باريس – (رياليست عربي): لا تزال المشكلة تتصاعد، بلغ المعدل السنوي للتضخم في الولايات المتحدة 8.6 في المائة في مايو/ أيار، وفقاً للأرقام الجديدة الصادرة عن مكتب إحصاءات العمل يوم الجمعة بعد شهور من ارتفاع التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة.
وذكر المكتب أن التضخم في مايو/ أيار يمثل “أكبر زيادة في 12 شهراً منذ الفترة المنتهية في ديسمبر/ كانون الأول 1981″، وفي أبريل/ نيسان، كان المعدل السنوي للتضخم 8.3٪، انخفاضاً من أعلى مستوى في 40 عاماً عند 8.5٪ في مارس/ آذار، لكنه لا يزال عند مستويات أعلى بكثير مما كان عليه خلال عمليات الإغلاق التي تسبب فيها جائحة COVID-19.
وكما توقع بعض الاقتصاديين أن يبلغ التضخم في مايو/ أيار 8.2 في المئة بينما من المتوقع أن يتباطأ ما يسمى “التضخم الأساسي” أكثر، “لا يشمل التضخم الأساسي الغذاء والطاقة، لأن هذه السلع تخضع لتقلبات الأسعار”.
وبلغ معدل التضخم السنوي لجميع البنود باستثناء الغذاء والطاقة 6 في المائة في مايو/ أيار، انخفاضاً من 6.2 في المائة في أبريل/ نيسان، ومن المتوقع أيضاً استمرار صراعات الرئيس جو بايدن السياسية مع التضخم الذي بلغ المعدل السنوي في مايو/ أيار 8.6٪ أعلاه، وعقد بايدن اجتماعاً افتراضياً مع مسؤولي الإدارة ومصنعي حليب الأطفال الرئيسيين للحث على زيادة إنتاج وواردات حليب الأطفال من خلال عملية تسمي “حركة الذبابة “في 1 يونيو/ حزيران 2022، في واشنطن العاصمة.
تكاليف الطاقة والغذاء
شهدت تكلفة الطاقة والغذاء ارتفاعات كبيرة خلال فترة الـ 12 شهراً المنتهية في مايو، حيث ارتفع مؤشر الطاقة بنسبة 34.6 في المائة خلال تلك الفترة، وقال المكتب يوم الجمعة الماضي إنها “أكبر زيادة في 12 شهراً منذ الفترة المنتهية في سبتمبر/ أيلول 2005”.
كما كان الوضع مع أسعار المواد الغذائية مدعاة للقلق، حيث ارتفع مؤشر الغذاء بنسبة 10.1 في المائة، هذه هي أول زيادة في أسعار المواد الغذائية بنسبة 10 في المائة أو أكثر منذ فترة الـ 12 شهراً المنتهية في مارس/ آذار 1981، وعلى أساس شهري، ارتفع مؤشر الطاقة بنسبة 3.9 في المائة في مارس/ آذار بعد انخفاض بنسبة 2.7 في المائة في أبريل/ نيسان، بينما ارتفع مؤشر الغذاء 1.2 في المائة بعد زيادة قدرها 0.9 في المائة في الشهر السابق.
ومن ناحية أخرى، ارتفع مؤشر المأوى، الذي يقيس تكلفة السكن، 5.5 بالمئة في العام المنتهي في مايو/ أيار، هذا هو أكبر ارتفاع لمدة عام واحد منذ فترة الـ 12 شهراً التي انتهت في فبراير/ شباط 1991، وهو الأمر الذي دفع توم تيفاني، ممثل ولاية ويسكونسن، أن يقارن بايدن بالرئيس السابق جيمي كارتر، وهو ديمقراطي خدم لفترة ولاية واحدة من عام 1977 إلى عام 1981 وهزمه الرئيس السابق الراحل رونالد ريغان، وقال تيفاني على تويتر “التضخم ارتفع 8.6٪ في مايو/ أيار، أسعار الغاز تبلغ 5 دولارات للغالون، الركود يلوح في الأفق، بالمناسبة POTUS، اتصل جيمي كارتر ليشكرك على جعله يبدو بمظهر جيد”، يسخر من جو بايدن.
يكاد يكون من المؤكد أن الجمهوريين سيجعلون الاقتصاد مشكلة في حملة انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 حيث يعاني الأمريكيون من ارتفاع الأسعار، إذا تمكن الحزب الجمهوري من استعادة مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو كليهما، فسيكون قادراً على إحباط أجندة الرئيس بايدن.
