باريس – (رياليست عربي): وقّع الرئيس الأمريكي جو بايدن يوم الجمعة 7أبريل/ نيسان، قانوناً يمنع استيراد النفط الروسي إلى الولايات المتحدة ويقطع جميع العلاقات التجارية مع البلاد بسبب غزوها لأوكرانيا، ما يعني أن أمريكا قطعت كامل علاقاتها التجارية مع روسيا.
وسعياً إلى مزيد من العزلة الاقتصادية لروسيا،تواصل الولايات المتحدة الضغط على موسكو لإنهاء غزوها لأوكرانيا، سيعمل التشريع الذي تم تمريره بأغلبية ساحقة في مجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ)، على ضرب الشريان الاقتصادي لروسيا الغنية بالطاقة مع إعادة الدولة إلى نفس الوضع التجاري مثل ميانمار وكوبا وكوريا الشمالية.
كذلك، وقّع بايدن في وقت سابق أمراً تنفيذياً يحظر واردات النفط والغاز الروسي، فإن قرار مجلس النواب رقم 6968 يقنن الحظر ليصبح قانوناً، ويذهب مشروع القانون الثاني، HR 7108، إلى أبعد من ذلك من خلال تعليق العلاقات التجارية الطبيعية مع روسيا وحليفتها بيلاروسيا، كما يوجه مشروع القانون الممثل التجاري للولايات المتحدة لاتخاذ خطوات لتعليق مشاركة روسيا في منظمة التجارة العالمية.
وقال النائب الديمقراطي لويد دوجيت، أحد رعاة حظر النفط الروسي، أمام مجلس النواب في السابق “نعلم أنه لن يُنهي على الفور تمويل آلة بوتين الحربية، لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح”، وأشار إلى أن الموافقة على التشريع استغرق “ستة أسابيع طويلة” بعد مفاوضات مع مجلس الشيوخ، مع تقدم مشاريع القوانين في كلا المجلسين.
ومن ناحية أخرى شكك بعض المشرعين الجمهوريين في فعالية قطع واردات النفط الروسية، مما يشير إلى أنها يمكن أن تعزز علاقات البلاد مع الصين مع زيادة أسعار الغاز من خلال استيراد أو تصدير ما قيمته 5.6 تريليون دولار من السلع والخدمات في عام 2019، تعد الولايات المتحدة أكبر دولة تجارية في العالم، وفقاً لمكتب الممثل التجاري الأمريكي (USTR). تتمتع البلدان التي لديها علاقات تجارية طبيعية دائمة بمزايا في تيسير التجارة مع الولايات المتحدة، مثل التعريفات المخفضة.
واستخدمت الولايات المتحدة هذا التصنيف للتأثير على الدول في قضايا حقوق الإنسان، تأتي الموافقة على مشاريع القوانين في الوقت الذي أعرب فيه المسؤولون الأمريكيون عن قلقهم المتزايد من انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة التي ارتكبها الجنود الروس في أوكرانيا، دعا بايدن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب، كما دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى تشديد العقوبات ضد روسيا لإنهاء غزوها.
وأشاد النائب الديمقراطي ريتشارد نيل، رئيس لجنة الطرق والوسائل في مجلس النواب، بإقرار كلا مشروعي القانون، قائلاً في بيان إنهما “سيحملان نظام بوتين المسؤولية عن حملته الإرهابية ضد الشعب الأوكراني”، والجدير بالذكر، احتلت روسيا المرتبة الأربعين في قائمة أكبر أسواق الصادرات الأمريكية في عام 2019، وفقاً لمكتب الممثل التجاري للولايات المتحدة.
وتظهر الأرقام الصادرة عن مكتب الإحصاء أن الولايات المتحدة تقوم بتجارة قليلة نسبياً مقارنة بأكبر شركائها التجاريين الذين يشملون المكسيك والصين وكندا واليابان، على سبيل المثال، استوردت الولايات المتحدة ما قيمته 29.7 مليار دولار من البضائع من روسيا في عام 2021. بالنسبة للمكسيك، كان هذا الرقم 384.7 مليار دولار.
تضمنت الصادرات الأمريكية الأكثر شيوعاً إلى روسيا في عام 2020 الأجهزة الميكانيكية والمواد الكيميائية والبلاستيك والمنتجات الجلدية بالإضافة إلى معدات النقل، وفقاً لتقرير صادر عن مكتب التقييم التكنولوجي بالولايات المتحدة، شملت واردات الولايات المتحدة من روسيا المعادن والحجر والزجاج والمعادن.
تعد روسيا واحدة من أكبر منتجي النفط الخام في العالم بعد الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وفقاً لإدارة معلومات الطاقة، في عام 2021، شكلت الواردات الروسية 8 في المائة من جميع واردات النفط الأمريكية، وفقاً للإدارة.
التعليق
بعد دخول الحرب الروسية علي أوكرانيا شهرها الثاني، والأيام تثبت صحة ما سبق في المقالات السابقة، بخصوص هذه العملية العسكرية، وأن الغرب يستخدم كافة أدواته الجيوسياسية، لفرض العزلة والحصار علي روسيا الاتحادية، فبعد استبعادها من مفوضية حقوق الإنسان، بعد تصويت الجمعية العمومية بأغلبية 94 صوتاً، ورفض 24 آخرين، وامتناع 57 عن التصويت لتصبح روسيا الدولة الثانية في تاريخ المنظمة بعد ليبيا، التي تسقط عضويتها، واليوم تسعى الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مستقبلاً في استبعاد روسيا من منظمة التجارة العالمية، ومن كافة المنظمات الدولية ( البالغ عددها 38 منظمة دولية) الواحدة تلو الأخرى.
فهل التاريخ يُعيد نفسه أم يُكتب من جديد؟
وفي حين أنه يصعب تقييم تأثير الحرب على مؤسسات الأمم المتحدة، بعد استبعاد روسيا وهي عضو دائم بمجلس الأمن، فإن تلك الأحداث والتوترات تذكرنا بما حدث قبل الحرب العالمية الثانية؛ ففي ثلاثينيات القرن العشرين، ومع غزو اليابان لمنشوريا والغزوات التي قامت بها ألمانيا النازية وإيطاليا في عهد موسوليني، وغزو فنلندا من قبل الاتحاد السوفيتي، انسحبت أو طُردت بعض الدول الأعضاء التي تمّ عزلها دبلوماسيّاً من عُصبة الأمم في جنيف، وهي المنظمة التي سبقت الأمم المتحدة، فهل هي بداية انهيار منظمة الأمم المتحدة؟ أم هي بداية لإعادة هيكليتها؟ فالضغط وفرض العزلة علي روسيا يزداد يوم بعد يوم، خاصة مع عدم القدرة علي حسم العملية العسكرية، والتي يسعى الغرب إطالة أمدها لاستنزاف قدرات روسيا العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية.
كما نكرر ونؤكد على أن من يدفع فاتورة تلك الحرب هم الضعفاء والفقراء من الدول والشعوب.
خاص وكالة رياليست – د. خالد عمر.