موسكو – (رياليست عربي): يبدو أن الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) في قمة مجده حالياً قبيل المحادثات السياسية الحاسمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا الإتحادية المقررة يوم الغد في المملكة العربية السعودية، وذلك بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا، وذلك بعد أن أنهت الإدارة الأمريكية العزلة الدولية للرئيس الروسي، وحطمت الوحدة الغربية بشأن الصراع المستمر في أوكرانيا منذ ثلاث سنواتٍ، وألقت بظلالٍ من الشك واليقين بشأن مدى استعداد الولايات المتحدة الأمريكية فعلياً للدفاع عن أوروبا، مما يشير لتحول سياسي مذهل من قبل الأمريكيين نحو روسيا الإتحادية، بعيداً عن حلفائهم التقليديين أي الأوروبيين المعادين للروس.
- وهنا تراقب وزارة الخارجية الروسية منذ مدة التصريحات السياسية المتضاربة لمساعدي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال أولى زياراتهم إلى دول أوروبا، حيث أثارت تلك التصريحات المخاوف بأن الرئيس الأمريكي سيرحب بأي اتفاق مع الرئيس (فلاديمير بوتين) حتى لو كان سيئاً بالنسبة لأوكرانيا، وهو ما اعتبره الأوروبيون بأن القارة العجوز (قارتهم أوروبا)، أصبحت حدودها مهددة مرة أخرى بالتوسع الروسي الذي فشلت حرب أوكرانيا في وقفه.
- وعلى الرغم من مطالب الأوروبيين السابقة من الأمريكيين بتوفير ضمانات أمنية وقوات كجزء من أي اتفاق لإنهاء الحرب بين روسيا الإتحادية وأوكرانيا، إلا أن الإقتراحات المطروحة بين واشنطن وموسكو ستقضي بأن تستبعد واشنطن أصدقائها الأوروبيين من محادثات السلام بشأن أوكرانيا، وهو ما تسبب بحالة من القلق في عواصم القارة، ولذلك دعت فرنسا عدة زعماء أوروبيين رئيسيين إلى اجتماع طارئ في باريس الإثنين 17 فبراير، بعد أن أثار دونالد ترامب مخاوف أوكرانيا نفسها، بأنها قد لا تكون جزءاً من المحادثات التي تعتبر حاسمة لبقائها كدولة، بعد أن تمَّ دخول أراضيها السيادية من قبل قوات جارتها، والتي اتهمها نظام كييف بأنها أي (روسيا الإتحادية) تمارس سياسةً شمولية لتدميرها كدولة.
- ورغم ذلك، فقد نقلت وسائل الإعلام الروسية يوم الإثنين 17 فبراير 2025 تصريحات الرئيس (دونالد ترامب) التي أعلن عنها قبل يوم فقط لعقد لقاء مع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) في القريب العاجل، عندما أكد للصحفيين في فلوريدا، بأن واشنطن تتحرك حالياً على قدم وساق مع موسكو، وتحاول التوصل إلى سلام مع روسيا الإتحادية وأوكرانيا، وهي تعمل بجدية شديدة لتحقيق ذلك.
- وقد دفعت هذه التصريحات الأمريكية المستفزة بالرئيس الأوكراني (فولوديمير زيلينسكي) ليرد عليها فوراً ضمن برنامج (Meet the Press) على قناة NBC الأمريكية، فأرسل رسالته إلى الفريق الرئاسي لـــ (دونالد ترامب) بأن كييف لن تقبل أبداً بأي قرارات قد يتفق عليها بين واشنطن و موسكو، مشيراً بأن (دونالد ترامب) سيورط نفسه مع (فلاديمير بوتين) في حال اتخاذه قرارات كهذه بدون جلوس قادة كييف على طاولة المفاوضات وبدون موافقتهم.