مخاوف من بطيء النمو الاقتصادي
هناك مخاوف من أن الاقتصاد الأمريكي سينمو بوتيرة أبطأ في 2022 و2023 من بعض الدول المماثلة، توقعت دراسة أجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) أن يتباطأ النمو في الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة إلى 2.5 في المائة في عام 2022 وينخفض إلى 1.2 في المائة فقط في عام 2023.
تختلف هذه الأرقام عن تقديرات مكتب الميزانية بالكونغرس (CBO) التي نُشرت الشهر الماضي، والتي قالت إنها تتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1٪ في عام 2022 و 2.2٪ في عام 2023، الذي يقيس تكلفة السكن، 5.5 بالمئة في العام المنتهي في مايو/ أيار، هذا هو أكبر ارتفاع لمدة عام واحد منذ فترة الـ 12 شهراً التي انتهت في فبراير/ شباط 1991.
لا يزال العديد من الأمريكيين قلقين بشأن تكلفة السلع الأساسية مثل الطعام والوقود قبل خمسة أشهر فقط من موعد الانتخابات النصفية الحاسمة حيث من المرجح أن تكون تكلفة المعيشة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية، فيما قد يكون رقماً رئيسياً، أظهرت أرقام التضخم لشهر مايو/ أيار أن تكلفة البنزين (جميع الأنواع) قد ارتفعت بمعدل سنوي قدره 48.7 في المائة.
بلغ متوسط سعر جالون الغاز أكثر من 4.98 دولار يوم الخميس، وفقاً لجمعية السيارات الأمريكية (AAA).
تضارب الرؤى بين الاقتصاديين
جادل بعض الاقتصاديين بأن التضخم بلغ ذروته عند 8.5 في المائة في مارس/ آذار، لكن يبدو أن أرقام الجمعة تشير إلى خلاف ذلك، يتقدم التضخم الآن بفارق كبير عن هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة ومن المرجح أن يمضي بنك الاحتياطي الفيدرالي قدماً في رفع أسعار الفائدة في يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز، على الرغم من بعض التحذيرات من أن القيام بذلك قد يؤدي إلى حدوث ركود.
التضخم لم يبلغ ذروته بعد
قال جريج ماكبرايد، كبير المحللين الماليين في Bankrate، وهي شركة خدمات مالية استهلاكية، في بيان: “هناك الكثير من فكرة أن التضخم قد بلغ ذروته”؟ وأضاف: “فجرت أسعار المستهلك التوقعات السابقة – وليس بطريقة جيدة – مع زيادة سنوية بنسبة 8.6 في المائة هي الأسرع منذ أكثر من 40 عاماً والأسوأ من ذلك، كانت الزيادات في كل مكان تقريباً ليس هناك مكان للاختباء والإنكار”.
وأضاف ماكبرايد “أي آمال في أن يتراجع الاحتياطي الفيدرالي مع وتيرة رفع أسعار الفائدة بعد اجتماعات يونيو/ حزيران ويوليو/ تموز تبدو الآن بعيدة المنال”، “يستمر التضخم في رفع رأسه القبيح وتلاشت الآمال في التحسن مرة أخرى”.
بايدن تحت الضغط
من شبه المؤكد أن أرقام التضخم التي صدرت يوم الجمعة هي أنباء سيئة للرئيس وهو يتجه إلى الانتخابات الرئيسية، فقد أسفر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة Pew Research نُشر في 12 مايو/ أيار أن 70٪ من الأمريكيين يعتبرون التضخم “مشكلة كبيرة جداً”، كما وجد الاستطلاع أن الأمريكيين يعتقدون أن التضخم هو أكبر مشكلة تواجه البلاد.
تأتي أحدث أرقام التضخم أيضاً في وقت يكافح فيه بايدن في استطلاعات الرأي، يقوم متتبع الاستطلاع FiveThirtyEight بتحليل تصنيف قبول بايدن بناءً على مجموعة متنوعة من استطلاعات الرأي ونظامه الخاص لتصنيفات استطلاعات الرأي.
ووجدوا أن الموافقة على الرئيس بلغت 40.2 في المائة فقط حتى يوم الجمعة، مقارنة بـ 53.6 في المائة من الأمريكيين الذين رفضوا الوظيفة التي يقوم بها.
