موسكو – (رياليست عربي): في خضم التوترات المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا، تظهر محاولات دبلوماسية عديدة لاحتواء الأزمة، ومن بين هذه المحاولات الدور الذي يمكن أن يلعبه الفاتيكان كوسيط محايد. وفقًا لتقارير إعلامية، فإن وزارة الخارجية الروسية لم تستبعد إمكانية إجراء محادثات مع أوكرانيا في الفاتيكان، مما يثير تساؤلات حول إمكانية أن يصبح البابا فرانسيس طرفًا فاعلًا في الوساطة بين البلدين.
الفاتيكان، بصفته مركزًا روحيًا ودبلوماسيًا للكنيسة الكاثوليكية، له تاريخ طويل في الوساطة بين الأطراف المتنازعة. خلال الحرب الباردة، لعب دورًا في تقريب وجهات النظر بين المعسكرين الشرقي والغربي، وفي السنوات الأخيرة، حاول البابا فرانسيس التوسط في عدة أزمات عالمية، منها النزاعات في الشرق الأوسط وأمريكا اللاتينية. إن اختيار الفاتيكان كموقع محتمل للمفاوضات بين روسيا وأوكرانيا يعكس ثقة الطرفين في حياده وعدم انحيازه إلى أي من الكتل الدولية.
على الرغم من المزايا التي يتمتع بها الفاتيكان كوسيط، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه أي محاولة للتفاوض بين روسيا وأوكرانيا تحت رعايته. الخلافات بين البلدين عميقة وتتعلق بقضايا جوهرية مثل الحدود والوضع القانوني للقرم ومستقبل المناطق المتنازع عليها في دونباس. بالإضافة إلى ذلك، فإن أي وساطة ناجحة تحتاج إلى دعم دولي، خاصة من القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوروبي، التي تلعب دورًا حاسمًا في الصراع.
ردود الفعل على احتمالية عقد المفاوضات في الفاتيكان تباينت بين الترحيب والشك، فبينما يرى البعض في الفاتيكان وسيطًا مثاليًا بسبب نفوذه الأخلاقي وحياده، يشكك آخرون في قدرته على تحقيق تقدم ملموس في ظل التعقيدات الجيوسياسية الحالية، روسيا تؤكد على ضرورة توفير ضمانات أمنية قبل الدخول في أي مفاوضات جادة، في حين ترفض أوكرانيا أي حوار دون انسحاب القوات الروسية من أراضيها.
التوقيت أيضًا يلعب دورًا حاسمًا في نجاح أي مفاوضات، ففي ظل استمرار العمليات العسكرية وتصاعد الخطابات الوطنية في كلا البلدين، قد لا يكون الطرفان مستعدين لتقديم تنازلات كبيرة في الوقت الراهن، ومع ذلك، فإن أي خطوة نحو الحوار، حتى لو كانت رمزية، يمكن أن تفتح الباب أمام مزيد من الجهود الدبلوماسية في المستقبل.
في النهاية، تبقى إمكانية عقد مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا في الفاتيكان موضوعًا مفتوحًا للتكهنات. بينما يتمتع الفاتيكان بالمصداقية والحياد، فإن نجاح أي وساطة يعتمد على استعداد الطرفين للحوار وعلى الدعم الدولي لهذه الجهود. إذا نجح الفاتيكان في جمع الطرفين على طاولة واحدة، فقد يشكل ذلك خطوة مهمة نحو تخفيف التوتر، لكن الطريق إلى السلام يبقى طويلًا وشائكًا. في غضون ذلك، ستظل العيون متجهة نحو أي تطور دبلوماسي قد يغير مجرى الأحداث.