استقال رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري، بعد ثلاثة عشر يوما من الاحتجاجات الشعبية في الشارع اللبناني، لينفذ بذلك مطلبا رئيسيا للمحتجين، وليضع لبنان في نفس الوقت، في مواجهة ما وصفه بعض المراقبين بالمجهول، وفقاً لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي.
حول هذا الموضوع قال الأستاذ أسامة حافظ عبدو مؤسس ومدير المركز السوري للدراسات لـ وكالة “رياليست” الروسية:
لقد سبق وأكدنا أن لبنان اشتعل، وها هي الإرادة السعودية والإسرائيلية في لبنان قد تحققت باستقالة الحكومة كخطوة أولى، حتى لو كان المظهر هو مطلب شعبي، ولكن أية ثورة ليس لها خطة أو بنود عمل أو قائد حقيقي لا تنتهي مطالبها، وستحصد نتائجها الأيادي الخفية التي تعمل لتحريكها من الخلف دون أن يدرك الثوار أنهم مجرد أدوات.
فراغ حكومي
الأمر لا يتعلق بقيمة الحكومة التي استقالت بأمر سعودي بعد انخفاض عدد المتظاهرين في الشوارع، لأن أية حكومة قادمة لن يتم قبولها وسيتم إسقاطها قبل أن تولد من قبل السعودية وإسرائيل، فالأمر يتعلق بالفراغ الحكومي والرئاسي في بلد يراد له أن يكون بلا دولة، وهو ما حاولوا أن ينفذوه في سورية وفشلوا، لأن غياب المؤسسات الرسمية لبلد ما يعني أنه لا توجد جهة مسؤولة يتم الاتفاق معها دولياً للحل، وبالتالي يصبح البلد والأرض مشاعاً، بحيث يمكن لأي محتل أن يدخل إليه ويعمر فيه ليصبح مالكاً له، وهذا بالضبط هو الهدف الإسرائيلي من الفراغ الرئاسي والحكومي اللبناني.
العبرة من سورية
خذوا العبرة مما جرى في سورية. فلولا بقاء المؤسسات الرسمية في سورية، مع من ستتحاور وفود البلدان الأخرى؟ مع من سيتعامل وفد الأمم المتحدة؟ من سيمثل البلد في الأمم المتحدة ومنظمة حقوق الإنسان وغيرهم؟ هل كانوا سيتحاورون مع شعب؟ وأي شعب هو المستهدف؟ هل كانوا سيسألون تركيا على محاولة احتلال الشمال السوري؟ هل كان أحد سيردع تركيا من الوصول لحلب وإسرائيل من الوصول لدمشق؟….. إلخ من الأسئلة التي لا إجابة عليها.
مستقبل لبنان
لبنان إذن مقبلٌ على فراغ وفوضى بلا تمثيل، وهذا ما يجعل من السهل الانقضاض عليه من قبل إسرائيل، واقتطاع أجزاء من أراضيه عنوة دون أن يسألها أحد في الأمم المتحدة: ماذا تفعلين؟
وسينال كل من تركيا وقطر والسعودية حصصهم من هذه الكعكة اللبنانية الصغيرة.
عدا عن سفن الهجرة التي ستأتي لاستقطاب المسيحيين وتهجيرهم إلى بلدان أوروبا، لتفريغ لبنان من أحد أهم مكوناته، فليس الهدف إنقاذهم، لأن أمريكا لا يهمها مسيحيو لبنان كما لم يكن يهمها مسيحيو سورية والعراق وغيرهم، بل همها تحقيق أهداف إسرائيل في المنطقة، وذلك بتحويل الصراع في لبنان إلى سني شيعي بمكوناته اللبنانية مضافاً إليه مكون اللاجئين السوريين، فيحترق في داخله ليسهل على إسرائيل الدخول إليه واحتلاله بكل سهولة، والوصول إلى بيروت كما اجتاحته سابقاً ووصلت لبيروت.
هل استطاعت إسرائيل بإشعال لبنان أن تنجي شمالها من تهديدات المقاومة، لتنقل الصراع من إسرائيل إلى قلب لبنان؟ وهل سيصبح لبنان نسخة من اليمن؟ وهل سنشهد صراعاً سورياً إسرائيلاً قادماً على أرض لبنان؟! انتظروا ونحن منتظرون..
أسامة عبدو- مدير و مؤسس المركز السوري للدراسات، خاص لوكالة “رياليست” الروسية.