أعلنت الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان – العراق،في يوم الجمعة الماضي، توصلهما لاتفاق حول إدارة قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوي، وصفه الطرفان بالتاريخي، ويأتي ذلك بعد سنوات من الخلاف الذي حال دون عودة عشرات آلاف النازحين الإيزيديين الذين شردهم تنظيم داعش عند سيطرته على المنطقة عام 2014، والتي كانت تديرها قوات البشمركة الكردية.
هذا الإتفاق رغم أنه لاقي ترحيبا أمميا واسعا، إلا أنه ترك جدلا واسعا بين كافة الأطياف السياسية العراقية، خاصة وانه يفتح الباب أمام عودة العمل بالمادة 140 من دستور 2005 العراقي والذي أشرف عليه “بول بريمر” الحاكم العسكري للعراق آنذاك ، والتي تنص في أولى فقراتها على تطبيع الأوضاع في تلك المناطق ومن ثم إجراء إحصاء عام فيها، وختاما بإجراء استفتاء بشأن تحديد تابعيتها.
إيجابيات محتملة
من الجدير بالذكر، أن التوقيت التي أعلن فيه الإتفاق بين الطرفين، هو توقيت حساس للغاية، فعلي مدي سنوات، كان الخلاف بين بغداد وأربيل محتدما، فيما يخص المناطق المتنازع عليها، والتي من ضمنها قضاء سنجار وهو ما استمر بعد تحرير المدينة من تنظيم داعش.
لذا فقد يؤدي الإتفاق لعدد من النتائج الإيجابية أبرزها:
1-تنفيذ الإتفاق سيشكل بداية لعودة النازحين والمهجرين، والذي يبلغ عددهم حوالي 350 ألف نسمة، وأغلبيتهم من الأيزيديين، اضافة لتواجد أكراد مسلمين وعرب وايضا أقلية من المسيحيين والتركمان.
2-سيمهد للبدء في عمليات إعادة الإعمار لقضاء سنجار بالإتفاق بين الطرفين، والذي تضرر بنسبة تقارب الثمانين في المئة بسبب احتلاله من قبل تنظيم داعش.
3-سيكون عاملا هاما، في دحض ذرائع الأطراف الخارجية وبالتحديد تركيا، والتي تستهدف هذه المنطقة باستمرار بحجة استهداف حزب العمال الكردستاني، مستغلة ضعف الحكومة المركزية وعدم التوافق مع حكومة إقليم كردستان.
هل سينهي الإتفاق وضع سنجار المعقد؟
الأجواء الحالية في سنجار تنذر بصعوبة المهمة، وعدم إمكانية حل الأزمة في المستقبل القريب، فالمنطقة الجغرافية لقضاء سنجار صعبة ومعقدة، حيث تتواجد علي مسافة قريبة جدا من الحدود العراقية-السورية، والذي يسهل من عملية تغلغل العناصر المسلحة من سوريا إلي العراق، إضافة لتواجد فصائل مسلحة تبسط نفوذها علي القضاء، علي رأسها عناصر حزب العمال الكردستاني، والتي تتواجد بكثافة في منطقة جبل سنجار، والتواجد الملحوظ لعناصر الحشد الإيزيدي، التابع لهيئة الحشد الشعبي، والمتمثلة في لواء 30 حشد شعبي. مما سيشكل صعوبة كبيرة، في بسط سلطة الحكومة الإتحادية في بغداد علي القضاء، بالتعاون مع حكومة إقليم كردستان، خاصة في ظل حالة عدم التوافق ما بين القوي السياسية العراقية، فيما يخص الإتفاقية.
حيث صرح “قيس الخزعلي” قائد ميليشيا عصائب أهل الحق: أن إخراج الحشد الشعبي من سنجار، سيكون مكافأة إنتخابية علي حساب معاناة الإيزيديين. فيما رفض عدد كبير من نواب محافظة نينوي، إشراك البيشمركة الكردية في إدارة قضاء سنجار.
من المستفيد من الإتفاق؟
رغم صعوبة تنفيذ الإتفاق، إلا أن الإتفاق بلا شك إن تم، سيصب في مصلحة إقليم كردستان، فقضاء سنجار يعد من أكبر أقضية محافظة نينوي، وإتفاق الإدارة المشتركة بين بغداد وأربيل، سيسمح بكل تأكيد بتواجد كردي كبير في محافظة نينوي، رغم بعد القضاء عن حدود إقليم كردستان، بحدود 70 إلي 75 كيلو متر. ويأتي ذلك آيضا، في ظل عجز الحكومة الإتحادية في بغداد، والتي تعاني من تخبطات سياسية وأمنية، تضرب العاصمة بغداد، وهو ما سيضع شكوكا كثيرة حول إمكانية الحكومة علي السيطرة علي الأوضاع في سنجار، وبالتالي صعوبة الحد من نفوذ الإقليم المحتمل.
يأتي ذلك، مع تصريح رئيس حكومة الإقليم، مسرور البارازاني، بترحيبه بالإتفاق، والذي أضاف بأنه “سيكون بداية لتنفيذ المادة 140 من الدستور”، والتي كما ذكرنا تمنح الحق في إجراء استفتاء شعبي، في المناطق المتنازع عليها بين الطرفين، وهو ما أجراه الإقليم عام 2017، لكن عطلته عملية اجتياح قوات الحشد الشعبي للقضاء. وبالتالي، فإن ذلك سيمهد لعودة الطموحات الكردية من جديد لإجراء استفتاء أخر حسب نص “المادة 140” من الدستور، لضم قضاء سنجار لإقليم كردستان.
خاص وكالة “رياليست” – اسلام عبدالمجيد، باحث سياسي