Black Friday

سبيدة فارسي: اِحمل روحك على كفكَ وامضِ

خارج أقسام المهرجان الرئيسية، يُعرض الفيلم الوثائقي “اِحمل روحكَ على كفكَ، وامضِ” Put Your Soul on Your Hand and Walk للمخرجة الإيرانية “سبيدة فارسي”.

الفيلم يتتبع وقائع العدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة من خلال شخصية المصورة والصحفية الفلسطينية “فاطمة حسونة” التي لقيت مصرعها مع 10 أشخاص من أقاربها بمَن فيهم شقيقتها الحامل، عقب قصف صاروخي استهدف بيت العائلة في حي “التفاح” بمدينة غزة في 16 أبريل الماضي.

شنت القوات الإسرائيلية هذا الهجوم بعد يوم واحد من اختيار الفيلم للمشاركة بمهرجان كان من قبل برنامج “جمعية السينما المستقلة للتوزيع” ACID. يهدف هذا البرنامج دعم صُنَّاع الأفلام المستقلة في برنامجٍ موازٍ للمهرجان، وإتاحة فرصة أكبر لهم للظهور والانتشار الدولي.

كانت المخرجة الإيرانية “سبيدة فارسي” قد روت تفاصيل تعرفها على الصحفية الفلسطينية “فاطمة حسونة” في حوار أجرته معها الصحيفة الفرنسية “ليبراسيون” Libération‏، حيث تقول: “لقد تعرفتُ على فاطمة من خلال صديق فلسطيني بالقاهرة حينما كنتُ أبحث عن طريقة لدخول قطاع غزة، فصارت هي عيني هناك، وصرتُ أنا نافذتها على العالم. كنتُ أصورها عبر مكالمات الفيديو في ضحكها وبكائها وأحلامها وانكساراتها. لم أكن أعلم إلى أين ستقودنا هذه اللقطات، لكن هكذا هي السينما، وهكذا هي الحياة. لم يعد هناك مجال للشك في أن ما يحدث في غزة هو إبادة جماعية متعمدة. إنني أحمل المسؤولين وكل المتواطئين معهم مسؤولية دم فاطمة وآلاف الأبرياء”.

ولدت “فاطمة حسونة” في مدينة غزة عام 1999، وتخرجت من قسم “الوسائط المتعددة” Multimedia بالكلية الجامعية للعلوم التطبيقية بغزة. اشتهرت بتوثيق معاناة المدنيين الفلسطينيين منذ بداية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة أواخر عام 2022، وعُرفت بنشاطها الميداني والإنساني رغم الحصار والقصف المستمرين.

أما المخرجة الإيرانية “سبيدة فارسي” فقد ولدت بطهران عام 1965، وعقب الثورة، أُلقي القبض عليها، وسُجنت 8 أشهر بسبب آرائها السياسية، وبعد إطلاق سراحها مُنعت من استكمال دراستها، فهاجرت إلى باريس، ودرست الرياضيات، لكن شرع اهتمامها بالتصوير يتنامى داخلها تدريجيًا.

في عام 2003 أخرجت فارسي أول أفلامها الروائية الطويلة “أحلام الثرى: خواب خاک”، وفي عام 2007 حصلت عن فيلمها الوثائقي “هِرات” على جائزة أفضل فيلم من “مهرجان الشعوب للأفلام الوثائقية” Festival dei popoli بفلورنسا. كان آخر أعمالها “حورية عبدان: پری آبادان” عام 2023، وهو أول تجربة تخوضها فارسي في مجال أفلام الرسوم المتحركة.

نيما سارفيستاني: الناجون من ممر الهلاك

في سوق المهرجان يُعرض الفيلم الوثائقي “الناجون من ممر الهلاك: بازماندگان از راهروی مرگ” بالاسم الفارسي أو “الناجون من كتيبة الإعدام” Survivors of the Death Committee بالاسم الإنجليزي” للمخرج الإيراني السويدي “نيما سارفيستاني (سروستاني)”

يروي الفيلم مجريات إلقاء القبض على المسؤول الأسبق في الجهاز القضائي الإيراني “حميد نوري” بالسويد بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية والحُكم عليه بالسجن المؤبد، ثم إطلاق سراحه ضمن صفقة تبادل الأسرى بين طهران وستوكهولم.

