موسكو – (رياليست عربي): بعد أن نجا الرئيس الأمريكي السابق (دونالد ترامب) من محاولة اغتيال بإطلاق النار عليه خلال إلقائه كلمته، أثناء تجمع إنتخابي لأنصاره في ولاية بنسلفانيا الأمريكية، حيث أصيب ترامب في أذنه، وقتل شخص آخر كان بجواره، وأصيب إثنان آخران، فيما قتل رجال الخدمة السرية مطلق النار:
- أعلنت الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية (ماريا زاخاروفا) تعليقاً على محاولة الإغتيال، أن ما ذكرته وزارة الخارجية الروسية سابقاً تؤكده الأحداث الحالية في الولايات المتحدة الأمريكية، حيث حذرت موسكو مراراً من حملة التحريض الأمريكية التي تشنُّ ضد (دونالد ترامب)، والتي شنَّها خصومه الديمقراطيون، من الذين يحرضون على الكراهية للمعارضين السياسيين، وقدمت أمثلة على التقليد الأمريكي المتمثل في اغتيالات ومحاولات اغتيال سابقة لرؤساء ومرشحين رئاسيين أمريكيين.
- كما انتقدت وزارة الخارجية الروسية (الموقف السياسي الغربي)، والذي وصفته بــــــــ(الموقف المنافق) للساسة الغربيين المدافعين عن الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان (كما يسمون أنفسهم)، خاصةً وأن بعضاً من هؤلاء (المدافعين) عن الديمقراطية في الولايات المتحدة الأمريكية، كانوا قد أعلنوا صراحةً عن حاجتهم إلى قتل المرشح الرئاسي (دونالد ترامب).
- وأشارت وزارة الخارجية الروسية إلى سوء الوضع السياسي والأمني والعسكري لمثل هذه التصريحات، خاصةً وأن تصريحات (التحريض السياسي) في عدد من الولايات الأمريكية، لا تظهر في شبكة تواصل إجتماعية معينة، وإنما يمكن مشاهدتها ضمن وسائل الإعلام الأمريكية الرسمية، وحتى على لسان السياسيين الأمريكيين الديمقراطيين، وهو الأمر الذي يعتبر خطراً على الديمقراطية، ليس في داخل الولايات المتحدة الأمريكية فقط، وإنما خارجها أيضاً، لطالما أن هؤلاء المحرضين من رجال السياسة دائماً ما كانوا يحاولون تقديم أنفسهم على أنهم يدافعون عن الديمقراطية.
- من جهتها أجرت المتحدثة الرسمية لوزارة الخارجية الروسية (ماريا زاخاروفا) مقارنةً عملية بين محاولة اغتيال الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) والتي تحدث عنها رئيس الإستخبارات العسكرية الأوكرانية (كيريل بودانوف)، والمحاولة الأخيرة لاغتيال (دونالد ترامب)، حيث أكدت المسؤولة الروسية في مقارنتها بأن الأمريكيين لا يدركون للأسف (على حدِّ وصفها)، بأن كلتا المحاولتين قد تمَّ الإعداد لهما باستخدام الأموال الأمريكية، والتي لولاها لما كان بالإمكان القيام بهذا النوع من الأنشطة الإرهابية الخبيثة لإدارة الإستخبارات وجهاز الأمن الأوكراني.
- أما السكرتير الصحفي للكرملين الروسي (دميتري بيسكوف) فقد أكد أن الرئيس الأمريكي (جو بايدن) والحزب الديمقراطي، هم من وضعوا حياة (دونالد ترامب) في خطر واضح، واستفزوا محاولة اغتياله من خلال محاولة إبعاده عن السباق الرئاسي بدون جدوى، باستخدام الأدوات القانونية اللازمة والمحاكم والمدعين العامين ومحاولات تشويه سمعة المرشح سياسياً والمساومة على مستقبله السياسي.
- وقد استنكر الكرملين الروسي ما يدعيه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي بشأن مفهوم الفصل بين السلطات، حيث أشار (دميتري بيسكوف) إلى أن ما حدث في الولايات المتحدة الأمريكية يثبت أن هذا الفصل بين السلطات، هو مجرد فقرة في الدستور الأميركي، ولا يمكن اعتباره نظام عمل، ولذلك فقد أكدت محاولة الإغتيال الأخيرة للرئيس السابق دونالد ترامب بأن (هذا النوع الأمريكي من الديمقراطية) هو نموذج خاطئ، ومتآكل بشدة، ولا يصلح ليكون نظاماً ديمقراطياً كما تروج له الإدارة الأمريكية.
آراء المراقبين و المحللين و الخبراء في مراكز الدراسات السياسية و الاستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين و المحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المطلعين على تطورات الوضع الأمني والعسكري ضمن العلاقات (الروسية الأمريكية)، من المتابعين لتأثير عملية اغتيال الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) على العلاقات (الروسية الأمريكية)، خاصةً في هذه الحقبة السياسية بالذات والتي تعتبر إحدى أسوأ الفترات بين الجانبين الروسي والأمريكي، مثل خبير وكالة (ريا نوفوستي) الروسية الرسمية للأنباء، الخبير (بيوتر أكوبوف)، أن الحزب الديمقراطي الأمريكي لم يخطط لقتل ترامب، لكن الهجوم الأخير كان نتيجة لأجواء الكراهية التي كان الحزب يغذيها على مدى السنوات الثمانية الماضية، ولذلك لم يكن من المستغرب أن (رجال الخدمة السرية) لم يشاهدوا مطلق النار إلا بعد أن أطلق ثماني طلقات، لأنه مع ارتفاع شعبية دونالد ترامب،أصبح قتل الأخير هو السيناريو الوحيد المتاح لكي تخرج القيادة الأمريكية الحالية من المستنقع السياسي الذي غاصت فيه، ولم تستطع أن تخرج منه لاحقاً.
