واشنطن – (رياليست عربي): بدأ الحديث يدور مؤخراً، عن موافقة أميركية مبدئية لرفع العقوبات عن الشمال السوري، وهي المناطق التي يسيطر عليها الأكراد السوريون الذين تدعمهم الولايات المتحدة الأميركية، وهذا في مضمونه يعني تكريساً لتقسيم سوريا.
ويسيطر الأكراد المعروفون باسم “قوات سوريا الديمقراطية” وهي الجناح العسكري لمجلس سوريا الديمقراطية، على أجزاء واسعة من الجزيرة السورية، مثل الحسكة والرقة وجزء من ريف حلب ودير الزور، وتمتاز على المستوى السوري بأنها المناطق الأغنى بالنفط، حيث كانت سوريا ما قبل الأزمة تصدر كميات كبيرة من النفط الخام، بينما اليوم تحولت لمستورد نتيجة خروج الآبار النفطية عن سيطرة الحكومة السورية.
بالمقابل، تسيطر تركيا على مساحات شاسعة من أرياف حلب والحسكة والرقة، ضمنياً بينما تتصدر الواجهة جماعات إرهابية مسلحة، ومحافظة إدلب التي تسيطر عليها جبهة النصرة أو هيئة تحرير الشام (المحظورة في روسيا)، وبالعموم فإن كل أولئك الإرهابيون يدينون بالولاء لتركيا ويرفعون علمها الرسمي، ويدرسون لغتها ويتعاملون بعملتها المحلية، الليرة التركية.
مؤخراً برزت مطالب من بعض الجماعات في محافظة السويداء في الجنوب السوري، تطالب بحكم ذاتي أيضاً، ويقال إنها من ضمن أجندات الولايات المتحدة، التي تسعى لتقسيم سوريا إلى دويلات صغيرة، كل واحدة فيها خاضعة لنفوذ غربي معين.
المشكلة الأكثر تعقيداً التي يواجهها الملف السوري اليوم، هي العقوبات ضد موسكو التي وفي حال استمرت العقوبات على روسيا ربما لن تستطيع لعب دور الضامن في الملف السوري، وبالتالي فإن دول أخرى ستكون الضامن مثل إيران في حال تم التوصل للاتفاق النووي مع الدول الغربية وأيضاً تركيا، والمشكلة في أن أجندات هاتين الدولتين كارثية بالنسبة لسوريا.
إيران تبحث عن مواجهة وضغط على إسرائيل انطلاقاً من الأراضي السورية واللبنانية، وتركيا تريد قضم المزيد من الأراضي السورية أسوة بما حدث مع لواء اسكندرون، والقيام بتغيير ديمغرافي على الحدود بينها وبين سوريا يضمن ابتعاد الأكراد عن حدودها.
وفي حال صحت الأنباء عن رفع العقوبات الأميركية عن الشمال السوري، فإن خطر التقسيم سيكون واقعا لا محالة، خصوصاً أن دمشق لا تمتلك الكثير من الخيارات اليوم، وبالتأكيد فإن الدول العربية التي تقاربت مع سوريا مؤخراً ربما تقف قليلاً في وجه الأطماع التركية إلا أنها لن تواجه الولايات المتحدة بكل تأكيد.