موسكو – (رياليست عربي): وصل معالي وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في زيارة رسمية إلى المملكة العربية السعودية مساء يوم الأحد 8 سبتمبر 2024 للمشاركة في الإجتماع الخامس للحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا الإتحادية على المستوى الوزاري، وهناك التقى الوزير لافروف في وقتٍ مبكر من صباح يوم الإثنين بتاريخ 9 أيلول سبتمبر 2024 مع الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (جاسم محمد البديوي)، ليوضح له أن تطوير العلاقات مع دول الخليج العربية وغيرها من الدول المتقدمة، خاصةً في مجالات الإقتصاد والتكنولوجيا والتجارة والعلاقات الدولية، باتت له أولوية مهمة بالنسبة لروسيا.
- وأعلن الوزير لافروف من الرياض، مخاطباً نظرائه من وزراء دول الخليج العربية، أن الشرق الأوسط قد أصبح على شفا حرب إقليمية كبرى، إذا لم يتم تسوية ملفاته جميعاً، مشيراً إلى أن روسيا الإتحادية تعمل مع جميع الأطراف للحيلولة دون ذلك، بسبب عدم قدرة المجتمع الدولي على وقف القتال بين الإسرائليين والفلسطينيين، ووقف القتل الجماعي للسكان الذي أدى إلى تدهور حاد في الوضع السياسي والعسكري في جميع أنحاء المنطقة، من حدود لبنان وإسرائيل وصولاً إلى البحر الأحمر.
- وأشار الوزير لافروف إلى أن المواجهة العسكرية وصلت إلى مستوى خطير جديد بين إسرائيل ولبنان، ليصبح الشرق الأوسط مرة أخرى على شفا حرب إقليمية كبرى، حيث تفرض المسؤولية المشتركة على الجميع منع حدوث ذلك، خاصةً وأن السلام بات مستحيلاً بدون إيجاد حل للقضية الفلسطينية، مضيفاً أن المجتمع الدولي فشل بوقف العدوان والقتل الجماعي في غزة (حسب وصفه) وشدد على أن العنف الحالي ضد الفلسطينيين بات غير مسبوق، ولم تشهده أي من الحروب العربية الإسرائيلية.
- وأشار وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت السبب في عرقلة كل قرارات الشرعية الدولية لوقف إطلاق النار في غزة، بينما تبذل روسيا الإتحادية ودول مجلس التعاون الخليجي كل الجهود من أجل التوصل لوقف إطلاق النار وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على أساس قرارات الشرعية الدولية، ولهذا السبب حذر الوزير لافروف من أن عدم تسوية كل ملفات المنطقة سيؤدي إلى حرب شاملة، وشدد على أن تعاون روسيا الإتحادية مع مجلس التعاون الخليجي يعد من أولويات السياسة الخارجية الروسية.
- والجدير بالذكر أن هذا الإجتماع الخامس للحوار الإستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي وروسيا الإتحادية على المستوى الوزاري، قد تناول قضايا تعزيز الأمن الإقليمي وحل الأزمات وأوضاع الإقتصاد العالمي، فضلاً عن مناقشته لتطورات العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، وإمكانية قيام دول الخليج العربية بدول سلمي لوقف الحرب (الروسية – الأوكرانية).
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين و المحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية، وخاصةً من المختصين بملف العلاقات (الروسية- العربية) وتأثير هذه العلاقات على مختلف الملفات السياسية الإقليمية والدولية الهامة، مثل الخبير الروسي العالمي (أوليغ أوزيوروف) والذي شغل سابقاً منصب سفير روسيا الإتحادية لدى المملكة العربية السعودية أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قد توجه في زيارته هذه إلى المملكة العربية السعودية ليؤكد ثبات موسكو في تنفيذ ما اتفق عليه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ومعه ولي العهد السعودي سمو الأمير محمد بن سلمان، واللذان يسيطران معاً على خمس النفط الذي يتم ضخه يومياً، وللتأكيد على العلاقات الوثيقة (الروسية العربية) نظراً لأن الغرب حاول نبذ الجانبين في بعض الأحيان.
- ويؤكد خبراء وزارة الخارجية الروسية أن زيارة الوزير لافروف إلى الرياض، إنما تندرج ضمن توجهات الرئيس فلاديمير بوتين والذي أرسل قواته إلى أوكرانيا في فبراير 2022، ليدرك بعدها أن موسكو منخرطة في معركة وجودية مع الغرب، ولذلك يجب عليها أن تتودد إلى الحلفاء في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا وأمريكا اللاتينية وآسيا وسط المحاولات الغربية المستمرة لعزل موسكو حالياً، وهو الأمر الذي فشلت فيه عواصم الغرب وعلى رأسها واشنطن ولندن، خاصة بعد الموقف الحيادي الذي وقفته دول الخليج العربية، وهو الأمر الذي قدرته وثمنته موسكو كثيراً.
- ويؤكد الخبراء في وزارة الخارجية الروسية أن الوزير سيرجي لافروف وخلال لقائه مع المسؤولين السعوديين، فإنه سيحاول التذكير بعمق العلاقات بين روسيا الإتحادية والمملكة العربية السعودية في (أوبك+)، والتي تمر أحياناً ببعض الصعوبات، كما حصل عندما كاد اتفاق خفض الصادرات النفطية أن ينهار في مارس 2020، لكن حكمة الزعيم الروسي وولي العهد السعودي ساهمت إلى حد كبير بالتعويض في غضون أسابيع قليلة، ولذلك وافقت أوبك+ على تخفيضات قياسية بنحو 10 بالمئة من الطلب العالمي، وهو ما سيثني عليه الوزير لافروف حالياً في المملكة العربية السعودية بلا أدنى شك.
- فيما يرى الخبير الهولندي العالمي (جوست هيلترمان) وهو مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمجموعة الأزمات الدولية، أن علاقات موسكو مع دول الخليج العربية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لم تعد تتعلق بالحرب بقدر ما باتت تتعلق بالإقتصاد والنفط والتمويل، لأنه وبعد الهجوم على أوكرانيا، أصبحت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وكذلك مملكة البحرين مركزاً للنشاط التجاري الروسي والتجارة الدولية، حيث انتقل تجار النفط الروس إلى هناك من أوروبا، وتدفقت الأموال الروسية عبر إمارة دبي على سبيل المثال، واستقر هناك العديد من رجال الأعمال الروس وعائلاتهم الذين غادروا بعد بداية الحرب (الروسية – الأوكرانية).
- ويؤكد الخبير (جوست هلترمان) أنه ومنذ شهر سبتمبر من العام الماضي 2023، أي منذ عام تقريباً ظهرت العديد من التقارير الإستخباراتية في كل من واشنطن ولندن، والتي أفادت بأن دول الغرب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية ومعها المملكة المتحدة والإتحاد الأوروبي باتوا قلقين بشأن العرض المتزايد للسلع ذات الإستخدام المزدوج عبر بعض دول الخليج العربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة إلى روسيا الإتحادية، حيث أرسلت واشنطن وفق تسريبات أمريكية وفداً تمثيلياً إلى الإمارات لمناقشة هذا الأمر، ولكن المفاوضات لم تسير كما يجب بين واشنطن وأبو ظبي، ولذلك فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على شركاتٍ إماراتية بسبب إنتهاكها سقف الأسعار التي أرادتها واشنطن، حيث كانت تلك الأسعار مخصصةً للنفط الروسي لضبطه وتحجيمه.
- فيما يؤكد الجانب الروسي أن الأمريكيين قاموا بعد ذلك بقطع حبال التعاون مع الشركات الإماراتية، كما فعلوا هذا الخطأ سابقاً مع بعض الشركات النفطية السعودية، وهو الأمر الذي استقبله فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بكثيرٍ من الحماس لدرجة أنه تواصل مع سمو الأمير (محمد بن سلمان) ومع سمو الشيخ (محمد بن زايد) وقام بالتحليق إلى الرياض وإلى أبو ظبي، في زياراتٍ رسمية حيث أجرى هناك سلسة محادثاتٍ، كانت في غاية الأهمية بالنسبة للروس وكذلك للسعوديين والإماراتيين.
- والأهم من هذا وذاك كما يضيف خبراء وزارة الخارجية الروسية مثل الخبير الروسي الكبير، سعادة السفير السابق لروسيا الإتحادية في المملكة العربية السعودية، السفير (أوليغ أوزيوروف) أن الزيارتين التي قام بهما فخامة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال خريف العام الماضي 2023 إلى كل من دولة الإمارات العربية المتحدة وإلى المملكة العربية السعودية غيرت الكثير من المعادلات في منطقة الشرق الأوسط، وهو ما يريده الرئيس فلاديمير بوتين بسبب تراجع أهمية موسكو في المنطقة بعد حرب غزة، لأن المساعي الروسية في مجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار في القطاع لم تكتسب سوى القليل من الإهتمام، وهو الأمر الذي أراد الكرملين الروسي أن يعوضه بشكل آخر دبلوماسي.
- فيما يرى خبراء مجموعة الأزمات الدولية بشكل عام، بأن النفوذ الروسي في منطقة الشرق الأوسط قد شهد ولادة (نقطة انعطاف) حساسة للغاية فرضتها الحرب في أوكرانيا، وكذلك الأمر بالنسبة للحرب بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث يسعى الكرملين الروسي بكامل قوته، ليكون لموسكو دور كبير في المستقبل الجديد للشرق الأوسط والذي قد تسهم الحرب (الروسية – الأوكرانية) وكذلك حروب إسرائيل الحالية في قطاع غزة والضفة الغربية وكذلك في لبنان بتغييره، شكلاً ومضموناً.
- وهنا يوضح كبير الخبراء في المجلس الأطلسي (ريتش أوتزن) أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ، يحاول أن يُظهر من خلال علاقاته المتطورة مع دول الخليج العربية وعلى رأسها الإمارات العربية المتحدة ومعها المملكة العربية السعودية وكذلك مملكة البحرين، بأنه وقبل كل شيءٍ ليس معزولاً من الناحية الدبلوماسية، حتى بين أصدقاء الولايات المتحدة الأمريكية، وأنه يريد تحقيق هدف ثانٍ يتعلق بـالتنسيق بشأن إنتاج النفط وتجارته لمحاولة تحسين الظروف الإقتصادية والمعيشية للشعب الروسي في وقت تستمر فيه العقوبات الغربية في التأثير على موسكو.
- ويضيف الخبير الأمريكي (ريتش أوتزن) والذي كان عضواً فاعلاً ضمن فريق تخطيط السياسة الخارجية الأمريكية، أن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) ومعها جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد) يدركون جيداً أن منطقة الخليج العربي باتت بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين هي جزء آخر من رقعة الشطرنج الكبرى في منطقة الشرق الأوسط، لكنها بالنسبة لموسكو، وخلافاً لواشنطن وتل أبيب، أقل أهمية من الناحية العسكرية، ولكنها أكثر أهمية من الناحية الإقتصادية والمالية، حيث يحاول الكرملين الروسي إبراز دور روسيا الإتحادية السياسي في منطقة الشرق الأوسط، ومنافسة الولايات المتحدة الأمريكية والدول الغربية على زعامة الإقليم، وهو الهدف الروسي الذي يحاول الأمريكيون التصدي له بشتى السبل والوسائل، لأن العلاقات الروسية العربية أخذت تتطور بسرعة.
- ولم يقلل خبير روسي آخر، هو الخبير (دميتري ترينين) والذي كان يترأس معهد (كارنيجي) للدراسات السياسية والإستراتيجية في موسكو من أهمية ملفات الطاقة الذي يجمع بين دول الخليج العربية وعلى رأسها السعودية والإمارات مع روسيا الإتحادية، خاصةً وأن الشركات الروسية بدأت تلعب دوراً كبيراً في عملية بناء العلاقة وتنشيطها، ولذلك يؤكد الخبير ترينين بأن الوزير لافروف سيثني على عمليات التبادل التجاري بين الجانبين، نظراً لأن روسيا الإتحادية قد تمكنت بالفعل بمساعدة دول الخليج العربية مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة من تخطي العقوبات الغربية مؤخراً، وهو الأمر الذي يجعل من دول الخليج العربية بلداناً مهمةً للغاية بالنسبة للكرملين الروسي.
- لكن خبيراً روسياً آخر، هو الخبير (نيكولاي كوزانوف)، وهو أستاذ دراسات دول الخليج في جامعة قطر، أكد في تعليقه على وصول الوزير سيرجي لافروف إلى دول الخليج العربية، أنه بالنسبة لدول الخليج العربية التي تستضيف القوات الأميركية فوق أراضيها وتشتري أسلحة أميركية بمليارات الدولارات، فإنها باتت تعتبر العلاقات مع روسيا الإتحادية على أنها جزء من عملية التوازن الدقيقة التي تهدف إلى تنويع علاقات دول الخليج العربية لانتزاع أكبر فائدة سياسية ممكنة من جميع شركاء الخليج الأجانب من جهة، وكذلك، ومن جهةٍ أخرى، لإرسال رسالة حادة اللهجة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأن هناك إحباطاً كبيراً بات موجوداً في منطقة الخليج، بشأن تعامل واشنطن الغير متكافئ مع عواصم الخليج.
- ويؤكد خبير روسي ثالث هو الخبير (بوريس دولغوف) أنه من الناحية السياسية العملية، يمكن للسعودية والإمارات بالفعل متابعة مساعدتهما لموسكو، لأن كلاً من قادة البلدين لم يكن لديهما أي موقف واضح داعم لموسكو أو لكييف حتى في الحرب المستمرة في أوكرانيا، كما أن الرياض مثلاً، كانت قد رفضت التجاوب مع أحد الطلبات الأمريكية لزيادة إنتاج النفط الذي ارتفعت أسعاره بسبب الحرب، ولهذا السبب بالذات يفضَّل الكرملين الروسي الحفاظ على علاقات طيبة مع دول الخليج العربية، وخاصةً مع السعوديين والإماراتيين، نظراً لأن قادتهم لديهم تأثير كبير وإيجابي على المسلمين في جميع دول العالم.
- ولهذا السبب أيضاً، بات من الواضح للقيادات الغربية أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يتحرك دولياً بالتزامن مع وجود تنسيق (سعودي – إماراتي – روسي) عالي الوتيرة، حيث تطلب الوضع الإقليمي والدولي حدوث عدة لقاءات بين قادة هذه الدول، والدليل على ذلك هو زيارة الرئيس فلاديمير بوتين إلى أبوظبي، ومن بعدها إلى الرياض، خلال خريف العام الماضي 2023، ليقول لقادة تلك الدول أن بلاده روسيا الإتحادية، هي دولة كبيرة وقادرة على إحداث التغيير، وتريد أن تكون شريكة في أحداث المنطقة العربية.
- ويتابع الخبير الروسي (بوريس دولغوف) أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد نجح بالفعل في أن يلتقط الفرصة ليبعث برسالة قوية جداً للدول الغربية، بأن دول المنطقة العربية، وبالتنسيق مع قادة الكرملين الروسي، سيكون لديها القدرة الكاملة على أن تتدبر زمام الأمور لحل قضاياها السياسية والعسكرية والأمنية، في حال قامت هذه الدول بالتنسيق مع جهود روسيا الإتحادية وكذلك مع جهود جمهورية الصين الشعبية، والدليل على ما أراد الرئيس بوتين أن يوضحه لدول الخليج العربية، هو أن اللجنة الإسلامية العربية الخاصة بمتابعة تداعيات حرب غزة، على سبيل المثال، كانت خلال العام الماضي 2023، قد زارت بكين أولاً، ومن ثم اتجهت إلى موسكو ثانياً، وهو ما يؤكد نظرية الرئيس فلاديمير بوتين بأن المجتمع الدولي بات يتسع لأكثر من قوة عالمية، وليس فقط للأمريكيين.
