موسكو – (رياليست عربي): بالتزامن مع التصعيد الكبير الذي تشهده منطقة الشرق الأوسط بين إسرائيل وإيران، وموقف القيادة الروسية من تأثير هذا التصعيد على السياسية الخارجية والأمنية للكرملين الروسي بشكل عام، وكذلك تأثير هذا الصراع على وضع القواعد العسكرية الروسية (الجوية والبحرية) المنتشرة فوق أراضي الجمهورية العربية السوية:
- يؤكد الخبراء الروس في أجهزة الأمن الروسية من المعنيين بدراسة تأثير الصراع الحالي على سياسات موسكو المقبلة، أنه عندما بدأت روسيا تدخلها العسكري في سوريا عام 2015، فقد أدى ذلك التدخل الروسي إلى تحول زخم الحرب لصالح نظام الرئيس بشار الأسد، وهو الأمر الذي سبب الكثير من القلق لدى عواصم الغرب وأجهزة استخباراتها في سوريا بشأن النوايا الحقيقية للكرملين الروسي، لأن الدول الغربية رأت في ذلك التدخل عودة عسكرية روسية إلى منطقة الشرق الأوسط أكثر مما كان تدخلاً عسكرياً لدعم الحكومة السورية الموالية لموسكو، كما رأت بأن هذا التدخل الروسي إنما سينتهي به المطاف بتشكيل تحالف مع بعض القوى المعادية للغرب في المنطقة بما في ذلك إيران.
- ومع ذلك، وبعد مرور ما يقرب من عقد من الزمان، وبعد اندلاع الحروب في كل من أوروبا الشرقية أي في أوكرانيا، وكذلك في منطقة الشرق الأوسط أي في قطاع غزة وجنوب لبنان، يبدو أن مستقبل هذه الشراكة الأمنية والعسكرية بين طهران وموسكو في سوريا قد تشهد تغييرات كبيرة للغاية حالياً، حيث أصبح التفوق السياسي والأمني والعسكري، والذي كان في وقتٍ من الأوقات سابقاً يميل لصالح روسيا، قد بات يميل حالياً لصالح إيران، وهو الأمر الذي بدأ يزعج الدول الغربية كثيراً، ليس حباً بروسيا وكرهاً بإيران، وإنما لكونه بات يتسبب بوضع مقلق لأمن إسرائيل في المنطقة.
- ويعود السبب في هذا التراجع للقدرات العسكرية الروسية في الجمهورية العربية السورية، نظراً لأن موسكو، وبعد أن بدأت عمليتها العسكرية في أوكرانيا عام 2022، قامت باستدعاء عدد من قواتها إلى جانب بعض أسلحتها، وأعادت نشرها على طول خطوط المواجهة الأولى في أوكرانيا، بما في ذلك نشرها لنظام الدفاع الجوي (S-300) المضاد للصواريخ والطائرات والذي أحضرته من سوريا.
- من بعدها، وفي عام 2023، شهد تموضع القوات العسكرية الروسية في سوريا، تغييراً كبيراً بعد أن شنت مجموعة (فاغنر) الروسية شبه العسكرية تمرداً ضد الكرملين الروسي، مما أسفر لاحقاً بعد عدة أسابيع عن مقتل رئيس مجموعة المرتزقة (يفغيني بريغوجين)، وهو الأمر الذي أدى إلى وضع أنشطة مجموعة (فاغنر) في سوريا برمتها تحت سيطرة الجيش الروسي وقوات الرئيس بشار الأسد، وهو الأمر الذي لم يعجب بقية مقاتلي (فاغنر)، مما أدى إلى انسحابهم أيضاً من بعض المواقع في سوريا، والذي اعتبر بشكل أو بآخر، إنسحاباً ثانياً للقوات الروسية من الأراضي السورية.
- وقد أثارت هذه التطورات العسكرية تفاؤلاً مبدئياً لدى بعض المراقبين الغربيين الذين اعتقدوا أن تقليص الوجود الروسي في منطقة الشرق الأوسط، سيسمح للتحالف العسكري الغربي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية بتعزيز نفوذها في المنطقة، حيث نظر كثيرون إلى ذلك الإنسحاب باعتباره تطوراً إيجابياً، على أمل أن يمنع على الأقل حقبة جديدة من الصراع الإقليمي بين القوى الكبرى.
