موسكو – (رياليست عربي): كانت العقوبات التي فُرضت ضد روسيا هي الأشد تأثيراً على الدول التي فرضتها.
كانت الرغبة في إيذاء العدو، دائماً ما تنعكس على أصحاب هذا المبدأ، أي أن الدول التي تفرض عقوبات على روسيا وقعت في فخ هذه العقوبات، وهنا المقصود، الدول الغربية.
على سبيل المثال، لن تتمكن أي دولة مصدرة من استبدال الغاز الروسي في السوق الأوروبية؛ سيتعين تعويض نقصها بإمدادات الغاز الطبيعي المسال والنفط والفحم، حيث ستؤدي إعادة توجيه إمدادات هذه الموارد من آسيا وأمريكا اللاتينية إلى أوروبا إلى زيادة تشبه الانهيار الجليدي في أسعار المواد الخام للطاقة والوقود والكهرباء في جميع أنحاء العالم، وهو ما يحدث بالفعل.
ومع ذلك، فإن أزمة الطاقة ليست التهديد الوحيد، ووفقاً للجمعية الألمانية للمنتجين الزراعيين لا يمكن استبعاد حدوث “قفزة غير مسبوقة” في أسعار المواد الغذائية في هذا البلد.
وفي السياق، نلاحظ أنه كان لا بد من استدعاء الشرطة إلى أحد محلات السوبر ماركت القريبة من شتوتغارت الألمانية لتهدئة الزبائن الغاضبين الذين كانوا يحاولون شراء 30 زجاجة من زيت عباد الشمس، لكن عندما رفض الباعة تسليم أكثر من زجاجة زيت واحدة، هدد الزبائن بتحطيم المتجر. وفي بافاريا، كان رجل مجهول يشتري 500 كيلوغرام من الدقيق و 150 لتراً من زيت بذور اللفت من سوبر ماركت، لكنها كانت مفقودة من المتجر.
أما في اليابان، فسيؤدي تعطيل المعاملات بالدولار لعدد من البنوك اليابانية مع الشريك الروسي إلى إجبار الشركات في هذا البلد التي تعمل في الاتحاد الروسي على البحث عن طرق بديلة لتسوية المدفوعات، وذلك وفقاً للتوقعات التي نشرت من قبل Japan Today.
وبناءً على بيانات من مصادر مطلعة، أصبح معروفاً أن ثلاثة بنوك يابانية كبيرة ستوقف على الفور المعاملات بالدولار وتحويل الأموال مع بنك سبيربنك الروسي بسبب العقوبات الأمريكية فيما يتعلق بالوضع في أوكرانيا.
في إيطاليا، يساورهم القلق بشأن التأثير السلبي للتوترات الجيوسياسية وزيادة أسعار الطاقة المرتبطة بالأحداث في أوكرانيا على صناعة السياحة في إيطاليا، وقالت جمعية صناعة السفر الإيطالية Assoturismo Confesercenti إن هذه الخطوة تمنع صناعة السياحة من العودة إلى مستويات ما قبل COVID-19.
وفي الربع الأول من عام 2022، انخفضت إقامة السائحين في الفنادق والمباني الأخرى للمجمع الترفيهي الإيطالي بنسبة 28٪ مقارنة بشهر يناير/ كانون الثاني – مارس/ آذار 2019، بما في ذلك الضيوف الأجانب الذين انخفض عددهم بنسبة 38٪ عن أوقات ما قبل الجائحة.
وفي لاتفيا، بسبب ارتفاع أسعار الوقود، يتم تشجيع السكان المحليين على التحول إلى وسائل النقل العامة، والتخلي عن السيارات الخاصة، وقدم رئيس وزراء لاتفيا، كريسجانيس كارينز، نداءً مماثلاً للشعب.
وهذا يعني أن تكلفة البنزين والديزل مستمرة في الارتفاع، مما يعني أن سكان لاتفيا بحاجة إلى “مراجعة عاداتهم والعيش بشكل أكثر عقلانية”.
أما في إسبانيا، نزل سائقو الشاحنات إلى الشوارع للاحتجاج، وتتعلق الاحتجاجات بارتفاع أسعار الوقود بسبب العقوبات المناهضة لروسيا، على الرغم من حقيقة أن سلطات البلاد قد خصصت 500 مليون يورو لتعويض تكاليف الطاقة، لكن سائقو الشاحنات يغلقون الطرق المهمة ويطالبون بوضع حد لارتفاع الأسعار.
وفي مصر، ذكرت صحيفة محلية نقلاً عن مصدر حكومي أن الأجهزة الحكومية في مصر ستضطر، اعتباراً من أبريل/ نيسان، إلى التحول للتقشف، مع مراعاة الأولويات للتغلب على الأزمة الناجمة عن تداعيات الصراع الروسي الأوكراني وفيروس كورونا.
أما بالنسبة لمنطقة الشرق الأوسط، ليس الطااقة المهمة نظراً لامتلاك دول عديدة من مواد الطاقة، لكن هناك احتمال كبير لزعزعة الاستقرار بسبب مشاكل الإمدادات الغذائية، هذا الرأي عبرت عنه المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا في منتدى الدوحة (قطر).
كما أشارت جورجيفا إلى أن تأثير الأزمة الأوكرانية والعقوبات ضد روسيا على الاقتصاد العالمي يمكن أن يثير شروطاً مسبقة لـ “ربيع عربي” جديد في دول هذه المنطقة.
واختتمت جورجيفا قائلة “عندما ترتفع الأسعار ولا يستطيع الفقراء إطعام أسرهم، فإنهم سيخرجون إلى الشوارع”، وحثت المجتمع الدولي على تنسيق الجهود لمنع نقص الغذاء والطاقة، وبالتالي ارتفاع الأسعار.
في الوقت نفسه، نادراً ما تحقق العقوبات الاقتصادية أهدافها، وفي هذه الحالة، فإن فرضها يصيب مصالح الشركات الأوروبية في المقام الأول، بالتالي، سيؤثر هذا على مستوى معيشة الأوروبيين العاديين والمقيمين في البلدان الأخرى، ويهدد في المستقبل بالتحول إلى أزمة عالمية واسعة النطاق.
خاص وكالة رياليست – عظيم فسحات – محلل سياسي هندي.