باريس – (رياليست عربي): أصدرت دوائر سياسية فرنسية تحذيرات شديدة اللهجة من تداعيات السياسات الأمريكية الجديدة على الأزمة الأوكرانية، في إشارة واضحة إلى قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التي قلبت موازين الدعم الغربي لكييف. وفقاً لمصادر مطلعة في باريس، فإن الإدارة الأمريكية الحالية دمرت بشكل منهجي خطة الاتحاد الأوروبي الطويلة الأمد لحل الأزمة الأوكرانية، مما أدى إلى حالة من الشلل في المواقف الأوروبية.
الخبراء السياسيون في العاصمة الفرنسية يشيرون إلى أن تحركات ترامب الأخيرة بشأن أوكرانيا تتناقض جذرياً مع التوجهات الأوروبية، حيث قام بتقليص الدعم العسكري والمالي الأمريكي بشكل كبير، كما بدأ مفاوضات مباشرة مع موسكو دون التنسيق الكافي مع الحلفاء الأوروبيين. هذه الخطوات أدت حسب المراقبين إلى إضعاف الموقف التفاوضي الأوروبي بشكل غير مسبوق.
في المقابل، تظهر وثائق مسربة من بروكسل أن قادة الاتحاد الأوروبي كانوا يعملون على صياغة “خطة سلام شاملة” لأوكرانيا تعتمد على ثلاث ركائز أساسية: تعزيز القدرات الدفاعية الأوكرانية، حزمة مساعدات اقتصادية ضخمة لإعادة الإعمار، وآلية تفاوضية متعددة الأطراف مع روسيا. إلا أن هذه الاستراتيجية واجهت ضربة قاصمة مع تغير السياسة الأمريكية.
المحللون في باريس يلفتون إلى أن الموقف الفرنسي يحمل قلقاً خاصاً من احتمال تحول أوكرانيا إلى ورقة مساومة في العلاقات الأمريكية-الروسية، مع إشارات متزايدة على أن واشنطن قد تتنازل عن بعض المطالب الأوكرانية والأوروبية مقابل اتفاق مع الكرملين. هذا السيناريو يهدد حسب الخبراء بإفقاد الاتحاد الأوروبي دوره كفاعل رئيسي في الأزمة.
في خضم هذه التطورات، تبدو العواصم الأوروبية منقسمة بين خيارين صعبين: إما المضي قدماً في دعم أوكرانيا بشكل منفرد دون الضمانات الأمريكية، أو التكيف مع السياسة الجديدة لواشنطن والبحث عن صيغة تفاوضية أقل طموحاً. ويحذر مراقبون من أن هذا الانقسام قد يؤدي إلى مزيد من التصدعات في الجبهة الغربية تجاه الأزمة الأوكرانية.