الرباط – (رياليست عربي): تستمر فرنسا في ضغوطها على الجزائر عبر المملكة المغربية، عبر تعاون عسكري يتغير بتنوع واضح ما بين جوي وبري، وذلك في مقابل أن تتنازل الجزائر عن استخدام أوراقها في تقديم “باريس” اعتذارا عن جرائم الحقبة الاستعمارية التي عاشت فيها الجزائر تحت الاحتلال الفرنسي لأكثر من 132 سنة.
فرنسا تتمسك بورقة لعب للضغط على الجزائر عبر المغرب، وهما دولتين عربيتين جارتين يجمعهما خلافات مستمرة، وتجد “باريس” في ذلك عبر تطوير التعاون العسكري، نوعا من “المقايضة” مع الجزائر مقابل أن لا تتمسك الأخيرة بملفات تؤرق فرنسا وتطاردها سواء في الداخل أو على المستوى الدولي، فيما يتعلق بجرائم الاستعمار الفرنسي في الجزائر.
آخر حلقات “المقايضة”، كانت عبر التدريبات المشتركة التي أنهتها كل من القوات المسلحة الجوية المغربية والفرنسية مؤخراً، للمرة الأولى منذ عشرة أعوام، بهدف تعزيز التعاون في مجال الطيران العسكري” بين البلدين، هي تدريبات انطلقت تحت اسم “ماراتون 2022” في 16 مايو، في القاعدة العسكرية الجوية بسيدي سليمان قرب العاصمة الرباط، وشاركت فيه 3 طائرات من طراز “ميراج – د” من قاعدة نانسي بفرنسا مع طاقم مكون من نحو قرابة 80 شخصا، بالإضافة إلى الطواقم المغربية وطائرات من طراز “ميراج ف1-م” تابعة للقوات الملكية الجوية.
ووقفت الجزائر في مارس الماضي، متابعة لأخر تطورات تصرفات المملكة المغربية، والتي تعلقت بمناورات عسكرية جوية وبرية في قطاع حدودي بين البلدين، شرق المملكة المغربية، ووجد متابعون وقتئذ، أن تلك المناورات في هذا القطاع، قد يكون له أهداف استراتيجية وعسكرية قد لا تروق للجزائر من جانب جارتها المغرب، لاسيما أن المنطقة التي تجري فيها المناورات التي انطلقت أول مارس الماضي، تقع في “الرشيدية” الواقعة في المنطقة الشرقية للمغرب، وهي منطقة عسكرية جديدة ، أنشئت من جانب المغرب مؤخرا على طول حدوده مع الجزائر.
وجاء إنشاء المنطقة العسكرية المغربية الجديدة ” الرشيدية” الواقعة على حدود المغرب مع الجزائر، في وقت يشهد توتراً بين الرباط والجزائر، لا سيما بشأن الصحراء الغربية و التقارب الأخير بين المغرب وإسرائيل.
وكانت قد قالت القيادة العامة للقوات المسلحة الملكية المغربية في بيان تزامن مع المناورات المشتركة المغربية الفرنسية التي جرت في نهاية مارس الماضي في منطقة الرشيديه شرق البلد، أن المناورات “شركي 2022” عبارة عن تمرين يتم تنفيذه في إطار مهام الدفاع عن الوحدة الترابية، ويهدف إلى تعزيز قدرات التخطيط وتطوير التشغيل البيني التقني والعملياتي بين القوات المسلحة الملكية والجيش الفرنسي، وأنه تم تنفيذ أعمال التخطيط لهذا التدريب، بشكل مشترك بين المسؤولين العسكريين في البلدين، منذ سبتمبر 2021 في فرنسا والمغرب.
ودائما ما تتمسك “الجزائر” بمطلب اعتراف فرنسا بالجرائم المرتكبة خلال استعمارها الجزائر الذي استمر 132 عاماً، بمناسبة إحياء “اليوم الوطني للذاكرة” للمرة الأولى في البلاد، في ظل تكرار وزير الاتصال الجزائري والناطق الرسمي باسم الحكومة، عمار بلحيمر الجمعة أن بلاده تظل متمسكة بالتسوية الشاملة لملف الذاكرة، القائمة على اعتراف فرنسا النهائي والشامل بجرائمها وتقديم الاعتذار والتعويضات العادلة عنها.
وكانت قد قامت الجزائر بإحياء “اليوم الوطني للذاكرة” المصادف للذكرى السادسة و السبعين لمجازر الثامن من مايو 1945 عندما قمعت القوات الفرنسية الاستعمارية تظاهرة مطالبة باستقلال الجزائر، ما أسفر عن آلاف القتلى في شرق البلاد.