- لكن تصريحات (فولوديمير زيلنسكي) عبر وسائل الإعلام الأمريكية لم تلقَ أذاناً صاغية لدى الإدارة الأمريكية، التي خرج وزير خارجيتها (ماركو روبيو) ليؤكد بأن المحادثات السعودية هي الخطوة الأولى في هذه المفاوضات، وأن وفداً أمريكياً قد تمَّ تشكيله بالفعل، حيث سيضمُّ إلى جانب (ماركو روبيو) نفسه، كلاً من مستشار الأمن القومي (مايك والتز)، ومبعوث الشرق الأوسط (ستيف ويتكوف)، وقد أبلغ السعوديون الذين تربطهم علاقات ودية مع واشنطن وموسكو بأسماء أعضاء الفريق الأمريكي، ليؤكد السعوديون ترحيبهم بالوفد الأمريكي، مما دفع (ماركو روبيو) ليصرح بأنه وعلى الرغم من الجهود المبذولة من قبل الأصدقاء السعوديين إلا أن القادة الروس في الكرملين يجب عليهم أن يفهموا بأن (مكالمة هاتفية واحدة لا تصنع السلام وأن مكالمة هاتفية واحدة لا تنهي حرباً معقدة كهذه).
- وبالرغم من ذلك، فإن الجانب الروسي بدأ يلتمس بعض التناقضات أو التخبط ضمن التعليقات الأمريكية، بين وزير الخارجية الأمريكي (ماركو روبيو) نفسه ومبعوث ترامب إلى أوكرانيا (كيث كيلوج) حيث قال الأخير مساء السبت 15 فبراير 2025 إنه في حين ستشارك كييف في محادثات السلام، فإن الدول الأوروبية لن تفعل ذلك. فيما ردَّ عليه الأول بأنه إذا كانت هذه المفاوضات حقيقية بالفعل، فليدرك الأوروبيون والأوكرانيون وحتى الروس بأننا لم نصل إلى هناك بعد، ولكن إذا حدث ذلك، فسيتعين على أوكرانيا أن تشارك، لأنها هي التي تعرضت للغزو (على حد وصفه)، وسيتعين على الأوروبيين أن يشاركوا لأن لديهم عقوبات ضدَّ الرئيس فلاديمير بوتين شخصياً، وضدَّ روسيا الإتحادية بشكل عام، وهم ساهموا في هذه العقوبات، بغض النظر سواءً قاموا بذلك بشكل مباشر أو غير مباشر وهو الأمر الذي يتطلب منهم إعادة النظر في بعض القرارات السياسية المتخذة من قبل عواصم أوروبا.
آراء المراقبين والمحللين والخبراء في مراكز الدراسات السياسية والإستراتيجية الروسية والعالمية:
- يرى العديد من المراقبين والمحللين والخبراء في مجال العلاقات الدولية من المختصين بملف تطورات الحرب (الروسية – الأوكرانية) وتأثيرها على الأوضاع الأمنية والعسكرية واللوجيستية ليس فقط في بلدي طرفي النزاع، وإنما تأثيرها على الصعيدين الإقليمي والدولي أيضاً، مثل الخبير السياسي والأمني العالمي (راديك سيكورسكي)، والذي يشغل حالياً منصب وزير خارجية بولندا، أن الخط الأمريكي الحالي بشأن اتفاق السلام المقترح، يُظهِر أنه من غير الحكمة في كثير من الأحيان المبالغة في رد الفعل تجاه الخطاب المبكر لدونالد ترامب ومرؤوسيه، وذلك قبل أن يتم تحديد جوهر مواقفهم، لأنه وبدون تصميم الرئيس (دونالد ترامب) على إقامة علاقات جدية مع الرئيس (فلاديمير بوتين) فلن يكون هناك أمل يذكر في إنهاء هذه الحرب الشرسة خلال الأشهر المقبلة، وهنا يبدو أن هناك مجالاً كبيراً لأوكرانيا وكذلك لغيرها من الدول الأوروبية لجعل هذه المفاوضات غير ناجحة تماماً إلا بموافقة قادة كييف.
- وأضاف وزير الخارجية البولندي (راديك سيكورسكي) في ميونيخ خلال عطلة نهاية الأسبوع أنه يعتقد شخصياً بأن المكالمة التي أجراها (دونالد ترامب) مع (فلاديمير بوتين) كانت خطأً إستراتيجياً لأنها برأت الزعيم الروسي وخفضت الروح المعنوية في أوكرانيا، مضيفاً بأنه وعندما يقول (دونالد ترامب) إنه وكجزء من الصفقة سيكون هناك حاجة إلى قوات أوروبية، فعندها سيتيعين على الأمريكيين أن يطلبوا من الأوروبيين توفير هذه القوات، ولذلك (عاجلاً أم آجلاً) سيضطر الأمريكون إلى إشراك الأوروبيين في عملية السلام المزمع تنفيذها في أوكرانيا، بغض النظر عن نجاحها وفشلها وشروط إنجازها.
