رغم توافق الأطراف الليبية في مسارات 5+5 المختلفة، على وقف العمليات العسكرية وإخراج المرتزقة من بلادهم، تستمر تركيا في تحركاتها المشبوهة لإغراق البلاد بالسلاح والعمل على تجدد المواجهات، طبقاً لموقع قناة “سكاي نيوز عربية“.
وقال الناطق بإسم قوات الجيش الوطني الليبي، اللواء احمد المسماري: “إن طائرات تركية مسيرة تجوب مناطق غرب مدينة سرت، أقلعت من قاعدة مصراتة، وذلك في حركة طيران غير اعتيادية وفي تحدٍ لاتفاق اللجنة العسكرية الليبية 5+5″، طبقاً لذات المصدر.
لماذا تريد أنقرة السيطرة على سرت؟
إن التدخل التركي منذ بدايته في الأزمة الليبية، هو لغاية إقتصادية بحتة، لا علاقة للسياسة بالأمر، ولأن ليبيا من لون ديني واحد، لم تستطع أنقرة زرع الطائفية كما في بلادٍ أخرى، لتلعب على الوتر الديني من خلاله، لكنها جعلت سلاح تنظيم الإخوان المسلمين والذي تنتمي إليها قيادات الحزب الحاكم التركي، هو العنوان الرئيس في ليبيا، لتقنع الإسلاميين أنها تنشر هذا الفكر أينما حلت، وهنا مكمن اللغط في المسألة الليبية، والتي إنقسمت بفعل تعزيز دور الإخوان فيها إلى قسم متشدد يوالي أنقرة، وقسم آخر معتدل إن جاز التعبير، لا يريد كل أشكال حكم الإسلام العسكري، بل يسير على خطى الدولة المصرية وجعل حكم العسكر هو الحاكم، أي كما في المنطقة الشرقية الواقعة تحت سيطرة الجنرال خليفة حفتر.
إن الدخول التركي إلى ليبيا، ومنذ بدايته كان الهدف منه السيطرة على حقول النفط الضخمة، خاصة وأن النفط الليبي يشكل 95% من عوائد الدخل القومي الليبي، ما فتح شهية الجميع للسيطرة على هذا البلد الشمال أفريقي، لكن لم يكن أحد ليتوقع أن تقع أهم المدن الليبية تحت سيطرة الجيش الوطني الليبي، الذي أفشل بطريقة أو أخرى مساعي أنقرة في السيطرة على الهلال النفطي (سرت والجفرة) رغم أن هاتين المدينتين شهدتا في بداية الأزمة الليبية هجمات كثيرة لمرتزقة لم تكن محددة الولاء كما اليوم ولم تكن تتبع منهجية واضحة سوى التخريب على طريقة العصابات التي كنا نسمع عنها في بعض الدول الأفريقية، فمدينة سرت تشكل أهمية بالغة وإن إستطاعت تركيا السيطرة عليها، سيكون الإستعمار الجديد هو عثماني لن ينتهي إلا بزوال تركيا نفسها، لا يشبه حقبة الإستعمار الإيطالي لليبيا بل أسوأ بكثير.
هل تستطيع أنقرة نسف الهدنة العسكرية؟
من المؤكد أن قيادات المنطقة الشرقية ملتزمين بالإتفاقية ولن يسمحوا بتخريبها، فإن تم نقضها، هذا حكماً سيؤثر على الإتفاق النفطي، وبالتالي سيكون هو الآخر مهدداً بالنسف، بحسب الخطة التركية الحالية، وبعد أن فشل ملتقى تونس، وعادت الأوضاع إلى المربع الأول حتى مع إعلان موعد قادم لتسمية المرشحين، لكن هذا لا يلغي حقيقة أن الشرق الليبي سيحافظ على الهدنة من خلال الحفاظ على الهلال النفطي ومن خلال الحفاظ على نقل النفط بحسب الإتفاق المبرم مع القيادة الغربية.
فأنقرة لن تستطيع نسف الهدنة حتى وإن أرسلت آلاف المسيرات لترصد المنطقة، ومعهم آلاف المرتزقة، لأن النفط الليبي إستثماره ليس ليبياً خالصاً فهناك عشرات الشركات الأجنبية العاملة في ليبيا، والذين لن يسمحوا لأنقرة بنسف جهودهم وإستثماراتهم لغايات تركية فقط، وهذا بدا واضحاً عندما اوقفت الفرقاطة الألمانية سفينة الشحن التركي التي إدعت فيها أنها تنقل مساعدات إنسانية، ما يعني أن أوروبا أرسلت رسالة شديدة اللهجة إلى حكومة أنقرة، ما جعل سفينتها الأخيرة التي ترفع علم “جامايكا” تقف في عرض البحر، بالإضافة إلى وقفها إرسال مجموعة جديدة من المرتزقة السوريين إلى ليبيا، ما يعني الأمور لم تعد تسير في صالحها كما خططت.
من هنا، إن كانت الغايات سياسية لا تهم الغرب الأوروبي ومحوره، لم نكن لنسمع عن إعتراضات لأنقرة في ليبيا، كما حدث ويحدث في كثير من المناطق، لكن عندما يتعلق الأمر بالإقتصاد، تتبين السياسات القوية لأوروبا، وتستطيع وقف تركيا عند حدها، ففي السيطرة على سرت والجفرة، لن تحقق حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مبتغاها، زد على ذلك، أن أي خرق للهدنة من جانبها، سيُقابل برد ناري من قوات الجيش الوطني الليبي، وقد تنقلب الأمور إلى منحىً لن تستطيع تركيا السيطرة عليه، لأن السياسة التركية مكشوفة، عند الفشل تقف على الحياد، ولا مانع لديها من تقبيل الأيادي، حتى تحقق مبتغاها.
فريق عمل “رياليست”.