- ولكن انسحاب روسيا الجزئي من سوريا كان إيذاناً ببدء فصل جديد من الصراع العسكري، فعلى الرغم من أن ذلك الإنسحاب لربما قلل من المخاوف بشأن عودة التنافس بين القوى العظمى إلى الشرق الأوسط، إلا أن غياب نفوذ الكرملين الروسي قد خلق فراغاً في السلطة في جنوب سوريا، والذي سرعان ما حاولت القوات الإيرانية وقوات منظمة (حزب الله) أن تشغله عسكرياً، وهو الأمر الذي جعل الموقف أكثر تعقيداً بالنسبة لواشنطن، التي أجبرت على توزيع تركيزها العسكري في ثلاث محاور رئيسية هي أوكرانيا وتايوان وإسرائيل.
- وعلى الرغم من أن روسيا جنت الكثير من الفوائد بسبب تدخلها في سوريا، حيث حصلت على الكثير من عقود استخراج الغاز والنفط في سوريا، وحصلت على ضمانات أولية بشأن عقود إعادة الإعمار من الحكومة السورية، إلا أن الفائدة الروسية الكبرى قد تمثلت بسماح الحكومة السورية في دمشق للكرملين الروسي ببناء قاعدة حميميم الجوية في مدينة اللاذقية السورية، حيث تضم القاعدة الجوية قاذفات روسية بحرية إلى جانب القاعدة البحرية في طرطوس، وهوالأمر الذي وفر للقوات الروسية وجوداً إستراتيجياً ضد الجناح الجنوبي لحلف (الناتو) في البحر الأبيض المتوسط.
- ولذلك السبب، ونتيجة تراكم هذه المكاسب الجيوسياسية، بقي الروس بطبيعة الحال حذرين من إثارة أي صراع غير ضروري في المنطقة، حيث عملت روسيا في سوريا بنهج أكثر عقلانية، وعلى النقيض من ذلك، فإن إيران ومنظمة (حزب الله) بقيا كما تعتقد أجهزة المخابرات الغربية وعلى رأسها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية مدفوعان بالطموح والأيديولوجية الدينية المتطرفة، حيث تلخص هدفهما الأساسي ضمن الأراضي السورية باحتواء دولة إسرائيل، ومن ثمَّ القيام بتدميرها، لتصبح قضية الحرب ضدَّ إسرائيل من عدمها، هي نقطة الخلاف الرئيسية بين موسكو و طهران.
- ويكمن السبب الرئيسي لهذا الخلاف (الروسي – الإيراني) بأن روسيا تدرك جيداً من الناحية العسكرية والأمنية أن الصراع مع إسرائيل قد يؤدي إلى غارات جوية إسرائيلية مدمرة، من شأنها أن تزعزع توازن القوى بين قوات الرئيس بشار الأسد والمتمردين الشماليين من الأكراد، ولهذا السبب عملت موسكو بشكل متقطع كقوة رادعة ضد التوسع الإيراني في سوريا، ليس تصدياً لإيران بقدر ما هو الحل الوحيد لعدم منح إسرائيل أي ذرائع لضرب الأراضي السورية، حث استمرت هذه المعادلة الأمنية والعسكرية سارية المفعول لغاية عام 2018، عندما أدت الزيادة السريعة للقوات المدعومة من قبل إيران في جنوب سوريا على طول الحدود مع إسرائيل إلى زيادة الهجمات الجوية الإسرائيلية وإلى زيادة التصعيد الكبير في المنطقة، فحينها، اتخذت روسيا إجراءات سياسية و عسكرية، حيث قامت موسكو بالضغط فيها على طهران لسحب قواتها المسلحة وأسلحتها الثقيلة من جنوب سوريا، ونجحت في الإتفاق مع طهران على الإنسحاب مسافة 55 ميلاً شمالاً عن الحدود الإسرائيلية، وفي الوقت نفسه توصلت موسكو إلى اتفاق سري مع تل أبيب لخفض التصعيد في سوريا.
