غيونغجو – (رياليست عربي). قال الرئيس الصيني شي جين بينغ يوم الخميس إن على الصين والولايات المتحدة أن تكونا «شريكين وأصدقاء»، وذلك خلال لقائه مع نظيره الأميركي دونالد ترامب، في محاولة لتخفيف حدة الخلافات التجارية وتصاعد النزاع الجمركي بين البلدين.
وبحسب وسائل الإعلام الرسمية الصينية، استمر الاجتماع نحو ساعة وأربعين دقيقة وانتهى بمصافحة دون تصريحات علنية من أي من الجانبين. ويعد هذا اللقاء الأول وجهًا لوجه بين الزعيمين منذ تولي ترامب ولايته الثانية في يناير الماضي.
وقال ترامب قبل بدء المحادثات للصحفيين: «سنخوض اجتماعًا ناجحًا جدًا»، واصفًا شي بأنه «مفاوض صعب جدًا» لكنه شدد على وجود «علاقة شخصية قوية وطويلة» بينهما. وردًا على سؤال حول احتمال التوصل إلى اتفاق تجاري، أجاب: «قد يكون. سنتوصل إلى تفاهم رائع».
وفي مستهل اللقاء، تبنى شي لهجة تصالحية، مؤكدًا أنه «من الطبيعي أن تحدث احتكاكات بين أكبر اقتصادين في العالم»، لكنه دعا الجانبين إلى «العمل معًا لضمان الإبحار المستقر للسفينة العملاقة للعلاقات الصينية–الأميركية»، وفقًا لبيان وزارة الخارجية الصينية.
وأشاد شي بجهود ترامب في التوسط لحل النزاعات الإقليمية، مشيرًا إلى دور الصين في دعم مفاوضات وقف إطلاق النار في تايلاند وكمبوديا.
هدنة تكتيكية لا اختراق حقيقي
ويرى محللون أن تصريحات شي هدفت إلى تهيئة أجواء بنّاءة أكثر من تحقيق اختراق فوري. وقال تيان تشين شو، كبير الاقتصاديين في وحدة الاستخبارات الاقتصادية، إن «الاجتماع ليس اجتماع سلام بحد ذاته، بل خطوة لتهيئة الظروف لاتفاق لاحق».
وجرت المحادثات وسط تصاعد التوتر بين واشنطن وبكين حول التكنولوجيا والتجارة والأمن. ففي وقت سابق من هذا الشهر، أعلنت بكين قيودًا جديدة على الصادرات، بينما هددت واشنطن بحظر تصدير البرمجيات إلى الصين.
وتسعى الولايات المتحدة إلى الحصول على التزامات من بكين بشأن قضايا متعددة، منها الحد من تهريب الفنتانيل، وفصل تطبيق تيك توك عن شركته الأم بايت دانس، وتقليل الاعتماد على العناصر الأرضية النادرة الصينية.
وفي المقابل، خفضت الصين سقف التوقعات، لكن وكالة رويترز أفادت بأن بكين اشترت هذا الأسبوع أول شحنة من فول الصويا الأميركي منذ أشهر، في إشارة محتملة إلى انفراجة محدودة.
وقال هان شين لين، مدير مكتب الصين في مجموعة آسيا: «اللقاء يبدو أشبه بهدنة تكتيكية منه باختراق استراتيجي. وقف مؤقت للتصعيد أفضل من حرب تجارية مفتوحة».
تصريحات نووية تظلل المحادثات
قبل اللقاء مباشرة، أعلن ترامب عبر منصة Truth Social أنه وجّه وزارة الدفاع الأميركية لإعادة تفعيل اختبارات الأسلحة النووية، مؤكدًا أن بلاده «أكبر قوة نووية في العالم، متقدمة على روسيا والصين».
واعتبر محللون هذه الخطوة محاولة لإظهار القوة والضغط التفاوضي. وقال لين: «كانت خطوة جريئة ومفاجئة — إذا ساعدت في تحقيق مكسب تجاري فستُعد عبقرية، وإن سمّمت الأجواء فسنشهد قممًا أكثر برودة مستقبلًا».
وجاء اللقاء بالتزامن مع زيارة شي إلى كوريا الجنوبية — الأولى منذ 11 عامًا — للمشاركة في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادئ (APEC) في غيونغجو، حيث من المتوقع أن يواصل الزعيمان محادثات غير رسمية مع قادة المنطقة.
وتتابع الأسواق العالمية تطورات اللقاء عن كثب، إذ ارتفعت المؤشرات مطلع الأسبوع على أمل تقارب اقتصادي محتمل بين القوتين العظميين.
وقال كيرتس تشين، الرئيس المشارك لمعهد ميلكن والسفير الأميركي السابق لدى بنك التنمية الآسيوي، إن «العودة إلى الحوار والانخراط — بغض النظر عن النتائج الفورية — ضرورية لاستقرار العلاقات بين الصين والولايات المتحدة». لكنه حذّر في الوقت نفسه من أن «الاجتماعات الكبرى لا قيمة لها ما لم تُتبع بالتنفيذ الجاد والمتسق من الجانبين».