- فيما يقول الخبير الروسي (أندريه كولسنيكوف)، وهو خبير في مركز كارنيغي ضمن القسم المتخصص بقضايا روسيا ومنطقة أوراسيا، أن الرئيس بوتين دحض الإدعاءات التي تقول بأن روسيا في عزلة دولية خاصةً وأن المملكة العربية السعودية باتت الشريك الرئيسي لروسيا الإتحادية في (أوبك +)، في حين أصبحت الإمارات العربية المتحدة هي المركز الدولي الرئيسي للشركات الروسية، وباتت منفذاً قانونياً للتخلص من العقوبات الغربية سواءً بموافقة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، أو بغض النظر عن موقفهما، لأن توجهات الرئيس بوتين، وعلاقاته الطيبة للغاية مع كل من سمو الأمير (محمد بن سلمان آل سعود) و الشيخ (محمد بن زايد آل نهيان) أوصلت رسالة إلى النخب الغربية مفادها أن هذه المناطق العربية، أصبحت الآن مراكز دولية وإقليمية وفيها مراكز لإدارة الملفات العالمية والإقليمية، وهو الأمر الذي سيبعث برسالة إلى الداخل الروسي بأن الشعب الروسي ليس معزولاً عن العالم الخارجي كما يروج بعض أعداء الكرملين الروسي في الدول الغربية.
- ويختم خبير روسي رابع هو (نيكيتا سماجين)، وهو خبير مستقل في السياسة الخارجية الروسية، أن الرئيس فلاديمير بوتين قد أعطى هو الآخر لقادة دول الخليج العربية ما كانوا ينتظرونه منه بالضبط، وبكل رضى وتقدير، لأن القادة الخيلجيين، ومن خلال علاقاتهم الطيبة مع الرئيس فلاديمير بوتين، أوصلوا هم أيضاً رسائل سياسية، وخاصةً لدول القارة الأوروبية، بأن أهمية الشرق الأوسط تتزايد بشكل كبير بسبب الجهود الخليجية بقيادة السعوديين والإماراتيين، وأن الشراكة المتجذرة بين روسيا وقادة بعض دول الخليج مثل السعودية والإمارات والبحرين، من شأنها أن تقلب الترتيبات القديمة مثل ترتيبات (النفط مقابل الأمن) بين الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وكذلك مع الإمارات العربية المتحدة ومع مملكة البحرين ودول الكويت ودولة قطر وبدرجة أقل مع سلطنة عمان، حيث فرضت حربي الخليج الأولى والثانية هذا الترتيب لأكثر من ثلاثين عاماً.
- وهنا يؤكد الخبراء الأمنيون الروس في الكرملين الروسي، وكذلك معهم الخبراء الدبلوماسيون الروس في وزارة الخارجية الروسية، أن هذا الترتيب والتفاهم الذي بقي سائداً بين واشنطن وعواصم دول الخليج العربية لأكثر من 30 عاماً منذ نهاية عملية عاصفة الصحراء الأمريكية في العراق وحتى أزمة جائحة فيروس (كورونا) الوبائي، أثقلت على عواصم دول الخليج العربية الكثير من الديون والإلتزامات أمام الأمريكيين والبريطانيين، ولذلك السبب أراد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن يثير قلق الغرب، وخاصةً الأمريكيين والبريطانيين، بإرسال رسائل سياسية وأمنية وعسكرية إلى واشنطن ولندن، يؤكد فيها بأن ترتيباتهم وخططهم وعلاقاتهم التاريخية مع دول الخليج العربية قد تصبح في مهب الريح قريباً، بسبب تطور التحالف الإستراتيجي الجديد ( السعودي- الإماراتي- الروسي).
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.