الرياض – (رياليست عربي): قرار الدولة الأردنية في أبريل 2025 بحظر جماعة الإخوان المسلمين، لم يكن إجراءً عابرا أو خطوة قانونية معزولة. هو تحرك يعكس تغيرا عميقا في طريقة تعامل الدولة مع التنظيمات العقائدية التي تتجاوز الأطر الوطنية، وتعمل ضمن شبكات إقليمية تستثمر الدين لتحقيق أهداف سياسية وأمنية.
القرار جاء بعد كشف خلية مرتبطة بالجماعة، متورطة في تصنيع متفجرات وصواريخ قصيرة المدى، في مخطط استهدف مؤسسات أمنية أردنية. هذه الحادثة لم تترك مجالًا للتهدئة، بل فتحت الباب أمام مواجهة مباشرة مع بنية تنظيمية تُخفي خلف خطابها الدعوي مشروعًا صداميًا مع الدولة.
تاريخ الجماعة في الأردن طويل. تأسست منذ عام 1945، ولعبت أدوارًا سياسية واجتماعية مؤثرة، وشاركت في الحياة العامة عبر ذراعها السياسي، جبهة العمل الإسلامي. لكن السنوات الماضية شهدت تصعيدًا في التوتر، خصوصًا بعد صدور قرار قضائي عام 2020 باعتبار الجماعة منحلة لعدم تصويب أوضاعها القانونية.
الجديد في قرار 2025 أنه يخرج من إطار المناورة السياسية، إلى المواجهة المباشرة مع تنظيم بات يُنظر إليه كتهديد للأمن القومي. فالدولة لم تعد تفصل بين النشاط الديني والنشاط السياسي حين يتقاطعان مع عمل أمني سري، أو حين يتحوّل الخطاب العقائدي إلى أداة لتقويض الاستقرار.
لكن الأهم أن تداعيات القرار لن تبقى داخل الحدود الأردنية. الجماعة ترتبط بشبكة علاقات إقليمية، وتحديدًا في سوريا، حيث تشكل أحد مكونات المعارضة الإسلامية المسلحة. وهذا القرار من شأنه أن يُربك توازن الجماعة هناك، ويقلّص من هامش تحركها السياسي واللوجستي، خاصة أن الأردن كان يشكل قاعدة خلفية لها على مدى سنوات.
ختاماً:
لكن التحدي الحقيقي لا يكمن في قرار الحظر بحد ذاته، بل في ما سيأتي بعده. الدولة اليوم أمام اختبار مزدوج: من جهة، سدّ الفراغ الدعوي والاجتماعي الذي خلّفته جماعة بحجم الإخوان؛ ومن جهة أخرى، مواجهة أي محاولات لإعادة إنتاج الجماعة بأسماء أو أطر جديدة. كذلك، من المتوقع أن تواجه السلطات الأردنية ضغوطًا داخلية وخارجية، سواء من جهات تعتبر أن الجماعة تمثل “تيارا سياسيا” يجب احتواؤه، أو من قوى إقليمية تستثمر في هذا النوع من التنظيمات لتحقيق مكاسبها.
خاص وكالة رياليست – الكاتب والباحث السياسي محمد هويدي – السعودية.