- وكرر الخبير الروسي (بيوتر أكوبوف)، أن الفترة الأخيرة قد شهدت إنزعاجاً واحتجاجاً أمريكياً على كل ما تنشره وكالات الأنباء المحلية والمواقع الإلكترونية الروسية الرسمية وغير الرسمية، من أخبار تتعلق بالرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) خاصةً ضمن بلدان رابطة الدول المستقلة، نظراً لأن هذه الدول عادةً ما تعيد نشر أخبار وتحليلات وكالة (ريا نوفوستي) الروسية الرسمية في مختلف أنحاء روسيا الإتحادية ودول الإتحاد السوفييتي السابق من دول آسيا الوسطى وأوروبا الشرقية، حيث اعتبر رجال السياسة الأمريكيين في الحزب الديمقراطي، أن روسيا الإتحادية تقوم بدعم الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) وأنها تقوم باستغلال هذا الحدث للترويج له إنتخابياً وهذا ليس صحيحاً.
- فيما نقلت وسائل الإعلام الروسية (المعارضة) وجهة النظر الأمريكية، والتي كانت مختلفة قليلاً عن وجهة النظر الروسية بشأن هذا الحدث، حيث أكد الخبير الأمريكي (روبرت سبيتزر) وهو أستاذ العلوم السياسية لجامعة (كورتلاند) في ولاية نيويورك، إن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قد يحصل على دفعة إعلامية مؤقتة حالياً، لكن هذه الجرعة الإعلامية لن تبقى سارية المفعول لغاية شهر نوفمبر المقبل، حيث ستعود مكانة الرئيس دونالد ترامب ومكانة منافسه الرئيس جون بايدن النسبية في استطلاعات الرأي إلى مستواها الذي كانت عليه في الشهر أو الشهرين الماضيين.
- فيما نقلت مواقع إعلامية روسية أخرى أكثر توازناً في موقفها بين الديمقراطيين والأمريكيين، ما تحدث عنه خبير غربي آخر هو الخبير الأمريكي (ماثيو داليك) وهو أستاذ التاريخ السياسي لجامعة كورتلاند أيضاً في ولاية نيويورك، فأشار الخبير إلى أن سجل التاريخ الأمريكي لا يشير إلى أن السياسيين الأمريكيين قادرون على ترجمة التعاطف الناتج عن الهجمات العنيفة ضدهم إلى انتصارات إنتخابية بنجاحٍ كبير، والدليل على ذلك، هو الحادثة التي أصيب فيها (ثيودور روزفلت) برصاصة أثناء حملته الإنتخابية للرئاسة الأمريكية في عام 1912، ومع ذلك فقد خسر الإنتخابات، وكذلك الأمر قد تكرر عندما لم تمنع محاولة اغتيال الرئيس (هاري ترومان) في عام 1950 حزبه الديمقراطي من خسارة كبيرة في الإنتخابات النصفية في وقتٍ لاحقٍ من ذلك العام، وكانت آخر محاولات الإغتيال هذه قد حدثت عندما جرت محاولتان لاغتيال الرئيس الأمريكي (جيرالد فورد) عام 1975، ومع ذلك فقد خسر الإنتخابات الرئاسية الأمريكية بعد عام واحد، وهو الأمر الذي يمكن أن يتكرر حالياً مع المرشح (دونالد ترامب).
ولهذا السبب، تعمدت وسائل الإعلام الروسية نقل مختلف آراء الخبراء بغض النظر عن اختلاف دولهم واختلاف توجهاتهم السياسية، سواءً من الروس أو من الأمريكيين، والذين جمعهم رأي سياسي موحد مفاده، بأن هناك بالفعل موجة من العنف السياسي قد بدأت تجتاح الولايات المتحدة الأمريكية نتيجة خطاب التحريض والكراهية المستفحل في ذلك البلد.
- · وتكاد تكون النقطة الأكثر أهمية التي أكدت عليها وسائل الإعلام الروسية، خاصةً الحكومية من وسائل الإعلامية الروسية تلك، والتي يصغي إليها الكثير من المتابعين الناطقين باللغة الروسية في مختلف بلدان رابطة الدول المستقلة ومختلف دول الإتحاد السوفييتي السابق، وهي أنه وبغض النظر عن محاولة الإغتيال الأخيرة التي تعرض لها الرئيس الأمريكي السابق (دونالد ترامب)، فإن هذه المحاولة لن تكون، ولا يمكن اعتبارها، مؤشراً سياسياً كافياً لإمكانية تغيير النخبة السياسية الأمريكية الحاكمة حالياً في واشنطن، بعد الإنتخابات الرئاسية المقبلة والتي ستشهدها مدن الولايات المتحدة الأمريكية خلال شهر نوفمبر للعام الجاري 2024.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.
