دوشانبي – (رياليست عربي): تم اعتقال ثمانية أشخاص لصلتهم بالهجوم الإرهابي الذي وقع في قاعة مدينة كروكوس، سبعة منهم من مواطني طاجيكستان، وتوجهت مجموعة من المحققين الروس جواً إلى دوشانبي، حيث يقومون باستجواب أقارب المعتقلين، ويساعدهم الرئيس إمام علي رحمون، وفي الوقت نفسه، فإن الوضع مع الإسلام الراديكالي في طاجيكستان صعب للغاية، فعلى مدى السنوات الثلاث الماضية، ارتكب مواطنو البلاد 24 هجوماً إرهابياً في 10 دول.
وبعد أن تم اعتقال ثمانية أشخاص لصلتهم بالهجوم الإرهابي الذي وقع في قاعة مدينة كروكوس، سبعة منهم من مواطني طاجيكستان، يُزعم أن زعيم المجموعة هو داليرزون ميرزويف البالغ من العمر 32 عاماً، ولديه أربعة أطفال ولا يتحدث اللغة الروسية تقريباً، ونشر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي مقطع فيديو للاعتقال والاستجواب، وفي هذه المقاطع يرتدي الرجل نفس الملابس التي ظهرت في فيديو الهجوم الإرهابي، الذي نشرته مصادر إسلامية، وبحسب بيانات إضافية، يُزعم أن ميرزويف هو الذي كان يقود سيارة رينو البيضاء التي حاول المهاجمون الهروب بها.
إلى جانب ميرزويف، تم اعتقال سعيد كريم راجاباليزودا ومحمد صابر فايزوف وفريدوني شمس الدين، وقال الأخير إنه أطلق النار على الناس مقابل نصف مليون روبل، وأن “مساعد الداعية” أمر بالهجوم، بالإضافة إلى ذلك، اعتقل المحققون صاحب سيارة رينو بيضاء، ديلوفار إسلاموف، وشقيقيه، للاشتباه في قيامهم بمساعدة الإرهابيين، ثم ألقي القبض على أليشر كاسيموف، الذي قام بتأجير شقة للمتهمين في القضية، وبحسب الرجل، فقد التقى بهم عبر موقع أفيتو.
ومن المعروف أن مجموعة من المحققين الروس توجهوا إلى طاجيكستان للعمل مع أقارب المعتقلين، وبناء على طلب الجانب الروسي، تم إحضار أفراد الأسرة إلى دوشانبي من مدينتي فاهدات وجيسار، وكذلك من منطقة روداكي، ولاحظ الصحفيون أن منزل فريدوني شمس الدين كان مغلقاً في جيسار، وأفاد الجيران أن أقاربه اقتيدوا من قبل “أشخاص يرتدون الزي العسكري”، كما تم التأكيد على أن سير التحقيق يخضع للمراقبة الشخصية لرئيس البلاد إمام علي رحمون، فهو يتلقى جميع المعلومات العملياتية يومياً.
كما أدلى رئيس الدولة الطاجيكية ببيان خاص وصف فيه الهجوم الإرهابي بأنه حادث مروع ومخز، وقال إنه”يجب علينا حماية المراهقين والشباب من تأثير الجماعات والحركات المدمرة والمرعبة، لا يمكننا أن نسمح لأطفالنا بتشويه السمعة الطيبة للأمة الطاجيكية”. بدورها، دعت سفارة طاجيكستان في روسيا مواطنيها إلى عدم الاستسلام لتجنيد المتطرفين وتجنب “فخاخ الخداع” في شبكات التواصل الاجتماعي وبرامج المراسلة الفورية.
الإسلام الراديكالي في طاجيكستان
قال رئيس البلاد، إمام علي رحمون إن الوضع مع الإسلام المتطرف صعب في طاجيكستان، ووفقاً له، توفي أكثر من ألف مواطن في البلاد في النزاعات المسلحة في الخارج، وفقد عدة آلاف آخرين، وتم وضع أكثر من 4 آلاف طاجيكي على قائمة المطلوبين لارتكابهم جرائم متطرفة، وقد تم تقديم أكثر من 500 داعية إلى العدالة بتهمة الترويج للتعصب الديني مع تحول لاحق إلى التطرف.
وبشكل منفصل، ركز رحمون على النشاط الإرهابي، ووفقاً له، خلال السنوات العشر الماضية، وقع 86 هجوماً إرهابياً داخل البلاد، وتم إحباط 11 محاولة لارتكاب هجوم إرهابي، “ ارتكب 24 من مواطنينا هجمات إرهابية في 10 دول، بما في ذلك تفجير حشد من الناس، وأشار رحمون إلى أن الانتحار ليس جهاداً، بل هو خطيئة عظيمة تتناقض مع تعاليم ومقتضيات الدين الإسلامي.