كان نوري الشهير بـ “حميد عباسي”، وكيل النائب العام بسجن “جوهر دَشت” –رجائي شهر حاليًا– وأحد المشاركين في حملة إعدام السجناء السياسيين عام 1988 المنتمين إلى الأحزاب اليسارية، وفقًا لفتوى أصدرها الخُميني آنذاك.

أُلقي القبض على نوري بمجرد دخوله مطار “ستوكهولم” في 9 نوفمبر 2019، واُقتيد إلى السجن، ثم شرعت أول محاكماته في 10 أغسطس 2021، لكن في 15 يونيو 2024، أُطلق سراحه وعاد إلى إيران ضمن صفقة تبادل الأسرى بين طهران وستوكهولم.

المخرج “نيما سارفيستاني” فقد شقيقه الأكبر خلال مذبحة عام 1988، حيث يتصدر بوستر الفيلم شخص يحمل صورة كبيرة لشقيقه مؤطرة، وفي خلفيتها صور منمنمة لأقرانه ممن تم إعدامهم في هذه المذبحة إلى جانب ضحايا النظام الإيراني خلال السنوات الأخيرة كالفتاة الإيرانية كُردية الأصل “مَهسا أميني” المقتولة على يد شرطة الأخلاق عام 2022.

ولد سارفيستاني في مدينة “شيراز” بمحافظة “فارس” عام 1958، وبدأ نشاطه الفني عام 1979 بالنحت والكتابة الصحفية. هاجر إلى السويد عام 1984، وتوجه إلى إنتاج الأفلام الوثائقية، حيث أسس شركة إنتاج خاصة باسمه Nima Film.

يعتبر سارفيستاني من أبرز مخرجي الأفلام الوثائقية في السويد حاليًا، ويهتم بإنتاج أعمال ترصد انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة والأوضاع الاجتماعية المتردية في بلدان العالم الثالث ذات الحكم الدكتاتوري.   

من أبرز أعمال سارفيستاني: العار “شَرم”، الحلقة المفرغة The Viscous Circle، العاري والرياح Naked And Wind، الذين قالوا لا “آن‌ها که گفتند نه”، طابور الإعدام The Death Row، أخوات السجن Prison Sisters، أقوى من الرصاص Stronger Than A Bullet

خاص وكالة رياليست – د. محمد سيف الدين – دكتوراه في الأدب الشعبي الفارسي، وخبير في التاريخ والأدب الإيراني – مصر

مواضيع شائعةإيرانالسينما الإيرانيةمهرجان كان
الموضوع السابق

بوتين لم يذهب إلى اسطنبول ولن يتنازل عن الأراضي التاريخية لروسيا

الموضوع القادم

القوات الروسية تحرر ألكساندروبول في دونيتسك

مواضيع مشابهة

صورة.جلوبال برس
الآراء التحليلية

إيران تعلن استعدادها لاستئناف المفاوضات النووية مع الولايات المتحدة.. هل تلوح نهاية الأزمة في الأفق؟

يوليو 13, 2025
صورة.إزفستيا
الآراء التحليلية

تصاعد الأزمة الأوكرانية.. ترامب يهدد روسيا بعقوبات قاسية وزيادة الدعم العسكري لأوكرانيا

يوليو 12, 2025
صورة.تاس
الآراء التحليلية

روبيو يرعى مفاوضات مع حلفاء الناتو لنقل أنظمة “باتريوت” الدفاعية إلى أوكرانيا

يوليو 11, 2025
صورة. orientxxi.info
الآراء التحليلية

د. خالد عمر: استقبال وفد من أئمة أوروبا في القدس

يوليو 10, 2025
صورة. apa-inter
الآراء التحليلية

التحول الكبير: بين احتضار النظام القديم ومخاض ولادة الجديد

يوليو 10, 2025
صورة.ريا نوفوستي
الآراء التحليلية

ما نتائج قمة البريكس في البرازيل وما هي التوقعات من رئاسة الهند؟

يوليو 9, 2025
مواضيع شائعة
مواضيع شائعة

كل الحقوق محفوظة و محمية بالقانون
رياليست عربي ©️ 2017–2025

  • من نحن
  • مهمة وكالة أنباء “رياليست”
  • إعلان
  • سياسة الخصوصية

تابعنا

لا توجد نتائج
اقرأ كل النتائج
  • أخبار
  • خبراؤنا
  • حوارات
  • الآراء التحليلية

Русский/English/العربية