- ويضيف الخبير (راديك سيكورسكي)، أن الرسائل المتضاربة من جانب الإدارة الأمريكية كما هو حاصل حالياً، من شأنه أن يغذي المخاوف بأن يوافق (دونالد ترامب) على صفقة ما مع (فلاديمير بوتين) قد تضفي الشرعية على ما يعتبره الأوروبيون بأنه (الغزو الروسي غير القانوني لأوكرانيا) ومن ثمَّ يُخشى أن تفرض واشنطن شرعية هذا الأمر على سلطات كييف. وفي حين يقر أغلب خبراء السياسة الخارجية بأن أوكرانيا لن تستعيد كل الأراضي التي استولت عليها روسيا الإتحادية، فقد تسببت هذه الحقيقة بالكثير من الإنتقادات السياسية للرئيس ترامب، بسبب إهداره للنفوذ في مكالمته مع الرئيس بوتين، حيث انتقد وزير الدفاع الأمريكي (بيت هيجسيث) هذا الهدر معتقداً بأن إتفاق السلام المزمع تنفيذه لن يتضمن عضوية أوكرانيا في حلف شمال الأطلسي، ولن تشارك فيه أي قوات حفظ سلام أمريكية، ثمَّ خفف هيجسيث نفسه ومعه مسؤولون آخرون في الإدارة من حدة هذه التصريحات في وقتٍ لاحق.
- ويؤكد الخبير السياسي والأمني العالمي (راديك سيكورسكي)، والذي يشغل حالياً منصب وزير خارجية بولندا، أن هذه المخاوف الأوروبية قد تفاقمت بعد محاولة (دونالد ترامب) السريعة خلال الأسبوع الماضي لإعادة تأهيل (فلاديمير بوتين) بالكامل، والذي اتهمه الأمريكيون سابقاً بارتكاب جرائم حرب، وذلك عندما روج ترامب لمواقف السياسة الخارجية الروسية بدلاً من الترويج لمواقف الدول الغربية. فعلى سبيل المثال، بدا الرئيس (دونالد ترامب) متعاطفاً مع مبررات الرئيس (فلاديمير بوتين) والتي دفعت الأخير لإرسال قواته إلى أوكرانيا، حيث دعا (دونالد ترامب) إلى عودة (فلاديمير بوتين) لمجموعة الدول الصناعية الثمانية بعد طرد روسيا الإتحادية منها بسبب ضم شبه جزيرة القرم في عام 2014. كما بدا أن رفض (دونالد ترامب) للتنسيق المتزامن للإدارة السابقة مع أوروبا بشأن أوكرانيا وغياب مفاوضي كييف عن المحادثات السعودية، أضعف موقف التفاوض الغربي بشكلٍ خطير. وهنا سيكون من المرجح أن يبقى المسؤولون الأوروبيون أكثر تعاطفاً مع وجهات نظر أوكرانيا من (دونالد ترامب)، لأن غيابهم عن أي مفاوضات كاملة النطاق سيعطي موقف (فولوديمير زيلينسكي) جرعة جديدة للحياة السياسية ضدَّ موقف السياسة الخارجية الروسية التي ينتهجها الكرملين الروسي مع الأمريكيين.
- وما زاد الطين بلةً، كما يعتقد الخبير البولندي (راديك سيكورسكي)، هو ذلك الهجوم اللاذع الذي شنه نائب الرئيس الأمريكي (جيه دي فانس) على الديمقراطية الأوروبية في مؤتمر ميونيخ للأمن، وقراره لقاء زعيم حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف المناهض للهجرة، وذلك قبل أيام فقط من الإنتخابات التي ستشهدها ألمانيا قريباً، حيث كان الخطاب إشارة واضحة إلى أن إدارة (دونالد ترامب) تعتزم الترويج للعديد من الحركات الشعبوية التي تستحضر أصداء قاتمة في القارة الأوروبية التي دمرتها الحرب مرتين في القرن العشرين، وقد أتى هذا الخطاب الأمريكي ليدعم التحذير الصريح الذي وجهه هيجسيث في بروكسل الأسبوع الماضي بأن الأوروبيين باتوا بحاجة إلى (الإستحواذ على الأمن التقليدي) في القارة الأوروبية، وهو ما بات يُنظر إليه على نطاق واسع بأنه علامة على كراهية (دونالد ترامب) لمنظمة حلف شمال الأطلسي ومظلته الأمنية.