وفي السنوات الأخيرة، كانت هناك العديد من الأحداث البارزة في طاجيكستان التي تم ربطها بإسلاميين متطرفين. لذلك، في يوليو 2018، في جبال بامير، قتلوا مجموعة من راكبي الدراجات الأوروبيين. وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2019، اخترق عشرات من قطاع الطرق الحدود مع أفغانستان، وسافروا عدة مئات من الكيلومترات وهاجموا موقع إيشكوبود الحدودي، وأسفرت الاشتباكات عن مقتل 15 مسلحاً واعتقال خمسة آخرين، كما ورد أن الإسلاميين كانوا وراء سلسلة من أعمال الشغب في السجون الطاجيكية، والتي قُتل خلالها العشرات من السجناء والحراس.
بالإضافة إلى ذلك، تم تسجيل النشاط أيضاً خارج البلاد، وهكذا، في يناير من هذا العام في إيران، فجر انتحاريان نفسيهما خلال مراسم تشييع مخصصة للجنرال سليماني، وسقط نحو 100 شخص ضحايا، وكان أحد الانتحاريين مواطناً من طاجيكستان، وفي بداية العام الجاري، شارك مسلح من طاجيكستان في هجوم على كنيسة كاثوليكية في تركيا، مما أسفر عن مقتل شخص واحد، وفي يوليو/تموز الماضي تم اعتقال خمسة طاجيكيين بتهمة الإعداد لهجوم إرهابي في ألمانيا.
بالتالي، هناك عدة أسباب لتزايد نشاط المتطرفين، من ناحية، في التسعينيات، شهدت طاجيكستان حرباً أهلية رهيبة مات فيها ما يصل إلى 100 ألف شخص، وأدى ذلك إلى تصلب الأعراف الاجتماعية وإضفاء الشرعية على العنف، ومن ناحية أخرى، تظل طاجيكستان دولة فقيرة للغاية، وفي تصنيف البنك الدولي لعام 2023، يحتل اقتصاد الجمهورية المرتبة 120 وجاراتها اليمن وبابوا غينيا الجديدة، من ناحية ثالثة، في فترة ما بعد الاتحاد السوفيتي في طاجيكستان، ساء الوضع في نظام التعليم، وأصبح السحرة والشامان وزواج الأقارب وغيرها من الممارسات القديمة شائعة، وفي مثل هذه الظروف، تقع الدعاية المتطرفة على أرض جاهزة.
ومن الصعب على طاجيكستان أن تتعامل مع المشاكل القائمة بمفردها، وبالتالي تتلقى الجمهورية الدعم من جيرانها وحلفائها، وتلعب روسيا الدور الرئيسي في هذا الصدد، حيث تم التعاون معها من خلال منظمة معاهدة الأمن الجماعي وفي شكل ثنائي، حيث تظل القاعدة العسكرية الروسية رقم 201 الموجودة على أراضي البلاد عاملاً مهماً للاستقرار، بالإضافة إلى ذلك، تشارك موسكو ودوشانبه في العديد من التدريبات لمكافحة الإرهاب، ومع ذلك، فمن الواضح الآن أن المستوى الحالي من التفاعل ليس كافياً، ومن المحتمل أن تطلق الأطراف صيغاً إضافية من خلال أجهزة الاستخبارات في المستقبل القريب.
رغم ذلك، إن نمو التطرف ليس ملحوظاً داخل الجمهورية من وجهة نظر طاجيكية، ففي وقت من الأوقات، تعاملت السلطات الحالية بقسوة وحتى بقسوة مع جميع الهياكل الإسلامية، ونتيجة لذلك، لم تشهد البلاد أي احتجاجات أو جرائم جذرية داخل البلاد منذ خمس سنوات، كما أنه من المحتمل أن تكون بعض الخلايا النائمة قد بقيت، لكن معظم المسلحين انتقلوا إلى بلدان أخرى، في المقام الأول إلى سوريا وأفغانستان.
ومن أحد أسباب انتشار هذه الظاهرة، تراجع التعليم، في دوشانبي، في وقت ما، قرروا على ما يبدو أن الأشخاص المتعلمين سيصبحون تهديداً للنظام السياسي الحالي، والآن الجميع يجني فوائد هذه السياسة، لذلك هناك حاجة إلى تغيير هذا المسار، وحاجة إلى العمل على تحسين نوعية الحياة، وتحسين ثقافة الناس. إذا لم يتم فعل أي شيء، فسيظل الوضع خطيراً.