- ولكن خلال الآونة الأخيرة، تغييرت الظروف كثيراً بعد أن شنت إيران هجوماً بالطائرات بدون طيار والصواريخ على إسرائيل خلال هذا العام، وهو الأمر الذي دفع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً ليحث جميع الأطراف على (إظهار ضبط النفس المعقول)، ومنع جولة أخرى من القتال، لأن أي جولة قتال جديدة في سوريا، من شأنها أن تؤدي إلى عواقب كارثية على المنطقة بأكملها.
- وعلى الرغم من نصائح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لطهران، إلا أن الأخيرة بقيت توسع نشاطاتها العسكرية حيث قامت بفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل، وحاولت وحدات منظمة (حزب الله) توسيع أنشطتها من درعا في جنوب سوريا إلى حلب في الشمال، وباتت تدير حالياً أكثر من 100 موقع عسكري في البلاد، وبالمثل، ووفقاً لمعلومات أجهزة الأمن الروسية فقد باتت إيران تدير 13 قاعدة عسكرية في سوريا، ومعها خمس فرق من قوات الحرس الثوري الإيراني، بالتعاون مع منظمة (حزب الله) اللبناني.
- بالإضافة إلى ذلك، وصلت معلومات جديدة إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، يعتقد أنها وصلت من جهاز المخابرات الإسرائيلية (الموساد)، تفيد أن إيران قد وضعت مجموعة جديدة بالوكالة في سوريا في حالة تأهب قصوى، وهي مجموعة (الإمام الحسين) والمعروفة أيضاً بإسم منظمة (حزب الله) السوري ، والتي تتألف من 6000 مقاتل من بلدان مختلفة بما في ذلك من اليمن ولبنان والعراق.
- وفضلاً عن ذلك، زودت أجهزة المخابرات الإسرائيلية نظيرتها الروسية بمعلومات تفيد أن إيران تحاول فتح جبهة جديدة ضد إسرائيل من سوريا، ولذلك سعت إيران ووكلاؤها أيضاً إلى تهريب الأسلحة إلى الضفة الغربية باستخدام الطائرات بدون طيار والمهربين المحليين والجماعات الموالية لها، وهو الأمر الذي أزعج الروس كثيراً، لأن موسكو وعلى خلاف طهران تسعى للحفاظ على علاقات جيدة مع مختلف الجماعات العرقية والدينية في سوريا، بما في ذلك الأغلبية السنية، وقد نجحت موسكو في هذا الأمر، خلافاً لطهران التي أرادت تحقيق أجندتها الطائفية في سوريا من خلال وسائل مختلفة.
- فعلى سبيل المثال، قامت طهران حالياً بالتضييق على إحدى الجماعات العسكرية الرئيسية في سوريا من تلك التي يدعمها الكرملين الروسي ، وهي جماعة لواء القدس الفلسطيني، المعروفة أيضاً باسم آخر هو (لواء القدس أو فدائيو الجيش العربي السوري)، والتي تنشط في حلب نظراً لأن جميع مقاتليها تقريباً هم من السنة السوريين الذين يقودونها بالتنسيق مع القادة العسكريين الروس والشيشانيين، كما أطلقت إيران حملة لإعادة توطين الشيعة في أجزاء معينة من البلاد مثل دير الزور، من خلال شراء الأراضي بشكل مكثف وإرسال عمال البناء المهاجرين إلى سوريا في محاولة لتعزيز نفوذها.
- وقد رأت أجهزة الأمن الروسية التي ترسل بتقاريرها الدورية إلى الكرملين الروسي من مركزها الأمني في (مركز المصالحة الروسي في حميميم) أن هذا التحول في القوة فرضَ تحديات جديدة على جميع اللاعبين الرئيسيين في سوريا، أي على الدول الغربية وعلى إسرائيل وحتى على روسيا، لأن زيادة الوجود الإيراني ومنظمة (حزب الله) في سوريا والتهديد الناتج عن وجودهما، سيؤدي إلى اندلاع حرب أوسع نطاقاً في منطقة الشرق الأوسط، من شأنه أن يعرض مكاسب روسيا للخطر.