قام بايدن بتفصيل خطته لمعالجة التضخم، والتي تتضمن خطوات مثل الإفراج عن مليون برميل من النفط يومياً من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي للأشهر الستة المقبلة، وخفض أسعار المواد الغذائية من خلال الدعوة إلى الموارد لمساعدة المزارعين الأمريكيين على تعزيز الغذاء المحلي، وحث الكونجرس لخفض تكاليف رعاية الأطفال.
ومع ذلك، سارع الأعضاء الجمهوريون في مجلسي النواب والشيوخ إلى إلقاء اللوم على التضخم على أبواب الرئيس يوم الجمعة، قام السيناتور تشاك غراسلي من ولاية أيوا بتغريد بايدن والديمقراطيون “أشعلوا حرائق التضخم والآن الأمريكيون عالقون في مشروع القانون”.
وكتب السناتور جوش هاولي من ميسوري على تويتر: “تضخم خارج الرسوم البيانية، تدمير جو بايدن للطبقة الوسطى مستمر”.
كما ألقى النائب عن ولاية أوهايو مايك تورنر باللوم على سياسات بايدن مباشرة، حيث غرد: “ارتفعت الأسعار بنسبة 8.6٪ عن شهر مايو/ أيار من العام الماضي، إنفاق الرئيس بايدن الخارج عن السيطرة وسياسات الطاقة غير المسؤولة لا تجعل الأمور أفضل”.
يبدو أن توم تيفاني، ممثل ولاية ويسكونسن، يقارن بايدن بالرئيس السابق جيمي كارتر، وهو ديمقراطي خدم لفترة ولاية واحدة من عام 1977 إلى عام 1981 وهزمه الرئيس السابق الراحل رونالد ريغان.
وقالت تيفاني على تويتر “التضخم ارتفع 8.6٪ في مايو/ أيار، أسعار الغاز تبلغ 5 دولارات للغالون الركود يلوح في الأفق، بالمناسبة.POTUS ، اتصل جيمي كارتر ليشكرك على جعله يبدو بمظهر جيد”.
يكاد يكون من المؤكد أن الجمهوريين سيجعلون الاقتصاد مشكلة في حملة انتخابات التجديد النصفي لعام 2022 حيث يعاني الأمريكيون من ارتفاع الأسعار، إذا تمكن الحزب الجمهوري من استعادة مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو كليهما ، فسيكون قادراً على إحباط أجندة الرئيس بايدن.
التحليل والتعليق
- الاقتصاد الامريكي يعاني، وهو أكبر اقتصاد في العالم، فما هو حال اقتصاد الدول الأخرى؟
- عدم تعافي الاقتصاد الامريكي من التضخم سريعاً، أو السيطرة علية سريعاً “وهو مستبعد في المدى القريب” سوف يعرض العالم إلى إعصار “تسونامي” يعصف بكثير من دول العالم.
- حتى وإن تعافى الاقتصاد الأمريكي، سوف يلقي بتبعات وآثار إقتصادية ومالية على الاقتصاد العالمي، وسوف تزيد من أزماته المالية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
- الوضع الاقتصادي الذي تعاني منه إدارة بايدن، منح الجمهوريون فرصة ذهبية وكان الأمر بمثابة ” قبلة الحياة ” للنيل من الديموقراطيين، وبايدن ومستشاريه.
- الوضع الاقتصادي الأمريكي سوف يزيد من ضغط الإدارة الامريكية على الدول الأخرى التي لديها رؤوس أموال، أو لديها مشاكل داخلية للحصول منها على ما تريده، ولتحقيق أهدافها الاستراتيجية في كل المجالات.
كافة المؤسسات والهيئات المالية والاقتصادية العالمية، وعلى رأسهم البنك الدولي وصندوق النقد، خفضوا من معدل نمو الاقتصاد العالمي إلى 2.9% وأصبحت نظرتهم أقل تفاؤلاً عما قبل بكثير، وأن التقارير والدراسات تشير أن القادم صعب على الجميع.
ولكن، علينا أن نتفاءل بالمستقبل والتمسك والبشري بأن، إذا كان العالم يتعرض لمشاكل وأزمات مؤخراً، تبدوا عصية على الحل، فسوف يتم التغلب عليها بالعمل والمثابرة والأمل، كما حدث في حقب سابقة، مر بها العالم بظروف وأزمات مشابهة وأكثر، وتعافى منها وتجاوزها، رغم أنف السياسيين والاقتصاديين، والخبراء والمحللين وغيرهم.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر.