طرحت المملكة العربية السعودية مبادرة سلام جديدة لإنهاء الحرب في اليمن تشمل وقف إطلاق النار على مستوى البلاد وإعادة فتح خطوط جوية وبحرية، لكن الحوثيين طالبوا برفع الحصار بشكل كامل، طبقاً لوكالة “رويترز” للأنباء.
وتتضمن المبادرة التي أعلنها وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إعادة فتح مطار صنعاء والسماح باستيراد الوقود والمواد الغذائية عبر ميناء الحُديدة، وكلاهما تحت سيطرة الحوثيين المتحالفين مع إيران، وقال الأمير فيصل في مؤتمر صحفي إنه سيتم استئناف المفاوضات السياسية بين الحكومة المدعومة من السعودية والحوثيين المتحالفين مع إيران مضيفاً أن المبادرة ستدخل حيز التنفيذ بمجرد موافقة الحكومة اليمنية والحوثيين عليها.
استغلال المبادرة
إن تقديم المملكة العربية السعودية لهذه المبادرة، مهما كان نوعها، هي مبادرة تندرج في إطار السلام وفتح صفحة جديدة لوقف المعارك والبدء بالحوار السياسي، فإن كانت الرياض مخطئة في جوانب ما، أتت مبادرتها لتكون هي من فتحت ذراعيها للسلام، ومن يرفضه لا يريد للأزمة اليمنية أن تنتهي، فقد صرح محمد عبد السلام، كبير المفاوضين الحوثيين بالقول: (إن الحركة ستواصل المحادثات مع الرياض ومسقط وواشنطن في محاولة للتوصل إلى اتفاق سلام، وإن فتح المطارات والموانئ حق إنساني ويجب ألا يستخدم كأداة ضغط)، هذا يعني تقليل الحوثيين من أهمية المبادرة، فلا يمكن أن تُلبّى جميع مطالبهم دفعة واحدة، فالتقليل من أهمية المبادرة السعودية الجديدة لإنهاء الحرب المستعرة في اليمن منذ ست سنوات والقول إنها لا تتضمن شيئاً جديداً، يعني التصعيد من جانب الحوثيين، ما يسقط فرضية أنهم يقاتلون لأجل الشعب اليمني، ومن يكتوي بنيران هذه الحرب وحده الشعب اليمني، ولو كان هذا الشعب من ضمن اهتمامات الحوثيين لوافقت دون أية شروط ما دامت لصالح اليمنيين، وهذا الأمر تتحمله الولايات المتحدة الأمريكية التي أبدت استعداداً للتحاور معهم وإسقاطهم عن لوائح الإرهاب، الأمر الذي زادهم غروراً وقد ينسف كل هذه المبادرة التي جاءت كبادرة سلام يحتاجه الطرفين.
ترحيب دولي
رحبت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً بالمبادرة السعودية، بينما رأت الأمم المتحدة أن هذه المبادرة تتسق مع توجه المنظمة الرامي لتكثيف الجهود وإنهاء الحرب الدامية منذ العام 2015، خاصة بما يتعلق بالشق الإنساني منها، كذلك الأمر بما يتعلق بالولايات المتحدة التي رحبت بدورها في هذا الأمر، واعتبرت أنه “خطة جديدة لوقف إطلاق النار”، وفي ذات الإطار رحبت بريطانيا بهذه المبادرة، وقال دومينيك راب، وزير الخارجية البريطانية: (نحث الحوثيون على العمل مع خصومهم السعوديين لوضع حد للصراع المستمر منذ ست سنوات).
في تحليل بسيط لهذا الترحيب الدولي، يبين أن المجتمع الدولي قد اكتفى من هذا الاقتتال، ليس لصالح اليمن بكل تأكيد، لكن لأن المعلومات الأخيرة تتحدث عن التوجه إلى القارة السمراء بثقل سياسي وعسكري، المصلحة الدولية اليوم هي بإعادة السلام إلى منطقة المضائق والممرات المائية، في حين أن الزخم والأعين تتجه نحو أفريقيا، وسط معلومات تتحدث عن نقل المرتزقة السوريين من ليبيا إلى مالي كمرحلة أولى.
أخيراً، يبدو أن الحوثيين ليسوا دُعاة سلام في الوقت الحالي، ويريدون مبادرة مفصلة على مزاجهم، دون مراعاة للوضع الإنساني الصعب جداً، كما أشرنا أعلاه، لكن الأمر برمته إن أراد المجتمع الدولي النجاح لهذه المبادرة والجهود الدولية والإقليمية لها، فإن الحل والقرار في طهران، حيث أنه من المتوقع أن تتم المساومة في هذا الملف، خاصة وأن العربية السعودية سبق وأن طلبت أن يكون لها دور في الاتفاق النووي الجديد، لكن إيران رفضت بشكل قاطع، وبكل أسف إن الغرب بطريقة أو بأخرى، عززوا من الحضور الإيراني مجدداً في المنطقة على حساب ثقل ووزن الدول العربية الفاعلة كالسعودية، لأن المصلحة الغربية تريد مصالحها وخاصة أن الملف النووي إن تم فهو سيحقق لهم مكاسب تعوض فترة ركود العام جراء جائحة “كورونا” على أقل تقدير.
فريق عمل “رياليست”.