- وعلاوة على ذلك فإن غياب الروس كقوةٍ رادعة، كان سبباً لتوسع إيران ومنظمة (حزب الله) في المنطقة مما عقد الموقف بالنسبة لإسرائيل، التي تخوض بالفعل معارك مصيرية، ضدَّ منظمة (حماس) في غزة ومنظمة (حزب الله) في جنوب لبنان، وهو الموقف الإسرائيلي الذي يتفق مع الموقف الغربي وحتى مع الموقف الروسي، لأن روسيا ما بعد الإتحاد السوفييتي كانت تحاول الحفاظ على علاقة ودية نسبياً مع إسرائيل، ولكن الأمر قد لا يكون كذلك حالياً، لأن موسكو ستكون مضطرةً لحسم موقفها حالياً.
- وتكمن أزمة القرار الروسي حالياً بأن إيران ما زالت تمثل الداعم العسكري الأول لروسيا في حربها ضد أوكرانيا، ومع استمرار الحرب في عامها الثالث وترسيخ إيران وحزب الله لنفوذهما في سوريا، فقد تنجر روسيا إلى حملة محور المقاومة أو تضطر إلى مجاملتهما، وهو ما قد يؤدي إلى تحول موسكو ضد تل أبيب، حيث سيهدد مثل هذا السيناريو بإحياء بيئة الحرب الباردة، كما سيؤدي تحالف روسيا بشكل أوثق مع إيران وجماعاتها الدينية المعادية للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل في المنطقة إلى زيادة التوترات الإقليمية وعدم الإستقرار.
- وعلى الرغم من أن الإنسحاب الروسي قد ظهر في البداية وكأنه نعمة للغرب، لكنه في نهاية المطاف طرح تحديات جديدة وشكوك كبيرة بشأن الإستقرار في الشرق الأوسط، حيث ظهر الأمر في البداية وكأنه فرصة إستراتيجية بسبب تراجع نفوذ (الروس) المنافس الرئيسي لإيران، لكن الإنسحاب الروسي في الواقع تسبب بفراغ كبير في السلطة،وهو ما استفادت منه إيران بسرعة بنشر القوات الإيرانية وقوات (حزب الله) في سوريا، مما فرض صراعاً عسكرياً جديداً بين الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ضدَّ محور المقاومة الإيراني، وهو الأمر الذي سيؤدي لاحقاً إلى ردة فعل قوية للغاية من قبل إسرائيل، مما سيؤدي إلى إشعال سلسلة من الأحداث الأمنية والعسكرية، و قد يؤدي إلى حرب شاملة في المنطقة وستكون كلاً من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا منخرطتان فيها، وهو ما لا تريده موسكو.
آراء المراقبين و المحللين و الخبراء في مراكز الدراسات السياسية و الإستراتيجية الروسية و العالمية:
- يرى العديد من المراقبين و المحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المطلعين على ملف العلاقات (الروسية–الإسرائيلية) وموقف الكرملين الروسي من التصعيد الحالي (الإيراني – الإسرائيلي) مثل الخبير العالمي (سيث جي جونز)، مدير برنامج الأمن الدولي ضمن مركز الدراسات السياسية والإستراتيجية الدولية، أن القيادة الروسية قلقلة للغاية بشأن الوضع الأمني والعسكري في الشرق الأوسط، لأن الوضع سينفجر مثل برميل البارود، وسيكون من الصعب للغاية التحكم بعواقبه.
- ويضيف الخبير العالمي أن عدم وجود أي حلول أو مبادرات عالمية لإخراج إيران ومنظمة (حزب الله) من سوريا، يقلق واشنطن و موسكو معاً، خاصةً موسكو، لأن الكرملين الروسي يعلم جيداً بأن ردة الفعل الأمريكية ستكون واضحة عبر زيادة الوجود العسكري الأمريكي في سوريا، واستئناف واشنطن لعلاقاتها الداعمة مع (قوات سوريا الديمقراطية)، نظراً لأن الحفاظ على الوجود العسكري الأمريكي هناك سيكون الضمان الوحيد لواشنطن دون ربطه بأي شيء آخر، وهو ما لا تريده موسكو.
