بكين – (رياليست عربي): أصبحت تداعيات الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، مادة دسمة للمراقبين للشأن الإقليمي وخبراء التحليل السياسي، لما يحمله الاتفاق من أهمية قصوى من شأنه حال نجاح تطبيقه رسم خريطة دبلوماسية جديدة لمنطقة الشرق الأوسط، وربما العالم أجمع نظرا لوجود الصين في القلب منه.
وتحدث الكاتب والمفكر السياسي المصري، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، د. عمرو الشوبكي عن خمسة أبعاد للاتفاق بين البلدين، والتحدي الأبرز الذي يواجهه.
البُعد الأول أن العلاقات الدبلوماسية بين الدول لا تعنى بالضرورة الاتفاق فيما بينها على كل الملفات أو التحالف، إنما تعنى إيجاد طريقة متحضرة لحل الخلافات بعيدًا عن التحريض أو التدخل في شؤونها الداخلية.
أما البُعد الثاني فيتعلق بجدية المسار، فالاتفاق لم يكن مجرد حدث أو فرقعة إعلامية تنتهي بانتهاء التصوير واللقطة، إنما هو نتاج عمل دؤوب وقنوات اتصال بين البلدين، معظمها غير علني، استمرت لعامين، ولعبت فيها بغداد دوراً أساسيّاً فى تقريب وجهات النظر، بجانب سلطنة عمان وروسيا، بما يعنى أن هناك نية لحل، ولو جانب من الملفات العالقة بين البلدين، ولو بشكل تدريجي.
أما البُعد الثالث فيتعلق برسالة الاتفاق إلى العالم العربي والمنطقة، فهو يقوى من فرص عودة العلاقات بين مصر وتركيا على نفس الأرضية السابقة، أي بمعنى أن ذلك لا يعنى اتفاقهما على كل الملفات، إنما اعتبار العلاقات الدبلوماسية وسيلة متحضرة لحل الخلافات بين الدول، ولا تعنى بالضرورة الاتفاق على كل الملفات، إنما يمثل ضمانة ألّا تتحول أي خلافات إلى مواجهات خشنة، كما أنه يوجه رسالة إلى بلدين عربيين شقيقين، وهما الجزائر والمغرب، بعد قطع علاقاتهما الدبلوماسية، رغم ما بينهما من أواصر تاريخية من الأخوة ووشائج قربى، وأن الخلافات الحادثة بينهما أقل بكثير مما كان بين السعودية وإيران.
أما البُعد الرابع فهو رسالة الصين إلى العالم، وخاصة لأمريكا، والتي تقول إنها قوة صاعدة، وتمثل منافساً حقيقيّاً لحضورها الدولي ليس فقط على المستوى التجاري والاقتصادى، إنما أيضًا على المستوى السياسي والدبلوماسي، وهو مجال كان للولايات المتحدة السبق والهيمنة عليه.
أما البُعد الخامس، فهو رسالة تقول إن العالم العربي والشرق الأوسط ليس «قاصراً»، وإن بلاده يمكن أن تتحرك دفاعاً عن مصالحها بشكل مستقل دون استئذان من أحد، حتى لو كان قوة عظمى مثل أميركا، (وحتى لو أخبرتها السعودية للعلم بالمفاوضات).
سيصبح التحدي أمام هذا الاتفاق على أرض الواقع هو تنفيذه بشكل تدريجي، والبداية يجب أن تكون في اليمن ولبنان.