- ولهذا السبب، يعتقد خبير آخر، هو الخبير الروسي العالمي (ألكسندر جابوييف)، وهو مدير مركز كارنيجي (لروسيا الإتحادية وأوراسيا) أن القيادة الروسية في الكرملين بدأت تحتفل بانتصارها في أوكرانيا، كما لو أنها تحتفل بعيد الفصح وعيد الحانوكا وعيد الميلاد وحتى عيد ميلاد الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) نفسه، لأنه وحتى أكثر الروس تفاؤلاً، لم يكن يتوقع أن يحدث كل هذا في يوم واحد، وهو ما يعطي الجانب الروسي المبرر لفتح زجاجات الشمبانيا الروسية (حسب وصفه)، احتفالاً بهذا النصر الكبير الذي سيظهر تأثيره العسكري والأمني في ساحات المعارك خلال الأشهر القادمة.
- ويضيف الخبير الروسي العالمي (ألكسندر جابوييف)، أنه يكفي للجانب الروسي حالياً، تمكن الرئيس (فلاديمير بوتين) من إنهاء وضعه كشخص منبوذ دولياً ونجاح الكرملين الروسي أن يبدأ ببحث الصفقة بشأن أوكرانيا، مما سيعزز مكاسبه الإقليمية، لأن الإنقسامات السياسية الحالية التي أحدثها الرئيس (دونالد ترامب) داخل حلف (الناتو) بدأت تحقق أحد أهم أهداف السياسة الخارجية الروسية.
- ولهذا السبب، كما يعتقد الخبير الروسي (ألكسندر جابوييف)، نرى كيف دعت فرنسا إلى اجتماع طارئ، لأن الأزمة في العلاقات عبر الأطلسي قد دفعت الرئيس الفرنسي (إيمانويل ماكرون) ليدعو إلى هذا الإجتماع غير الرسمي يوم الإثنين 17 فبراير 2025 مع زعماء ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وهولندا والدنمارك، بالإضافة إلى رؤساء المجلس الأوروبي والمفوضية الأوروبية والأمين العام لحلف شمال الأطلسي. في حين أن عداء الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) لسياسة الأمن التي اتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية على مدى 80 عاماً بعد الحرب العالمية الثانية، بات يمثل تحولاً مذهلاً في السياسة الأمريكية وعلامة على نفور الأمريكيين من الأهداف الأممية، وهو الأمر الذي جعل أوروبا حالياً عرضة لتيارات أكثر انعزالية في السياسة الأميركية، والتي كانت منذ فترة طويلة جزءاً من الدرع الأمني السياسي والعسكري النووي للولايات المتحدة الأمريكية.
- ويرى الخبير (ألكسندر جابوييف)، أن سنوات ميزانيات الدفاع المخنوقة في أوروبا، هي التي جعلت من معظم الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي من غير الأمريكية، غير مستعدة لمهمة الدفاع عن أوروبا وجعلتها ترضخ للدور المهيمن الذي تطالب به إدارة (دونالد ترامب) حالياً، لأن الزيادات السريعة في عمليات الإنفاق الدفاعي لدول القارة الأوروبية، قد تسببت بخيارات مؤلمة للقادة الأوروبيين الذين يكافحون بالفعل لتمويل دولهم، خاصةً وأنهم يعانون من أزمة الإقتصادات ذات النمو المنخفض. وهو الأمر الذي أحسن الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) استغلاله على أفضل وجه، والدليل على ذلك وجود بعض المؤشرات على أن موقف إدارة (دونالد ترامب) المتشدد بات يجبر القادة الأوروبيين على حواره، كما أعلن مثلاً رئيس الوزراء البريطاني (كير ستارمر) الذي يخطط للقاء ترامب في الأيام المقبلة، والذي أعرب أنه على استعداد لإرسال قوات بريطانية إلى أوكرانيا كجزء من أي اتفاق سلام قد يوقع. حيث أضاف في مقال كتبه في صحيفة (ديلي تلغراف) في عددها الصادر يوم الإثنين 17 فبراير 2025، أن معظم الدول الأوروبية، يجب أن تزيد من إنفاقها الدفاعي، ويجب عليها أن تتولى دوراً أكبر في حلف شمال الأطلسي، وهي التصريحات البريطانية التي تعني بأن (دونالد ترامب) قد بدأ يستفيد من مكالمته الهاتفية ومفاوضاته المقبلة مع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا.