- ويتابع الخبير العالمي (سيث جي جونز) مدير برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، أن موسكو سيكون لديها مشكلة أخرى جديدة في الشرق الأوسط، حيث ستكون حينها، ولكونها حليفة الرئيس بشار الأسد ملزمة بمنع واشنطن من استخدام قوات سوريا الديمقراطية شمال البلاد، وهو ما لا تريد موسكو أن تلتزم به (حالياً)، لأن مصير قوات سوريا الديمقراطية (الكردية) يتمُّ بحثه حالياً كأحد الملفات الرئيسية بين تركيا وروسيا، فإذا قررت أنقرة تطبيع العلاقات لاحقاً مع حكومة دمشق بمساعدة الكرملين الروسي، عندها فقد يصبح مستقبل قوات سوريا الديمقراطية، والتي صنفتها تركيا كمنظمة إرهابية، أكثر عرضة للخطر.
- وفي هذا السياق لن تتردد الولايات المتحدة الأمريكية بحماية قوات سوريا الديمقراطية، وذلك عن طريق إقامة حدود واضحة مع تركيا أو توسيع نطاق وجودها العسكري في الشمال، وفي كلتا الحالتين، سيكون الأمر غير مرضي لروسيا، مع العلم أن هدف الأمريكيين الرئيسي ليس إزعاج روسيا بقدر ما هو تحجيم التمدد الإيراني فوق الأراضي السورية، دعماً لإسرائيل التي باتت تحضر نفسها لاشتباك عسكري كبير مع القوات الإيرانية والقوات الموالية لها في سوريا ولبنان، وهو ما سيدفع بالمشهد الحالي إلى اشتباك بين إسرائيل وإيران ومنظماتها مثل منظمة (حزب الله) في الجنوب السوري، واشتباك آخر بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران في الشمال السوري عبر قوات سوريا الديمقراطية، وفي كلتا الحالتين ستكون إيران في موقف لا تحسد عليه.
- ففي الشمال، ستقاتل القوات الإيرانية لوحدها، لأن تركيا لن تنزلق إلى هذا النوع من المواجهات العسكرية بين (واشنطن و طهران) لأن تركيا لا تريد أن تغضب واشنطن في حلف الناتو، كي لا تدفع الثمن لاحقاً في ملفات إقليمية ودولية آخرى، وليس لها أي مصلحة في معاداة إسرائيل لصالح إيران.
- وفي الجنوب، ستقاتل القوات الإيرانية لوحدها، لأن روسيا لإتحادية لن تنزلق هي الأخرى إلى هذا النوع من المواجهات العسكرية بين ( إسرائيل و إيران)، لأن موسكو لا تريد أي تصعيد مع إسرائيل التي يمكن أن تلعب دوراً كبيراً بتغيير كفة الحرب في أوكرانيا من خلال تزويد الأوكرانيين بمضادات للدفاعات الجوية، وكذلك من خلال إقناع اللوبي اليهودي في واشنطن بتقديم حزم مساعدات مالية وعسكرية لنظام كييف قبل موعد شهر نوفمبر القادم الذي سيشهد إجراء الإنتخابات الرئاسية الأمريكية.
- ولهذا السبب، بات الصدام العسكري الحالي بين إسرائيل وإيران مزعجاً للجميع، لأن كلا الجانبين يحاول كسب هذا الطرف أو ذاك إلى جانبه، أملاً بجر أطراف إقليمية أخرى إلى هذه الحرب، وهو ما لا تريده واشنطن التي يمكن لحكومة بنيامين نتنياهو أن تسقطها في الفخ الإسرائيلي، وكذلك لا تريده موسكو التي يمكن لبعض الشخصيات المتشددة حول المرشد علي خامنئي أن تسقطها في الفخ الإيراني.
حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.