بكين – (رياليست عربي). شهدت الصين هذا الخريف واحدة من أوسع عمليات الإقصاء داخل جيش التحرير الشعبي منذ تولي الرئيس شي جينبينغ السلطة، مع غياب عدد غير مسبوق من كبار الضباط عن اجتماعات وفعاليات رسمية — في مؤشر على اتساع حملة مكافحة الفساد التي تعيد تشكيل المؤسسة العسكرية.
خلال الجلسة الكاملة الرابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي (20–23 أكتوبر)، غاب أكثر من 60% من أصل 42 ضابطًا حاليًا ومتقاعدًا كان من المفترض حضورهم. ومن أبرز الغائبين:
– الأميرال هو جونغمينغ، قائد البحرية
– الجنرال وو يانان، قائد قيادة المسرح الجنوبي المكلفة ببحر الصين الجنوبي وحاملة الطائرات الجديدة «فوجيان»
كما تغيّب المسؤولان عن حفل تدشين «فوجيان» في 5 نوفمبر في هاينان. وخلال الجلسة، حذّر شي قائلاً: «إذا لم نحارب الفساد بقبضة من حديد، فمشاكل المستقبل لن تنتهي».
انهيار «شبكة فوجيان»
تزامنت هذه الغيابات مع إقصاء تسعة قادة بارزين في 17 أكتوبر، بينهم نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية هي ويدونغ، وعضو اللجنة مياو هوا، والقائد السابق لقيادة المسرح الشرقي لين شيانغيانغ.
ينتمي معظمهم إلى ما يُعرف بـ«مجموعة فوجيان» — ضباط برزوا في الجيش خلال عمل شي في مقاطعة فوجيان، وكان يُنظر إليهم على أنهم من أقرب المجموعات إليه.
إقصاء هذه الشخصيات قُدم على أنه دليل على «قدرة الجيش على تطهير نفسه»، لكن مصادر دبلوماسية تؤكد أن التحقيقات «تتوسع يومًا بعد يوم» وأن «أسماء جديدة تظهر باستمرار».
شبكات هي ومياو تحت المجهر
تشير البيانات إلى أن نحو 60% من الغائبين يرتبطون بأجهزة وقيادات خضعت تقليديًا لنفوذ هي و مياو، أبرزها:
– قيادة المسرح الشرقي (الوريثة للمنطقة العسكرية في نانجينغ)
– المنطقة العسكرية في لانتشو
– البحرية
– إدارة العمل السياسي في اللجنة العسكرية، وهي المؤسسة الأكثر عرضة لشراء المناصب
مراقبون يرون أن تنامي نفوذ هذه الشبكات — خاصة في الملفات المتعلقة بتايوان — قد جعلها مصدر قلق لشي وسلطته المباشرة على الجيش.
عودة مشاكل قوة الصواريخ
كما برز غياب عدد من الضباط المرتبطين بـ«قوة الصواريخ»، المسؤولة عن الترسانة النووية والصاروخية الصينية، والتي شهدت أربع موجات تطهير خلال عشر سنوات فقط. ورغم زيارة شي لقاعدة تابعة لها في أكتوبر 2024 وتشديده على الانضباط، فإن قادة جدد تعرضوا للتحقيق.
مسؤول أمني ياباني علّق قائلاً: «بالنسبة لشي، الفساد داخل الجيش يعادل الخيانة. الحملة لن تتوقف».
انكماش اللجنة العسكرية المركزية
بعد سقوط هي ويدونغ ومياو هوا ووزير الدفاع السابق لي شانغفو، تقلصت اللجنة العسكرية المركزية من سبعة أعضاء إلى أربعة فعليًا. ولم يعيّن شي أي بديل خلال الجلسة — خطوة فسّرها محللون بأنها مقصودة.
وقال ليم جاي هوان من جامعة آوياما غاكوين: «لجنة أصغر أسهل للسيطرة. السلطة الحقيقية تتركز أكثر فأكثر مباشرة في يد شي».
الحملة الحالية — الأوسع منذ تأسيس جيش التحرير الشعبي — تشير إلى أن الرئيس الصيني يعيد بناء هرم القيادة العسكرية من جديد، وفق معايير الولاء المطلق، في وقت تتصاعد فيه التوترات مع الولايات المتحدة وتايوان واليابان.






