سانتياغو – (رياليست عربي). تتجه الانتخابات الرئاسية في تشيلي إلى جولة حاسمة في 14 ديسمبر بعد فشل أي مرشح في تجاوز نسبة 50% في الجولة الأولى التي جرت الأحد. ومع فرز 83% من الأصوات، تصدّرت جانيت خارا، وزيرة العمل السابقة والمرشحة اليسارية، بنسبة 26.71%، تليها زعيم اليمين المتشدد خوسيه أنطونيو كاست بنسبة 24.12%، وفقاً لهيئة الانتخابات سرفيل.
الرئيس غابرييل بوريك وصف اليوم بأنه “يوم استثنائي للديمقراطية”، مؤكداً أن النتائج ستُحسم حصراً في الجولة الثانية.
خارا تتقدم رقمياً… وتدخل الجولة الثانية في موقف ضعيف
ورغم تقدّمها الضئيل، فإن خارا تواجه تحدياً كبيراً بعد سرعة توحّد معظم أطياف اليمين خلف كاست، مؤسس حزب الجمهوريين. وشهدت حملة التصويت تحوّلاً واضحاً نحو القضايا الأمنية وسط تزايد جرائم القتل والخطف والابتزاز، وهو تغير لافت في بلد كان يُعتبر من أكثر دول أمريكا اللاتينية أماناً.
وتعهدت خارا، البالغة 51 عاماً، بتعزيز قوات الشرطة وتوسيع أدوات مكافحة الجريمة المنظمة وتخفيف أعباء المعيشة، بينما ركّز كاست (59 عاماً) على الأمن والهجرة، متعهداً ببناء حواجز على الحدود مع بوليفيا للحد من الهجرة غير النظامية، خصوصاً القادمة من فنزويلا.
وحذّرت خارا أنصارها من أن “الخوف لا يجب أن يقود البلاد إلى اقتراحات متطرفة”، في إشارة إلى خطابات كاست وإلى حملاته الأمنية المشددة ذات الطابع المحصّن.
كاست، من جهته، دعا إلى “إعادة بناء تشيلي” بعد “أربع سنوات من أسوأ حكومة في تاريخ البلاد الديمقراطي”، على حدّ تعبيره.
اليمين يوحّد صفوفه
المفاجأة جاءت من الاقتصادي فرانكو باريزي الذي حلّ ثالثاً بنسبة 19.42%، لكنه رفض دعم أي مرشح. بينما أعلن كل من النائب اليميني المتشدد يوهانس كايزر (13.93%) ورئيسة بلدية سانتياغو السابقة إيفلين ماتي (12.70%) دعمهما لكاست فوراً.
وقالت ماتي إن “التدفق غير المسيطر عليه للمهاجرين” يتطلب “تغييراً حاداً في الاتجاه”.
الأمن يطغى على الإصلاحات الاجتماعية
الحملة الانتخابية تمثل تحولاً حاداً عن موجة اليسار التي جاءت ببوريك إلى الحكم عام 2021. فقد تضاعفت نسبة السكان الأجانب إلى 8.8%، وارتفعت المخاوف من شبكات الجريمة العابرة للحدود، خصوصاً تلك المرتبطة بجماعة ترين دي أراوغا الفنزويلية.
ويرى محللون أن الليلة كانت “سيئة جداً لخارا”، خصوصاً أن أصوات المعارضة مجتمعةً تخطت ضعف ما حصلت عليه. ويعتبرها كثيرون مرشحة تاريخية كونها أول شخصية من خلفية شعبية ومن الحزب الشيوعي تصل إلى هذا المستوى من المنافسة منذ عودة الديمقراطية.
أما كاست، الذي كثيراً ما يُقارن بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، فقد دفع بأفكار اليمين المتشدد إلى صدارة المشهد منذ تأسيس حزبه عام 2019، علماً أنه سبق وخسر الجولة الثانية أمام بوريك في 2021.
مشاركة مرتفعة ورهانات سياسية كبرى
شهدت الانتخابات مشاركة مرتفعة بفضل التصويت الإلزامي المفروض على 15.7 مليون ناخب. كما انتخب التشيليون أعضاء الكونغرس، حيث لا يملك اليسار الحاكم الأغلبية. وقد يمنح فوز اليمين في الرئاسة والبرلمان سلطة كاملة للمرة الأولى منذ نهاية دكتاتورية بينوشيه.
ويحظى السباق بمتابعة واسعة في أمريكا اللاتينية، حيث تكبدت الحكومات اليسارية هزائم في الأرجنتين وبوليفيا، بينما يتقدم مرشحو اليمين في استطلاعات كولومبيا وبيرو، ويواجه الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا تحديات متصاعدة وسط الأزمة السياسية الداخلية.