- والجدير بالذكر أن هذه المحادثات (الروسية – الأمريكية) في المملكة العربية السعودية ستسلط الضوء أيضاً على موضوع آخر في العلاقات الدولية، وهو النفوذ المتزايد للمملكة العربية السعودية، والذي يتجلى في دورها المتنامي تحت قيادة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان آل سعود في شؤون منطقة الشرق الأوسط، وذلك من خلال مبادرات القوة الناعمة للسياسة السعودية العالمية حالياً، مثل الإستثمارات السعودية الكبيرة في الدوريات الرياضية الأوروبية واستضافة المملكة العربية السعودية لكأس العالم لكرة القدم عام 2034، حيث لم يخف (دونالد ترامب) إعجابه بالزعماء الأقوياء مثل الأمير محمد بن سلمان آل سعود، والرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) والذين تربطهما صداقة قوية، ولهذا السبب، فقد تناقلت وسائل الإعلام الروسية بعض التصريحات لمقربين من الديوان الملكي السعودي مفادها، بأن استضافة المحادثات (الروسية الأمريكية) من شأنها أن تعزز صورة السعوديين وهيبتهم، وتثبت أنهم لاعبون في واحدة من أهم القضايا الرئيسية على الصعيدين الإقليمي والدولي.
- وتجدر الإشارة أيضاً إلى أن السعوديين، ومن خلال وجود الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب)، ومعه كذلك الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) في المملكة العربية السعودية لاحقاً، سيسعون هم أيضاً، لتحقيق هدف آخر من أهداف السياسة الخارجية للرئيس (دونالد ترامب) وهو إنهاء الحرب في قطاع غزة. حيث ستحاول الإدارة الأمريكية حالياً بمساعدة الرئيس (فلاديمير بوتين) إقناع السعوديين والإسرائيليين بالتوصل إلى اتفاق تطبيع دبلوماسي من شأنه أن يعيد تشكيل الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط ويعزز الجبهة العربية ضد إيران، ولكن مثل هذه الصفقة ستكون مستحيلة سياسياً بالنسبة للسعوديين بدون وجود مسار إلى دولة للفلسطينيين، خاصةً بعد أن ردت الدول العربية بقوة ضد خطة (دونالد ترامب) غير العادية لنقل الفلسطينيين بشكل جماعي من غزة، في ما قد يرقى إلى شكل من أشكال التطهير العرقي.
- وهنا يؤكد الخبراء في وزارة الخارجية الروسية أن خطة الرئيس (دونالد ترامب) التي وصفت بالخيالية لامتلاك الولايات المتحدة الأمريكية لقطاع غزة وإعادة تطويره، فضلاً عن رغبة واشنطن الواضحة للدخول في محادثات مع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين) بشأن أوكرانيا، تؤكد على المخاطر المترتبة على (النهج الأمريكي التقليدي) ضمن سياسات واشنطن العالمية في التعامل مع العلاقات الخارجية للبيت الأبيض الأمريكي، ولهذا السبب يدرك قادة الكرملين الروسي جيداً أكثر من القادة الأوروبيين بأن الرئيس (دونالد ترامب) قد عاد إلى البيت الأبيض في لحظة فريدة من نوعها لملاحقة الإتفاقيات التي قد تجعل من الولايات المتحدة الأمريكية، وتجعل من العالم برمته أكثر أمناً، وهو الأمر الذي سيحاول القادة الروس الإستفادة منه، ليس في أوكرانيا فقط، وإنما في بقية مناطق العالم الساخنة.
خاص وكالة رياليست – حسام الدين سلوم – دكتوراه في تاريخ العلاقات الدولية – خبير في العلاقات الدولية الروسية.